رئيس الوزراء الفلسطيني: ليس لدي أي نزاع في الصلاحيات مع الرئيس عرفات

أحمد قريع لـ «الشرق الاوسط» : المبادرة المصرية هي بمثابة طوق نجاة للشعب الفلسطيني وقيادته

TT

نفى رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع «أبوعلاء» أن يكون التحرك المصري هو بمثابة طوق نجاة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، وقال «العكس تماماً التحرك المصري هو طوق نجاة للفلسطينيين وللقيادة الفلسطينية». ونفى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أثناء زيارته الأخيرة الى القاهرة أن يكون الانسحاب الاسرائيلي من غزة ثمنه توسيع الاستيطان في الضفة، مؤكدا ان الغموض لا يكتنف مستقبل الضفة فقط بل يكتنف الوضع ككل.

واعتبر ان كتائب شهداء الاقصى جزء من حركة فتح، وقال «نحن ملتزمون بها» واضاف «حركة فتح تتحمل مسؤولياتها كاملة وسنعمل على تأمين ثلاث قضايا لهم على قاعدة التزامهم بالبرنامج السياسي». واعتبر ان المقاومة ليست فقط كفاحاً مسلحاً فهناك اشكال كثيرة للمقاومة. ونفى قريع وجود أية خلافات بينه وبين عرفات، وقال «لا أقبل مناقشة قضية الصلاحيات مع أبوعمار وليس لدي أي تنازع في الصلاحيات معه».

* اعتبر البعض المبادرة المصرية بمثابة طوق نجاة لرئيس الحكومة الاسرائيلية شارون الذي يواجه مأزقاً وباعتبار ان دعم مصر للطرح الشاروني الانسحاب الأحادي الجانب يصب في مصلحة الاحتلال ويكرس احتلال الضفة؟

ـ بل العكس من ذلك تماماً فالتحرك المصري هو طوق نجاة للفلسطينيين وللقيادة الفلسطينية، واذا كان الاسرائيليون يواجهون مصاعب داخلية فنحن الفلسطينيين نواجه أزمة حقيقية، شعبنا تحت الحصار والرئيس الفلسطيني محاصر وحرية الحركة للشعب الفلسطيني بأكمله محدودة وهناك عملية تدمير يومي للبنى التحتية وتدمير للمنازل وعمليات اغتيال وقتل، فنحن الذين نعاني من جراء كل هذه الاجراءات غير المحتملة، وليس من الذكاء أن نبقي شعبنا خاضعاً لهذه الظروف المعيشية الصعبة بل يجب ان نبحث عن سبيل لحل قضيتنا ووضع حد للعذاب الذي يعانيه الشعب الفلسطيني يومياً من أجل توفير أدنى السبل الحياتية.

* قال المصريون ان الانسحاب من غزة سيسير بالتوازي أو سيليه انسحاب اسرائيلي من الضفة، لكن لم نسمع من الاسرائيليين مثل هذا الكلام، فما تعليقك؟

ـ الموقفان المصري والفلسطيني معاً يتحدثان عن وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة كوحدة سياسية وجغرافية واحدة ترتبط بممر آمن مسيطر عليه من قبل الفلسطينيين، ولذلك الانسحاب من غزة يسير بالتوازي مع الانسحاب من الضفة وهناك تفكيك وتفريغ لبعض المستوطنات في شمال الضفة الغربية، باختصار ليست هناك صفقة تفاوضنا عليها مع الاسرائيليين حول ذلك، هم قالوا لنا سننسحب ونحن رددنا عليهم مع السلامة نحن لا نقول لهم إبقوا، قالوا لنا سنفكك مستوطنات رددنا عليهم أيضاً مع السلامة، وهكذا.

* لكن مسؤولين اسرائيليين نفوا تماماً قضية الانسحاب من الضفة؟

ـ أبداً سيكون هناك انسحاب من منطقة الشمال، ولقد أعلنوا هم ذلك، أكرر أننا لم نتفاوض على الاطلاق مع الاسرائيليين حول الانسحابات لكن أية أرض سينحسبون منها سنتسلمها وسنديرها وسنتولى كافة مسؤولياتنا السياسية والاقتصادية والأمنية.

