الحريري يكرر التلميح إلى استحالة التعايش مع لحود والسجالات حول التمديد تتوالى

TT

لم تسقط في لبنان بعد «الهدنة» بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، لكن «الاختلافات» بينهما بدأت تحضر بقوة في الساحة السياسية وسلاحها الرئيسي استحضار ملف تمديد او تجديد ولاية رئيس الجمهورية وتعديل الدستور للوصول الى هذه الغاية.

وكرر امس الحريري تلميحه الى استحالة التعايش مع الرئيس لحود، عندما اكد ضرورة قيام «حكم متجانس» للخروج من الازمة الاقتصادية. وفي التوقيت نفسه تقريباً كان نائبان معروف عنهما تأييدهما القوي للحريري من دون ان يكونا في كتلته النيابية يهاجمان «النيات التمديدية» لرئيس الجمهورية. وكان اللافت في هذا الاطار ان النائبين عضوان في كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب وليد جنبلاط الذي تردد انه سيعطي أعضاء كتلته الحرية في تأييد او معارضة التعديل الدستوري.

وقال الحريري، خلال افتتاحه امس مؤتمر الاستثمار واسواق رأس المال العربية في بيروت: «معروف ان مشكلتنا الاساسية هي تنامي الدين العام وخدمة هذا الدين. ومعروف ايضاً ان الحلول ليست سحرية، وانما تحتاج الى ارادة سياسية واضحة وحكم متجانس يعمل يداً واحدة لتنفيذ البرامج المتوافق عليها من خصخصة وتسنيد».

وقالت اوساط معارضة لرئيس الحكومة انه ابلغ عضو «لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض النائب فارس سعيد معارضته لتعديل المادة 49 من الدستور التي تنص على عدم جواز تجديد او تمديد ولاية رئيس الجمهورية، وانه ـ أي الحريري ـ سوف يطالب بتعديلات اخرى اذا طرح موضوع تعديل هذه المادة، منها موضوع المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب.

وقد نفى النائب سعيد بشدة ان يكون دار مثل هذا الحوار بينه وبين الحريري. الا انه قال لـ«الشرق الأوسط» ان الحريري رد عليه «بهذا المعنى» خلال احدى جلسات مجلس النواب، لكنه لم يثر هذا الموضوع خلال لقائهما الاخير.

وكان سعيد كرَّر امس قوله ان «لا امكانية لتجديد او تمديد ولاية الرئيس لحود» مشدداً على ضرورة الاتيان برئيس جديد «بغض النظر عن شخصية الرئيس لحود».

وقال سعيد في حديث لتلفزيون «المؤسسة اللبنانية للارسال»LBCI) ) «ان لبنان يحتاج ليس الى تغيير شكلي فقط بل الى تغيير نهج. يحتاج الى بناء دولة سليمة بعيدة عن الفساد»، معتبراً انه «لمصلحة الرئيس اميل لحود ومصلحة لبنان ومصلحة الدستور يجب ان لا يحصل تعديل دستوري».

وشدد على ان «أي مس بالدستور يستوجب وفاقاً وطنياً عاماً». وقال: «أنا خائف من ان يكون (طرح التعديل) مناسبة لاستنفارات معينة. والمتضررون من تعديلات هذه المادة مسيحيون ومسلمون. أنا خائف من ان ندخل في دوامة مكلفة جدا».

وقد نفى الوزير والنائب السابق عصام نعمان بشدة لـ«الشرق الأوسط» وجود مشروع «سلة تعديلات دستورية» يعدها بتكليف من رئيس الحكومة السابق سليم الحص. واستغرب «التفسيرات» التي اعطيت لمقال نشره منذ نحو اسبوعين. كما استغرب «الانتظار كل هذا الوقت لاثارة الموضوع»، مشيراً الى وجود «خطة مدروسة، على ما يبدو، لاستخدام الرأي الذي أدليت به (في المقال) في اطار السجالات القائمة بين اطراف الحكم». واكد نعمان ان ما ورد في مقاله ليس مشروعاً ولم يكلفه به احد، وانه «مجرد آراء» أدلى بها في اكثر من مناسبة حول الثغرات في اتفاق الطائف الذي اصبح دستور البلاد وكيفية سد هذه الثغرات، معتبراً ان المقال «غير مرتبط بأي مناسبة ويمكن تطبيقه في أي وقت».

كذلك لم يمر كلام قاله اول من امس نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر القريب من رئيس الجمهورية، عن تأييده لتمديد ولاية لحود مرور الكرام، اذ رد عليه امس النائب باسم السبع، القريب من الحريري، بعنف واصفاً اياه المر بأنه «المرشد الأعلى لاصول التمديد في العهد العتيد». وقال: «ما لفتني في كلام دولة الرئيس ميشال المر عن بشرى الى اللبنانيين تتعلق بامكان اتخاذ قرار التمديد في سبتمبر (أيلول) المقبل وبكل اطياف السواد وبكل الوان السواد هذا نوع من انواع اسقاط الرأي على اللبنانيين بكل فئاتهم السياسية. وهو امر بالتأكيد يتناقض مع الحد الادنى من اصول العمل الديمقراطي».

وتطرق السبع الى «النقاشات الجارية حول امكانية اعداد رزمة من التعديلات الدستورية او سلة من التعديلات الدستورية هي في رأيي شكل من اشكال التحايل على الدستور ومحاولة للنفاذ الى تمديد او تجديد ولاية رئيس الجمهورية بطرق ملتوية وغير دستورية». وتحدث عن «المناخ السائد عن حتمية استمرار الصمت السياسي تجاه مسألة الاستحقاق الرئاسي. وهو صمت قاتل للحياة السياسية وللحياة الديمقراطية في لبنان». ودعا المعنيين الى «حماية النظام الديمقراطي في لبنان بأن يدلوا برأيهم في هذا الاستحقاق، لأنه لا يجوز على الاطلاق ان يبقى هذا الاستحقاق رهينة للصمت السياسي او اسيراً في معتقلات الصمت السياسي في لبنان» مطالباً باجراء «مناقشة حقيقية في البلاد على قاعدة النعم واللا».

واستغرب النائب انطوان اندراوس القريب من الحريري «كيف ان رئيس الجمهورية يكرر انه لا يطلب شيئاً في حين يعمل فريقه بشراسة ليلاً ونهاراً للتمديد». وقال: «ان الاستحقاق الرئاسي دخل في بازار سياسي بحيث تتوالى حفلات الزجل من خلال لوبي تمديدي يسوِّق هذا الخيار ويعمل له من دون كلل او ملل. بينما نسمع ان رئيس الجمهورية لم يطلب شيئاً لنفسه. وفي الوقت عينه يريد ويحصل على كل شيء ولا يعمل على كل شيء، ما يدعو الى الاستهجان والاستغراب في آن واحد»..