إيران تطلق سراح البحارة البريطانيين والحرس الثوري ينفي شبهة التجسس عنهم

سترو: الأزمة أكدت أن الحوار مع طهران أفضل والتفاوض مستمر لاستعادة الزوارق والمعدات البريطانية

TT

اطلقت ايران سراح ثمانية بحارة بريطانيين بعد ثلاثة أيام من احتجاز الحرس الثوري الايراني لهم، لينتهي بذلك خلاف دبلوماسي هدد باثارة التوترات بين البلدين، وتسلم دبلوماسيون بريطانيون البحارة واستقلوا طائرة معهم الى طهران حيث وصلوا الى السفارة البريطانية هناك، وفيما اعرب وزير الخارجية البريطاني جاك سترو عن سعادته لانتهاء الازمة، قائلا انها تؤكد ان الحوار مع طهران هو الطريقة الافضل للتعامل معها، كشف ان استعادة زوارق البحارة ومعداتهم لا تزال محل مناقشات، فيما نفت مصادر من الحرس الثورى الايراني قيام البحارة بالتجسس على طهران. وافاد مصدر دبلوماسي بريطاني ان الجنود البريطانيين الثمانية الذين اعتقلوا الاثنين في شط العرب على الحدود مع العراق وصلوا الى طهران مع الدبلوماسيين الذين تسلموهم قبل ظهر امس من القوات الايرانية. وقال دبلوماسي بريطاني بعد وصول الطائرة قادمة من جنوب غربي ايران «انهم بحمايتنا، نحن الان في طهران»، ومن المقرر ان يستقلوا في وقت لاحق لم يحدد طائرة من طهران الى لندن.

الى ذلك، انخرط الدبلوماسيون الايرانيون والبريطانيون في مفاوضات مكثفة لحل قضية استعادة الزوارق ومعدات البحارة وهي مسألة ظلت دون حل حتى امس، وقال وزير الخارجية البريطانية جاك سترو ان استعادة زوارق البحارة ومعداتهم من ايران لا تزال محل نقاش. وتابع «هذه قضية اخرى ومحل مناقشات اخرى». وأوضح سترو بعد انباء تسلم دبلوماسيين بريطانيين للبحارة «لا أشك مطلقا في ان سياسة الحوار مع حكومة ايران ومع الجمهورية الاسلامية الايرانية هي التوجه الامثل». وحرص وزير الخارجية البريطاني في التصريحات التي ادلى بها للصحافيين من امام مكتب رئيس الوزراء توني بلير في داونينج ستريت امس على ان تكون نغمته مهادنة وتفادى التعليق على صور المحتجزين البريطانيين التي عرضها تلفزيون العالم الايراني الناطق بالعربية واظهرت البحارة وهم معصوبو الاعين ويدفعون للسير اثناء اعتقالهم. وقد اغضبت هذه الصور الرأي العام البريطاني.

وقال سترو عن عودتهم المرتقبة الى لندن «بالقطع انا سعيد واعرف ان اسرهم وزملاءهم في البحرية سعداء ايضا. واود ان اشكر زميلي وزير الخارجية الايراني كمال خرازي على المساعدة التي قدمها». واضاف «هذه الامور تأخذ وقتا. كنا نأمل ان يستغرق الامر وقتا اقل. لكن يمكننا الان على الاقل ان نسر لانهم سعداء ومطلقو السراح. ابلغت انهم بحالة معنوية عالية ولقوا رعاية كبيرة». تابع «عملنا جاهدين على مستوى العلاقات الدبلوماسية مع ايران... وفي بعض الاحيان تتعقد العلاقات». ومن ناحيته، اعلن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان الجنود البريطانيين الثمانية «سيعودون على الارجح الى قاعدتهم في العراق». وقال المتحدث في مؤتمر صحافي «اعتقد انهم سيعودون على الارجح الى قاعدتهم في العراق»، لكنه اوضح ان القرار النهائي حول هذه النقطة سيعود لوزارة الدفاع البريطانية. وحول احتمال اطلاق ملاحقات او انزال عقوبات تأديبية بحق الجنود الثمانية، رفض المتحدث الرد مباشرة، مكتفيا بالقول ان اولئك الرجال «سيخضعون بالتأكيد لاستجواب». وبعد ان عبر عن «سعادته لتسوية هذا الحادث دبلوماسيا»، رفض الربط بين هذه المشكلة والتوتر الحالي بين طهران ولندن حول موضوع القدرات النووية الايرانية قائلا ان «المسائل الاخرى يجب ان تطرح على حدة».