* لكن وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز قال انه سيتم نقل المستوطنين الذين تم افراغهم من غزة الى الضفة وسيعملون على توسيع الاستيطان في الضفة؟

ـ نحن لن نقبل ذلك وسنقاومهم كما نقاوم الاستيطان بشكله العام فهذا عدوان غير شرعي على أرضنا نرفضه ولا يمكن أن نقبل به، واذا حدث وتم نقل أية مستوطنة من غزة الى الضفة فإن ذلك سيكون قد تم فقط بقوة الاحتلال، وهذا وضع غير شرعي.

* إذن الانسحاب من غزة سيكون ثمنه غاليا وستدفعه الضفة، ألا ترى ان الرؤية بالنسبة لوضع الضفة ضبابية بل هي غامضة؟

ـ الغموض لا يكتنف وضع الضفة فقط، الغموض على الوضع ككل رغم اعلان اسرائيل عن الانسحاب من غزة، لكن في كل الظروف ستظل مطالباتنا وحقنا قائماً حتى تحقيق جميع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها على الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967، ولن نتوقف عن المطالبة بكافة هذه الحقوق ولن يضع حد لهذا الصراع ولن تحسم المشكلة الفلسطينية إلا بتحقيق جميع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني سواء انسحبوا من 1 في المائة أو 5 في المائة أو 20 في المائة.

* بماذا تبرر إذن مخاوف العاهل الاردني الملك عبد الله من طرح الخيار الاردني؟

ـ أولا الخيار الاردني خيار غير قائم اطلاقاً ولدى الفلسطينيين استراتيجيتهم القائمة على اقامة دولتهم على أرضهم الفلسطينية وهذا أمر محسوم دولياً، ثم ان الفلسطيني متمسك بأرضه لا يهاجر من وطنه، وأثبتت التجربة ان الفلسطيني الذي يعود أكثر من الذي يغادر، ثم ان الرئيس الاميركي بوش رغم وعده لشارون أرسل لي رسالة يؤكد تمسكه بخريطة الطريق وان قضايا مفاوضات الحل النهائي تحسمها المفاوضات.

* اشترطت مصر للتحرك ان تتوقف كافة عمليات العنف ضد المدنيين من الجانبين فهل هناك ضمانات أن تتوقف اسرائيل خاصة انها تعمل الآن على شق خندق مائي على الحدود المصرية وأليس ذلك يعتبر تصعيدا من جانب اسرائيل قد يؤثر سلباً على التحرك المصري؟

ـ دور مصر مهم ومرحب به فلسطينياً بقوة وستقوم بتأهيل وإعادة هيكلة الكوادر الأمنية وستتم التدريبات في غزة وليس صحيحاً مطلقاً ان هذه التدريبات ستتم في العريش، وطالبت اسرائيل بالتوقف عن جميع انتهاكاتها سواء عمليات الاغتيال أو هدم المنازل أو الاجتياح وهدم البنى التحتية، وستقوم الولايات المتحدة الاميركية واللجنة الرباعية للمساعدة بتوفير كل ما يتطلب لإنجاح هذا الجهد.

* ما مستقبل المقاومة في ضوء هذا التحرك المصري، وماذا عن كتائب شهداء الأقصى هل سيتم حلها؟

ـ بالنسبة لكتائب شهداء الأقصى فلقد أعلنا بوضوح أنها جزء من حركة فتح نحن ملزمون بها وحركة فتح تتحمل مسؤولية كاملة ويجب أن نعمل على تأمين ثلاث قضايا لهم على قاعدة التزامهم بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، أولا في إطار حركة فتح حقهم في ممارسة العمل السياسي وهذا حق مكفول لكل عضو، ثانيا العمل على تأمين سلامتهم الشخصية لأنهم مطاردون ومهددون وسنحقق ذلك بالتعاون مع اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي مع الاسرائيليين، ثالثا تأمين حياتهم المعيشية من الجانب الاقتصادي والاجتماعي كأي كادر مناضل في حركة فتح لتوفر لهم سبل المعيشة الكريمة، ولقد تم حسم الجدل بوضوح حول من هم كتائب الأقصى، وليس هناك حل لكتائب شهداء الأقصى، والسؤال هو كيف نحلهم وهم جزء من حركة فتح، سيتم استيعابهم في مؤسسات فتح مثلهم مثل أي فصيل آخر.

