تكهنات التغيير بمصر تشمل منح رئيس الحكومة الجديد «صلاحيات واسعة» وتعديلات «درامية» في قادة الحزب الحاكم

مبارك يطمئن المصريين في مقابلة تلفزيونية من المستشفى وشارون اتصل به متمنيا له الصحة

TT

في مشهد لم يتعود المصريون أن يروا رئيسهم فيه، خاطب الرئيس المصري حسني مبارك الشعب المصري من غرفته بالمستشفى في ألمانيا مرتديا ملابس النوم. وأكد في اتصال مباشر بثه التلفزيون المصري في وقت متأخر مساء أول من أمس أنه «يدير العمل من ألمانيا إلى حد ما». ويأتي ذلك في وقت تشير فيه التكهنات إلى أن حركة التغيير المرتقبة في مصر سوف تطال الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بتعديلات «درامية». ورجحت أن يحصل رئيس الوزراء الجديد علي صلاحيات واسعة.

وقد امتدح الرئيس مبارك، في حديثه من ألمانيا، أيضا حكومة الدكتور عاطف عبيد قائلا إنها «تقوم بأعمالها هي الأخرى». وأضاف «إذا كانت هناك حاجة لشيء فأنني أتحدث معهم وليس هناك مشكلة من هذه الناحية على الإطلاق».

وخلال الاتصال الذي كان قصيرا، وجه مبارك الشكر إلى كل المهتمين بصحته، مشيرا إلى أنه يخضع لعلاج يومي وجلسات للعلاج الطبيعي. ووصف أطباءه المعالجين بأنهم «ممتازون». وقال إنهم «لن يجروا له جراحة في الفقرات إلا بعد التأكد من أن العلاج الطبيعي لم يثمر».

وحرص الرئيس المصري على تأكيد أن العلاج «يستغرق بعض الوقت لكنه ليس طويلا». وأضاف «إذا تقرر إجراء الجراحة فسيكون ذلك خلال فترة قريبة». وأكد أنه سيعود إلى مصر بعد انتهاء العلاج أو الجراحة «لاستكمال المشوار». وجريا على عادته في الممازحة قال مبارك: «أنتم لا تفوتون شيئا، كأنني في إجازة أسبوع. فل ابد من الراحة لفترة». واعتبر أن فترة علاجه هي فرصة للاستجمام.

من ناحية أخرى، اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون هاتفيا بالرئيس المصري صباح أمس. وقال مكتب شارون إنه أعرب عن تمنياته لمبارك «بسرعة الشفاء وبالصحة الجيدة».

داخليا، لمح سمير رجب رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية»، المقرب من مؤسسة الرئاسة المصرية، إلى أن «التغيير الذي بدأ باختيار وزير الإعلام صفوت الشريف لرئاسة مجلس الشورى لن يتوقف». وقال في مقال صحافي أمس إن التغيير «سيصل إلى المجلس النيابي الأول ( مجلس الشعب ) في مصر». ومن المتوقع أن يتم تغيير رئيس البرلمان في بداية الدورة البرلمانية بعد الانتخابات العامة نهاية العام القادم.

وتعزيزا لتكهنات التغيير الشامل، قال جلال دويدار رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» شبه الرسمية، إن التغييرات «ستكون شاملة وعميقة وسوف يمنح الرئيس مبارك رئيس وزرائه الجديد سلطات واسعة تسمح بعدم وجود مراكز قوى داخل الحكومة».

وعلى وقع التغيير أيضا، ترى مصادر واسعة الاطلاع داخل الحزب الوطني الحاكم أن مصر مقبلة على صيف ساخن للغاية سيبدأ بتشكيل الحكومة الجديدة عقب عودة الرئيس مبارك من رحلة العلاج بألمانيا. وقالت إنه بات مرجحا اختيار أمين عام جديد للحزب الحاكم بديلا عن صفوت الشريف. إلى ذلك، انتخب مجلس الشورى أمس صفوت الشريف رئيسا بعد حصوله على 241 صوتا من اجمالي عدد اصوات المجلس الصحيحة وعددها 244. بينما حصل منافسه رئيس حزب التكافل أسامة شلتوت على 3 أصوات.

وبعد التصويت، أكد الشريف احترامه الكامل لقيم مجلس الشورى القائمة على الحوار وحرية ابداء الرأي والاستماع والإنصات للرأى الآخر. وأعرب عن أمله في أن يمارس مسؤولياته بتعاون ومساندة من الأغلبية والمعارضة والمستقلين.

من جانبه، قدم الشريف استقالته أمس كوزير للإعلام إلى الرئيس حسني مبارك. غير أنه لم يستقل من منصبه كأمين عام للحزب الوطني الحاكم. وقالت وكالة رويترز إن الشريف قد وجه خطاب الاستقالة إلى مجلس الوزراء ولكنه خاطب فيه الرئيس مبارك قائلا : «قبل أن أتولى موقعى الجديد (كرئيس لمجلس الشورى) فإنني أضع استقالتي كوزير للإعلام تحت أمر سيادتكم».

ومن ناحيته، صرح الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء للصحافيين بأن الرئيس قبل استقالة الشريف. وقال إن الدكتور فاروق حسني وزير الثقافة سوف «يصبح مسؤولا عن وزارة الإعلام».

ونقلت رويترز عن بعض المحللين توقعهم بأن تولي الشريف رئاسة مجلس الشورى لا يعني بالضرورة أنه سيتم تهميشه لأنه سوف يسيطر علي لجنة شؤون الأحزاب التي لها صلاحية الاعتراض علي تشكيل أحزاب سياسية جديدة.

وعلى صعيد آخر، نفى حزب التجمع اليساري المصري أمس استئناف الحوار الوطني بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة المصرية. وقال في بيان أصدره أمس عقب اجتماع مكتبه السياسي إن ما أعلنه الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف عن عرض نتائج الحوار على المؤتمر العام للحزب الحاكم وعن إجراء حوار سري مع الأحزاب بعيداً عن الاعلام هو أمر غير صحيح.

وأشار بيان التجمع الى أنه عندما قبل الحوار مع الحزب الوطني، أصدر بياناً طالب فيه بعلانية الحوار ليكون الرأي العام طرفاً فيه ليعرف الناس مواقف الأحزاب ويمارسون الضغوط والرقابة.

واعتبر الحزب أن الحوار الوطني لم يبدأ بعد حتى تكون له نتائج، مشيراً إلى أن الزعيم التاريخي للحزب خالد محيي الدين ورئيسه رفعت السعيد حضرا لقاء تمهيدياً مع الأمين العام وأمين التنظيم للحزب الحاكم انتهى بوعد لبدء أعمال الحوار بين الأحزاب. وتوقف الأمر عند ذلك باستثناء لقاءات عابرة وغير مرتب لها. وأشار بيان الحزب اليساري إلى استثناء واحد هو لقاء مرتب له تناول بشكل عام موضوعات الحوار واتفق في نهايته على أنه كان مجرد جلسة مشاورات.