ومن ناحيته، نفى مسعود جزائري المتحدث باسم الحرس الثوري المزاعم حول قيام البحارة البريطانيين بالتجسس علي ايران. وقال «لو كانت هذه هي الحقيقة لكان رد فعل ايران مختلفا»، مضيفا أن المعدات المصادرة هي معدات معتادة بالنسبة للدوريات النهرية في ممر شط العرب المائي على الحدود الايرانية العراقية.

وجاءت تصريحات جزائري ردا على اتهامات روجتها الصحف المحافظة حول قيام البحارة بالتجسس. وتساءلت صحيفة جمهوري اسلامي المحافظة امس «ما الداعي للعجلة في اطلاق سراح الجواسيس البريطانيين». وأضافت في مقالها الافتتاحي «كانت لديهم معدات تجسس كاملة بما في ذلك خرائط تفصيلية ونظارات للرؤية الليلية وبنادق الية ومتقدمة وكذلك انظمة ملاحة حديثة». وأصرت الصحيفة على أن السبب الذي جعل بريطانيا تحتج على المقابلتين اللتين عرضتا في التلفزيون الحكومي مع اثنين من المحتجزين هو أنهما جواسيس كشف عن هويتهما.

وشككت حتى الصحف المعتدلة فيما اذا كانت هذه الواقعة نتيجة خطأ غير مقصود. وقال صحيفة «فارهانج اشتي» اليومية ان «الخرائط ومعدات الملاحة للبحارة البريطانيين تستبعد احتمال ضلال الطريق». ولم يزعم مقال هذه الصحيفة احتمال التجسس ولكنه لمح الى أن سلسلة من القوارب التي تسللت الى المياه الايرانية كانت تختبر مؤخرا مدى اصرار الجمهورية الاسلامية على الدفاع عن سيادتها. وأضافت «ومما يضاعف هذه المخاوف عودة بريطانيا أقدم قوة استعمارية في الشرق الاوسط الى المنطقة». كما ذكرت صحيفة «اعتماد» الاصلاحية أن الولايات المتحدة وبريطانيا ترغبان في استدراج ايران الى مغامرات عسكرية لتبرير وجود القوى الغربية في الخليج. وقد لوحت مجموعة صغيرة من المحتجين في مطار طهران بلافتات تدعو الى تقديم الرجال الى المحاكمة. واحتجزت طهران البحارة البريطانيين في اقليم خوزستان في جنوب غربي ايران بعد القبض عليهم في شط العرب وهو ممر مائي على امتداد الحدود الايرانية العراقية. وزار دبلوماسيون البحارة اول من امس وقالوا انهم يعاملون معاملة جيدة، غير ان احتجازهم اثار غضب لندن التي اكدت ان البحارة لم يفعلوا اي شيء غير معتاد، وان اعتقالهم والتهديد بمحاكمتهم غير مفهوم. وكانت مصادر من الحرس الثوري الايراني قد ذكرت ان اعتقال طهران للبحارة يأتي فى اطار سعي الحكومة الايرانية الضغط على بريطانيا لاطلاق سراح نحو 40 ايرانيا اعتقلوا اثر تسللهم للاراضي العراقية لقتال قوات التحالف، واوضحت المصادر ان القوات الاوكرانية اعتقلتهم وسلمتهم للبريطانيين وان المفاوضات بين طهران ولندن لاطلاق سراح الايرانيين لم تسفر عن شيء.