* وماذا عن مستقبل المقاومة بشكل عام؟

ـ المقاومة ليست فقط كفاحاً مسلحاً فهي أحد أشكال المقاومة، وما دام هناك احتلال فهناك مقاومة، ولكن يجب أن تتخذ المقاومة أشكالا مختلفة حسب طبيعة المرحلة والظروف، فاذا توفر وجود الأفق السياسي فلابد أن يتغير شكل المقاومة، نريد مقاومة تحقق نتيجة لأنه لم يعد بامكاننا القدرة على دفع الأثمان، نريد مقاومة تتخذ الشكل الذي يحقق نتائج ايجابية ومكاسب لنضالنا الفلسطيني ولقضيتنا بشكل عام.

* إذن في غزة المقاومة والكفاح المسلح مرفوض، لكن هل هذا يعني ان المقاومة، أقصد الكفاح المسلح، في الضفة مطلوب في حال استمر الاحتلال هناك؟

ـ مادام هناك احتلال إذن المقاومة مطلوبة، لكن نقرر ما هو الشكل الذي يتناسب مع المرحلة بدون فوضى وتداخلات.

* هل شكل المقاومة المطلوب منكم في هذه المرحلة هو أن يحقق الأمن لاسرائيل؟

ـ دورنا حماية أنفسنا وحماية شعبنا وحماية قضيتنا.

* من هو المرشح الأكثر حظاً لتولي وزارة الداخلية؟

ـ يوجد حالياً وزير داخلية، ولا أدري حقيقة أن هناك تغييرا في حقيبة الداخلية.

* من الذي سيرأس الأجهزة الأمنية الثلاثة بعد إعادة تنظيمها.. رئيس الوزراء أم وزير الداخلية؟

ـ ليس هناك شيء اسمه رئيس وزراء ووزير الداخلية، هناك مؤسسة فلسطينية وهي السلطة الوطنية ويرأسها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهناك رئيس وزراء وهناك حكومة وهذه هي المؤسسة بكل أنشطتها هي التي تقود العمل الفلسطيني في كافة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بتوحيد الـ12جهازا أمنيا في ثلاثة أجهزة في إطار عمل تنظيمي مطلوب وضروري ولا مناص للمراوحة حوله ولم تعد هناك امكانية لمحاولة الالتفاف عليه، فهناك جهاز للأمن الوطني وجهاز للأمن الداخلي يتولى كل النظام العام، وهناك جهاز للأمن السياسي وهو الذي يضم الاستخبارات، وكل جهاز من هذه الأجهزة يجب أن يرأسه قائد، والقيادات الثلاث مسؤولون أمام جهة يمثلها شخص مرتبط بمجلس الأمن القومي الذي يرأسه الرئيس ياسر عرفات، ورئيس الحكومة هو جزء في مجلس الأمن القومي وتؤخذ القرارات بالتشاور، ليست هناك بدعة ومقولة أعطي صلاحية أو أخذ صلاحية ليس هذا موضوعنا، خريطة الطريق تنص صراحة وبوضوح على توحيد الأجهزة الأمنية الثلاثة ونحن قبلناها والرئيس عرفات قبلها بدون أي تحفظ، واذا كان هناك نظام وتمت إعادة هيكلة قوات الأمن الفلسطينية فليست هناك مشكلة، لذلك لم يعد هناك مجال لتأجيل هذا الموضوع.

