بلدية لوزان السويسرية تعترض على إطلاق اسمها على وثيقة ختامية لمؤتمر «الدولة الواحدة» في فلسطين

TT

يختتم مساء اليوم في جامعة لوزان السويسرية مؤتمر «الدولة الديمقراطية الواحدة في فلسطين ـ اسرائيل» الذي يرعاه «تجمع السلام في فلسطين واسرائيل».

وتصدر عن المؤتمر وثيقة لم يعرف بعد الاسم الذي ستحمله بعد اعتراض بلدية لوزان على اطلاق اسم المدينة عليها حتى لا يمنحها الصفة الرسمية كما حصل بالنسبة لوثيقة جنيف التي اطلقت في ديسمبر (كانون الاول) الماضي تحت رعاية وزارة الخارجية السويسرية. وهدد المجلس البلدي القائمين على المؤتمر باللجوء الى القضاء ان هم فعلوا ذلك. وانتخب المؤتمر امس لجنة من 7 اعضاء من المشاركين لإعداد الصيغة النهائية التي ستصدر عن المؤتمر، تحدد رؤية المؤتمرين لمفهوم الدولة الديمقراطية ووضع آلية متابعة وتنفيذ لفكرة الدولة الواحدة.

وحضر المؤتمر حشد من الشخصيات الاسرائيلية واليهودية المعادية للصهيونية والفلسطينية وعدد من الاكاديميين الاوروبيين والاميركيين والشخصيات العربية لا سيما الليبية. لكن قاطع المؤتمر وبشكل ملحوظ الشخصيات الرسمية الفلسطينية والاسرائيلية حيث وجهت الدعوات لأعداد كبيرة من اعضاء الكنيست والمجلس التشريعي الفلسطيني لكن ايا منهم لم يشارك. لكن يشار الى ان صلاح صلاح عضو المجلسين المركزي والوطني في منظمة التحرير الفلسطينية وهو من قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كان من ابرز المشاركين الفلسطينيين.

وتركزت مناقشات امس على المخاوف القضايا الخلافية التي قد تعرقل خروج هذه الرؤية الى حيز الوجود. ومن هذه القضايا المخاوف المتبادلة وانعدام فرص اقامة السلام ومشاكل الاحتلال وعقدة التفوق الاسرائيلي، التي خاض فيها الأكاديمي اليهود الكندي دان بروشتاين، والكاتب الاسرائيلي اسرائيل شامير، والاكاديمية الفلسطينية من القدس سماح جبر، ورامي عدوان، نجل القائد الفلسطيني كمال عدوان الذي اغتالته اسرائيل في حي فردان في بيروت في ابريل (نيسان) 1973.

وظهر امام قاعة المؤتمر امس كتيب «الكتاب الابيض اسراطين» للزعيم الليبي معمر القذافي بعدد من اللغات بما في ذلك العربية والعبرية الذي يروج فيه الزعيم الليبي لفكرة الدولة الواحدة. وكان المؤتمر قد افتتح اول من امس، وجرت جلسات اليومين الاول والثاني في اجواء من الهدوء رغم اللافتات التي علقت داخل الجامعة والمنشورات التي وزعها عدد من الطلبة تدعو الجامعة الى الغاء المؤتمر بحجة حضور بعض المعادين للسامية.

وافتتح المؤتمر الدكتور سامي الديب استاذ القانون في جامعة لوزان والمبادر لفكرة المؤتمر والتجمع من اجل السلام بالاشارة الى المصادفة التاريخية لانعقاد المؤتمر بعد مائة عام على انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول في ذات البلد سويسرا.

وقال ديب انه «لمن قبيل الصدف ان يلتقي اليوم عدد من الفلسطينيين والاسرائيليين لاعادة الاعتبار لفكرة نبيلة وهي اقامة دولة ديمقراطية واحدة على أرض فلسطين التاريخية من دون اعتبار للدين أو الجنس أو المعتقد». واضاف «ان هذا الحل قد يعد مجنونا وغير واقعي في مثل هذه الظروف، لكن الأهمية تكمن في ان الأفكار التي نتداولها لم تعد مبادرة افراد وانما جماعات ثؤمن بأن المخرج الوحيد الانساني هو بدولة ديمقراطية واحدة». واشار ديب الى الضغوطات التي تعرض لها المؤتمر من جهات داخلية وخارجية لالغاء المؤتمر من دون ان يسمي تلك الجهات. غير انه علم ان بلدية لوزان مارست ضغوطا حتى لا يخرج عن هذا المؤتمر وثيقة تحمل اسم المدينة. وعلم من مصادر وثيقة في المؤتمر ان اسرائيل مارست من جانبها ضغوطا لمنع انطلاقة المؤتمر. وكان المتحدث الرئيسي الأول في جلسة الافتتاح الصباحية يعقوب رابكين، استاذ التاريخ في جامعة مونتريال بكندا، حيث قدم خلاصة اعماله النقدية كيهودي ضد الحركة الصهيونية. واشار الى ان هذا التعارض بين اليهودية والصهيونية قديم قدم نشوء الحركة ومحاولاتها استغلال الدين لأهدافها السياسية، مذكرا بأقوال الباحث اليهودي ميرون بنفنستي، نائب رئيس بلدية القدس السابق، الذي تحدث عن نهاية دولة اسرائيل الصهيونية بعد تسعة عشر عاما على قيامها اي بعد الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967 ، حيث نشأت دولة ثنائية القومية فعليا على الارض.

وقدم الأكاديمي الفلسطيني، محمود موسى، مداخلة حول الاساس الموضوعي والتاريخي لفكرة الدولة الديمقراطية الواحدة وذلك باستعراض النضالات المشتركة للعمال اليهود والعرب ضد ارباب العمل منذ عشرينات القرن الماضي، رغم كل احداث الثورة والعنف التي وقعت بين اليهود والعرب. واضاف موسى ان «على العرب اقناع اليهود بأنهم لن يكونوا اقلية في اسرائيل، كما ان على اليهود اقناع الفلسطينيين بأنهم لن يكونوا مضطهدين في وطنهم». وفي رده خلال مؤتمر صحافي لاحق عن الاسم الذي يمكن ان يطلق على هذه الدولة قال موسى «بما اننا عرب ويهود من نسل ابراهيم، فلنطلق على هذه الدولة اسم الدولة الابراهيمية».

ورفض اسرائيل شامير تهمة معاداة السامية التي حاول البعض الصاقها به، داعيا الى ان يتوقف اليهود عن الشعور بأنهم متفوقون على غيرهم من الأمم، موضحا ان معاداة السامية هي اختراع الآلة الاعلامية الصهيونية، وهي فكرة لم توجد اصلا في التاريخ، واصفا اياها بالنبتة الشيطانية، ودعا شامير الى تحرير اوروبا واميركا من دمغة الخوف من معاداة السامية لأنها غير حقيقية.