الرأي العام العراقي يؤيد فرض الأحكام العرفية لضبط الوضع الأمني ولكن دون تقييد الحريات وانتهاك حقوق الإنسان

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: يؤكد المسؤولون العراقيون ان فرض الاحكام العرفية، في حال اقراره، سيكون محصورا في المناطق الملتهبة من البلاد ولفترة زمنية محددة، معتبرين ان دوامة العنف المتزايدة تبرر اجراء من هذا النوع، في حين ترتفع اصوات تحذر من تقييد واسع للحريات والعودة الى ممارسات النظام السابق.

ويشدد وزير العدل العراقي مالك دوهان الحسن على ان «اهم معيار سنراعيه في اعلان الاحكام العرفية هو محاولة التوفيق مع الحقوق والحريات»، معتبرا انه «لا يمكن ان نحفظ اساسا حقوق الانسان اذا بقيت معرضة للخطر» بسبب الاعتداءات المتواترة في البلاد.

ويشرح ان التطبيقات العملية لاعلان الاحكام العرفية تتضمن بشكل رئيسي «اختصار الاجراءات القانونية وعدم التقيد ببعض القوانين» المرعية في الظروف العادية.

ويقول ان فرض هذه الاحكام «سيكون محددا بمكان وزمان معينين»، اي انه لن يشمل كل المناطق العراقية ولن يعتمد لمدة مفتوحة مشيرا الى «قانون خاص يصدر في هذا الشأن ويحدد آليات التطبيق بدقة».

ويؤكد القاضي دارا نور الدين العضو في مجلس الحكم السابق هذا التوجه الى حصر فرض الاحكام العرفية في المناطق التي تشهد اضطرابات امنية واسعة النطاق.

ويقول «الوضع الامني المتدهور يتطلب تطبيق حالة الطوارئ في بغداد والمناطق الملتهبة، الا ان ثمة مناطق آمنة لا داعي لتطبيق هذه الاجراءات فيها» مضيفا «تلك حالة مؤقتة وليست حالة دائمة».

ويشرح ان التطبيق العملي لفرض الاحكام العرفية يفترض ان «اي شخص يشتبه في انتمائه الى جماعة ارهابية او قيامه بعمل مخالف للقانون او باعمال او افعال او اقوال تخالف اتجاهات السلطة، بالامكان اجراء التحقيق معه من دون التقيد بقانون اصول المحاكمات الجزائية».

ويقر بان «هذه الاجراءات تحد من حريات المواطن ولكنها في نفس الوقت تستهدف ضمان سلامتهم».

وينطلق التوجه الحكومي في فرض الاحكام العرفية والذي باتت معالمه اكثر وضوحا، من اعتبار ان الدستور العراقي قبل قيام نظام صدام حسين لحظ اساسا امكانية فرض حالة الطوارئ عبر القانون رقم 4 لعام 1965، الذي يحمل توقيع الرئيس العراقي الاسبق عبد السلام عارف.

وينص القانون في مادته الاولى على جواز اعلان حالة الطوارئ «في العراق او في اي منطقة منه» في حال «حدث خطر من غارة عدائية او اعلنت الحرب او قامت حالة حرب او اي حالة تهدد بوقوعها».

كما تطبق حالة الطوارئ «اذا حدث اضطراب خطير في الامن العام او تهديد خطير له» وفي حال «وباء عام او كارثة عامة».

وتنص المادة الثانية من القانون على ان «يكون اعلان حالة الطوارئ وانهاؤها بمرسوم جمهوري بموافقة مجلس الوزراء»، اي من دون تحديد هذه الحالة بفترة زمنية معينة.

ويكون لرئيس الوزراء، بموجب المادة الرابعة من القانون، صلاحية اتخاذ اجراءات واسعة «من دون التقيد باحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية» ومنها «فرض قيود على حرية الاشخاص في الانتقال والمرور والتجول في اماكن معينة او اوقات معينة».

ومن الاجراءات التي يحق له الأمر بتطبيقها ايضا «اعتقال الاشخاص المشتبه في سلوكهم الاجرامي وحجزهم في المحلات المخصصة لذلك او فرض الاقامة الجبرية عليهم» و«الامر بتفتيش الاشخاص والاماكنٍ» و«حظر الدخول في بعض الاماكن حظرا مطلقا او مقيدا».

ومن هذه الاجراءت ايضا «فرض قيود على حرية الاشخاص في الاجتماع وتفريق الاجتماعات والتجمعات» و«حل الجمعيات والنوادي والنقابات اذا ثبت انها تمارس نشاطا من شأنه الاخلال بالامن العام» و«فرض قيود على السفر إلى خارج البلاد او القدوم اليها».

ويثير احتمال تطبيق هذه الاجراءات وما يرافقها من تقييد واسع للحريات، الخشية من التضحية بالحقوق الاساسية للمواطنين تحت مبرر الحاجة الى ضبط الوضع الامني وضمان الاستقرار.

يقول نصير الجادرجي العضو في مجلس الحكم السابق ان «على الحكومة اذا اضطرت الى ان تشرع قانونا للاحكام العرفية ان تطبقه على نطاق ضيق وفي مدة محدودة وان يكون تمديده، اذا وجب الامر، بقرار من البرلمان المنتخب».

ويضيف «البلاد عاشت فترات طويلة تحت الحكم العسكري وحالة الطوارئ ولا نريد ان نعود الى هذه الحقبة».

ويتساءل امين سر نقابة المحامين ضياء السعدي «هل يجوز ان نمنح مؤسسات مدنية عراقية سلطات عسكرية لكي تقوم باعتقالات تعسفية على مثال ما تقوم به قوات الاحتلال حاليا؟».

ويرى ان «بناء دولة القانون لا يكون بتقييد السلطة القانونية واعطاء الاولية للسلطات العسكرية على حساب المؤسسات المدنية».

ويحاول وزير حقوق الانسان العراقي بختيار امين ان يطمئن الى ان التطبيقات التي ستعتمد لحالة الطوارئ في البلاد، في حال تقررت، «لن تكون بالضرورة ضد حقوق الانسان» مشددا في الوقت نفسه على ان «الظروف الامنية في البلاد تستوجب ردا حاسما».

الا ان هذه الدعوات الى ضرورة مراعاة مبادئ حقوق الانسان والحريات الاساسية والتخوف من التضحية بها، لا تلقي حماسا كبيرا لدى البعض، في ظل وضع امني خطير بات يهدد بالانفجار على نطاق واسع.

ويقول يوناديم كنا عضو مجلس الحكم السابق «الحريات الشخصية لا تعني حرية القتل، هل يجوز ان تظل ابوابنا مفتوحة للإرهاب الدولي بحجة الحريات؟».

ويضيف بحزم «نريد ان نحمي البلد قبل اي شيء اخر».