مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» : رسالة علاوي إلى الأطلسي ليست في محلها وباريس ترفض التزامات محددة للحلف في العراق

TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر فرنسية واسعة الاطلاع ان امين عام الحلف الاطلسي جاب دو هوب شيفر ارسل مساء اول من امس، مذكرة الى الدول الاعضاء في الحلف هي عبارة عن مسودة قرار بخصوص دور الحلف في العراق. وتأتي بادرة المسؤول الاطلسي قبل اربعة ايام على قمة الحلف التي ستنعقد في اسطنبول يومي 28 و29 يونيو (حزيران) الحالي وبعد يومين على رسالة تلقاها شيفر من رئيس الحكومة العراقية المؤقتة اياد علاوي، يطلب فيها مساعدة الاطلسي لتدريب وتأهيل القوات العراقية.

وتتضمن رسالة شيفر التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» على بندين مهمين; ينص اولهما على ان الحلف الاطلسي «يقرر الاستجابة للطلب العراقي بالمساعدة على تأهيل القوات العراقية ويطلب من سفراء الدول الاعضاء في المنظمة دراسة كيفية وضع هذا القرار موضع التنفيذ». وينص البند الثاني على ان الحلف «بصدد التفكير في الاشكال الاضافية للمساعدة» التي يمكن ان يوفرها للعراق.

وتقول المصادر الفرنسية ان باريس التي رفضت «دورا عسكريا» للحلف الاطلسي في العراق وهو ما عبر عنه الرئيس جاك شيراك خلال قمة الدول الصناعية الاخيرة في سي آيلاند «لا تريد في الوقت الراهن قبول التزامات محددة ودقيقة من جانب الاطلسي في العراق». وتضيف هذه المصادر ان باريس «ترفض الصياغة التي بلورها امين عام الحلف»، وهي بالتالي «لا يمكن ان تقبل الا بصياغة عامة تؤجل الى مرحلة لاحقة اتخاذ قرارات محددة بشأن العراق. غير ان باريس، في الوقت عينه، «لا ترغب، على حد تعبير مصادرها، بإثارة ازمة دبلوماسية» مع الرئيس الاميركي جورج بوش. لكنها في الوقت عينه تعي ضعف مواقع الرئيس الاميركي وتعي ان مصلحته السياسية تكمن، من جهته، في الايحاء بان الحلف الاطلسي «ضالع» بدور في العراق مما يمكنه من استغلال ذلك في معركته السياسية الداخلية وخاصة في السباق الرئاسي. وترى هذه المصادر ان بوش لا يمكنه المغامرة بحصول انقسام او اندلاع حرب دبلوماسية داخل الاطلسي بشأن العراق في حين ان الغاية هي «صورة او فقرة» يمكن استخدامها سياسيا وليس لتقديم مساعدة مادية حقيقية في مجال تدريب القوات العراقية. ولذا، تلاحظ المصادر الفرنسية، ان صياغة الفقرات المتعلقة بالعراق «ترتدي اهمية خاصة، اذ يجب ان تعطي الفرصة لبوش للقول بانه حصل على ما يريد»، وان توفر للرئيس شيراك تأكيد انه «لم يتنازل عن اي شيء»، وانه «لم يخضع للضغوطات الاميركية» بخصوص رفض ان يلعب الاطلسي دورا اساسيا في العراق. وتستبعد المصادر الفرنسية ان تسفر قمة الاطلسي عن «قرارات عملانية» حول العراق، ولكنها قد تقدم تأكيدا «مبدئيا» لإمكانية ان يلعب الاطلسي دورا في العراق «في المستقبل» من غير تحديد ماهية هذا الدور.

وتعتبر المصادر الفرنسية ان رسالة علاوي الى الاطلسي «جاءت في غير مكانها» ومن شأنها «تأكيد صورة تبعية حكومته للولايات المتحدة الاميركية بينما ما تحتاج اليه حقيقة، هو اظهار استقلاليتها وقدرتها على الابتعاد عن واشنطن من اجل ان تكسب بعض المصداقية لدى الرأي العام العراقي والعربي». وتستطرد المصادر الفرنسية قائلة ان فكرة الاستعانة بالاطلسي، الذي يعاني من صورة سلبية في العراق والعالم العربي، هي «فكرة سيئة» واثرها النفسي «لا يصب في مصلحة الحكومة العراقية لأنه سيظهرها بمظهر الساعي الى استمرار الاحتماء تحت الجناح الاميركي». وتساءلت المصادر الفرنسية عن «المهارة» المتمثلة بإرسال علاوي رسالة الى الاطلسي قبل نقل السلطة والسيادة رسميا الى هذه الحكومة. وتذهب باريس الى حد اعتبار الطلب العراقي مخالفا لروحية القرار الدولي الاخير رقم 1546 الذي وان وافق على تحول قوات الاحتلال الاميركية الى قوة متعددة الجنسيات تعمل بانتداب دولي فان فلسفته تقوم على المساعدة على استعادة العراق بالتدريج سيادته واستقلاله. ولذا فان طلب المساعدة من الاطلسي لا يصب في هذا الاتجاه.

وتخلص المصادر الفرنسية الى القول ان باريس «ستكون مستعدة للنظر بدور للحلف الاطلسي في العراق اذا جاء هذا الطلب من حكومة عراقية شرعية تكون نتيجة لانتخابات عامة بحيث يكون طلب مساعدة الاطلسي تعبيرا عن مطلب عراقي» وليس شيئا مفروضا من الخارج. وتشدد المصادر الفرنسية على ان «الحل في العراق هو سياسي واللجوء الى الاطلسي يمكن ان يشيع نتائج تسير في عكس هذا الاتجاه».