«لواء الفلوجة» فريد من نوعه لكنه مازال محط الامل بمعالجة التمرد وتقديم مثال لضبط الأوضاع الأمنية في العراق

TT

اعترف مسؤول عسكري أميركي كبير أول من أمس بأنه كان على وشك التخلي مرات عدة عن جهود قيام قوة أمن عراقية يقودها ضباط عراقيون سابقون بحراسة مدينة الفلوجة، ولكنه قرر أن يبقي عليها عندما أظهرت المجموعة التي تسمى لواء الفلوجة دلائل على انه ربما يحقق نجاحا.

وقال القائد في ملاحظات مقدمة لمساعد وزير الدفاع بول وولفويتز خلال ايجاز في مكاتب قوة الاستطلاع الأولى في قوات مشاة البحرية (المارينز) «كنا مستعدين للتخلي أربع مرات ولكن في كل مرة نسجل خفقة قلب ضعيفة». وعكست ملاحظات القائد خيبة الأمل العميقة في أوساط المسؤولين الأميركيين بشأن الشراكة مع الجنود العراقيين.

وكان لواء الفلوجة قد تأسس الشهر الماضي بعد اسابيع عدة من المعارك بين المتمردين وقوات المارينز المسؤولة عن حماية أمن هذه المنطقة غير المستقرة الواقعة غرب بغداد في المثلث السني. واذ انسحب جنود المارينز الى خارج المدينة فان الوحدة العراقية التي يقودها ضباط كانوا قد خدموا في عهد الرئيس السابق صدام حسين وتضم بعض رجال حرب العصابات أنفسهم ممن خاضوا القتال ضد القوات الأميركية هنا، أعطيت مهمة تحقيق السلام في الفلوجة وتلبية عدد من المطالب الأميركية الأخرى.

وأثنى البعض على طريقة المعالجة هذه باعتبارها نموذجا لجعل الأمن في العراق «مسؤولية مشتركة» كما وصفها الرئيس الاميركي جورج بوش في حينه. ووصفها آخرون بأنها تسوية بائسة جرت بناء على توصية من المسلمين السنة الأعضاء في مجلس الحكم العراقي المنحل حاليا. وكان أولئك الأعضاء يعارضون بقوة الاجراءات العسكرية الأميركية الأكثر تشددا في الفلوجة.

وبينما توقفت الهجمات على المارينز عاد المتمردون الملثمون الى شوارع المدينة. ولم يفشل اللواء في نزع أسلحة المقاتلين المتطرفين فحسب، وانما لم يحقق تقدما يذكر في القاء القبض على المقاتلين الأجانب الذين يتخذون من المدينة ملاذا لهم أو اعتقال قتلة المقاولين الأميركيين الاربعة الذين احرقت جثتا اثنين منهم وجرى التمثيل بهما في مارس (اذار) الماضي. وتشعر السلطات الأميركية بالقلق من أن تبقى الفلوجة ملاذا للنشاط التخريبي والارهابي.

وقال مسؤول كبير في الوفد المرافق لوولفويتز ان «لواء الفلوجة كان قوة للمساعدة على تحقيق وقف اطلاق النار. ويجب أن ينظر اليه باعتباره مؤقتا».

ولكن قادة المارينز، الذين توصلوا عبر المفاوضات الى الاتفاق على تأسيس اللواء، كانوا يعارضون حله، مشيرين الى الافتقار الى البدائل المناسبة.

وقال القائد لوولفويتز «في كل مرة نجتهد فيها ونقترب من قرار الغاء اللواء يحقق خطوة صغيرة الى أمام». واضاف انه ما دام الأمر متواصلا «فاننا مستعدون لاعطاء فرصة».

وقال ضابط كبير في قوات المارينز بين الدلائل المشجعة ان هناك سلسلة من العمليات القتالية خلال الليالي القليلة الماضية حيث اشتبك أفراد من لواء الفلوجة مع متمردين في المدينة.

وفي مقابلة معه قال وولفويتز ان اشارة القائد العسكري الى التخلي عن اللواء لا يقصد منها العودة المحتملة الى الاجراءات العسكرية الأميركية في الفلوجة وانما كنوع من الخطوة غير العسكرية التي يمكن ان تظهر عدم الارتياح الأميركي من اللواء.

وقال وولفويتز «اننا نحرز تقدما. وأعتقد ان ذلك يعتبر أمرا جيدا على الأقل في الوقت الحالي».

وأكد محمد عبد الله محمد الشهواني الذي يقود المخابرات العراقية لوولفويتز خلال لقاء معه في الفلوجة يوم أول من امس أن اللواء سيتحرك لتخليص الفلوجة من المقاتلين الأجانب خلال أسبوعين. وقد نصح بقوة بعدم العودة الى الهجمات العسكرية الأميركية في الفلوجة.

وقال الشهواني بلغة انجليزية ركيكة «اننا ننجح في الفلوجة. أعتقد ان عليهم أن يجعلوا من هذا الحل نموذجا» لمدن عراقية أخرى.

وسأل وولفويتز عما يعرفه الشهواني عن مكان ابو مصعب الزرقاوي، الأردني الذي يحتفظ بأواصر مع «القاعدة» والذي يتهمه المسؤولون الأميركيون بقيادة الهجمات الأخيرة في العراق، بما في ذلك أعمال العنف في الفلوجة. وقال الشهواني ان الزرقاوي لم يعد موجودا في الفلوجة وذكر عددا من المدن الأخرى التي قال ان الأردني قام بزيارتها أخيرا. وقال الشهواني «اليوم سمعنا انه في كركوك». وقال مسؤولون أميركيون انهم يشكون في هذه المعلومات.

ووفقا لمسؤول في الوفد المرافق لوولفويتز كانت القوات الأميركية قد اوشكت على القاء القبض على الزرقاوي قبل حوالي الشهر في بيت آمن غرب العراق كان يستخدم من جانب الأمن العراقي السابق.

واذ تبقى الفلوجة مثيرة للاشكال بالنسبة للسلطات الأميركية قال قادة المارينز انهم اكثر قلقا بشأن تدهور الوضع الأمني في الرمادي، مركز محافظة الأنبار، حيث يجري اغتيال عراقيين على نحو متزايد. وتصور المذابح كجزء من حملة على مستوى البلاد يقوم بها المتمردون لاضعاف عزيمة العراقيين قبل الانتقال المقرر للسلطة المحدودة نهاية الشهر الحالي والتوجه الى الانتخابات العام المقبل.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»