* ما صحة ما تردد عن خلافات بينك وبين الرئيس الفلسطيني حول صلاحيات رئيس الحكومة خاصة ان خريطة الطريق التي قبل بها الرئيس عرفات تؤكد منح رئيس الحكومة مزيدا من الصلاحيات؟

ـ أنا لا أقبل مناقشة الصلاحيات وليس لدي أي تنازع في الصلاحيات مع أبوعمار، الرئيس عرفات هو رئيس السلطة ورئيس المنظمة وهو الذي اختارني لهذا الموقع، وأنا أمارس عملي بموجب الصلاحيات المخولة لي قانوناً، ولم يحدث اطلاقاً أي تناقض مع الأخ أبوعمار في هذه المسؤوليات وأرفض بحث عملية الصلاحيات هذه، ولم أبحث معه قضية الصلاحيات بل لقد قلت له صراحة وعلناً إن كل الصلاحيات لك واترك الصلاحيات كما هي، ونحن سنعمل معك وتأكد ان جميع ما سنقوم به لك، وبالتالي لا يوجد أي تنازع صلاحيات مع أبوعمار على الاطلاق، والمسألة ليست قضية الصلاحيات، المسألة هي قضية التنظيم، هل نريد أن ننظم أنفسنا أم لا.

* ما تعليقك على محاولة اقناع عرفات أن يصبح مثل مانديلا؟

ـ مانديلا ليس رئيساً شرفياً وكان يقود النضال في جنوب افريقيا حتى تم اعلان الاستقلال وترأس الدولة المستقلة في جنوب افريقيا، وأبوعمار يقود هذه المسيرة الى أن تعلن الدولة الفلسطينية، ومانديلا اكتسب مكانته ولقبه من تاريخه الذي يعرفه الجميع، وفي النهاية مانديلا هو مانديلا وأبوعمار هو أبوعمار.

* ماهو آخر ما توصلتم إليه في الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني في الداخل؟

ـ استؤنف الحوار مؤخراً مع كافة التنظيمات في غزة وهناك آلية لضمان استمرار الحوار بشكل يومي وان يكون هناك لقاء شهري لمرة واحدة على الأقل، ونأمل ان تنتج عن هذا الحوار وثيقة يتم اعدادها من كافة الفصائل والقوى تتضمن المشاركة وإعادة البناء والموضوع الاقتصادي والأمني وكيفية تحقيقه والقوانين والانتخابات وكافة القضايا التي تتعلق بالانسان الفلسطيني، وفي النهاية تلتقي في القاهرة في حوار تشارك فيه الفصائل من الداخل والخارج لصياغة وثيقة عمل فلسطينية موحدة يتفق عليها الجميع، وأؤكد ان الاجواء مريحة وجيدة بين جميع القوى والحوار مستمر في أجواء إيجابية للغاية.

* ما صحة ما تردد حول خلافات بين رفض الفصائل الفلسطينية حول المبادرة المصرية فهناك معارضة من بعض القوى؟

ـ لقد صدر عن اللقاء الذي تم في غزة وحضره جميع القوى الوطنية والاسلامية ان الجميع يقدر ويثمن الدور المصري ولم اسمع ان هناك فصيلا عارض التحرك المصري ولم يحدث خلاف حول ذلك.

* أثير في مصر أخيراً قضية فساد، وهي التي تتعلق بصفقة الإسمنت التي نقلت لاسرائيل، أطرافها شخصيات محسوبة على السلطة الفلسطينية فما آخر تطورات هذه القضية فلسطينياً في ضوء الاصلاحات ومحاربة رموز الفساد؟

ـ القضية مطروحة حالياً في المجلس التشريعي على عدد من الشركات الفلسطينية التي استوردت اسمنتا مصريا سُرب جزء منه الى اسرائيل من خلال المعابر، وهناك وفد من المجلس التشريعي الذي أجرى تحقيقات في مصر وأحيل التقرير الى النائب العام، وليس هناك أحد محصن، فالقانون هنا هو الفيصل.