البيت الأبيض يهدد إيران ببحث فرض عقوبات دولية عليها ورامسفيلد يتهمها وسورية «بنشر الإرهاب» في الشرق الأوسط

روحاني: الضغوط الدولية علينا قد تزداد «لكن هذا لا يهم» وسياساتنا النووية لم تتغير

TT

أعلن البيت الأبيض ان اعلان ايران استئناف انتاج اجهزة الطرد المركزي يمكن ان يدفع المجتمع الدولي الى بحث رفع الملف النووي الايراني الي مجلس الأمن الدولي للنظر في فرض عقوبات دولية عليها. وقال سكوت مكليلان المتحدث باسم البيت الأبيض للصحافيين امس «يتعين ان تلبي ايران تماما التزاماتها الدولية». وأضاف «أعربت واشنطن عن قلقها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيال الحاجة لبحث احالة الملف الايراني الى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأعتقد ان قرار طهران الاخير ربما يقنع الاخرين بضرورة بحث هذه الخطوة جديا». وجاءت هذه التهديدات متزامنة مع انتقاد شديد اللهجة وجهه وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد لايران بسبب قرار اجهزة الطرد «ونشرها الارهاب» في الشرق الأوسط. وقال رامسفيلد في مقابلة مع تلفزيون «بي.بي.سي» امس، ان ايران «بلد يحكمه عدد من رجال الدين ويضطهد الشعب الايراني ويتسبب بالأذى في أفغانستان ويتسبب بالاذى في العراق ويعمل بنشاط مع حزب الله وسورية على نشر الارهاب عبر لبنان الى اسرائيل». واضاف «ان الحكومة الايرانية لم تكن تقول الحقيقة حول نشاطها النووي». وأكد ان ايران «بلد يؤوي زعماء كبارا من القاعدة منذ وقت». واضاف «مؤخرا رأيناهم (الايرانيين) يرفضون عمليات تفتيش للأمم المتحدة كان بدا في السابق انهم وافقوا عليها، لكن من الواضح انهم لا يلتزمون بها».

وأعلن مسؤولون ايرانيون ان الحكومة الإيرانية ومسؤولين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا سيجرون محادثات غدا في محاولة لحل «الخلافات المتصاعدة» بينهم علي خلفية قرار ايران استئناف انتاج أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وهو القرار الذي اتخذته طهران ردا على إدانة وكالة الطاقة لها خلال اجتماع مجلس أمناء الوكالة منتصف الشهر الجاري، ويأتي ذلك فيما اكد رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ومسؤول الملف النووي حسن روحاني، ان بلاده ستقاوم الضغوط الدولية عليها للتراجع عن قرارها، وذلك فى اعقاب بيان مشترك صدر عن القمة الاوروبية ـ الاميركية خصص للملف النووي الايراني، وفيه دعت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي طهران إلى اعادة النظر في قرارها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا اصفي امس، ان المحادثات ستجري مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا «خلال الايام القليلة القادمة». كما نقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن روحاني قوله ان «الجمهورية الإسلامية ستجري محادثات مع الأوروبيين هذا الاسبوع». وتابع في تصريحات للوكالة «نحن مستعدون للحوار ونقبل الدعوة من الدول الأوروبية الثلاث». وفيما لم يحدد اصفي وروحاني موعد الاجتماع ذكر التلفزيون الإيراني ان المحادثات ستبدأ غدا على مستوى الخبراء ثم ستتحول الى اجتماعات على مستوى الوزراء. ولم يتم الكشف عن تفاصيل او محتوى تلك المحادثات. ومن ناحيته، قال روحاني ان طهران ستقاوم الضغوط الدولية عليها، ولن تتراجع عن قرارها استئناف انتاج أجهزة الطرد المركزي، وتابع روحاني في تصريحات أمام البرلمان أذاعها الراديو الرسمي على الهواء مباشرة امس «ربما يردون بعنف او يزيدون الضغوط علينا، لكن هذا لا يهم». وبالمقابل، قال روحاني ان طهران لن تنسحب من معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وستطبق البروتوكول الإضافي الذي يتردد البرلمان حتى الان في التصديق عليه. وأضاف «قرر النظام اليوم ان نظل على التزامنا بمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية والسماح باستمرار عمليات التفتيش التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وحاول روحاني التقليل من شأن قرار انتاج أحهزة الطرد، وقال «لا شيء تغير فى سياساتنا النووية»، وتابع «القرار رد فعل على فشل اوروبا فى الوفاء بتعهداتها لنا بإغلاق الملف الإيراني خلال الاجتماع السابق لمجلس الامناء». كما اعلن اصفي ان ايران ستستمر في احترام التزامها بتعليق تخصيب اليورانيوم، لكنها ترفض انتقادات المجتمع الدولي لقرارها استئناف بناء اجهزة الطرد المركزي. وقال اصفي امام الصحافيين في طهران «لقد اعلنا في اكتوبر (تشرين الاول) اننا سنعلق تخصيب اليورانيوم وسنلتزم تعهدنا». ودعا اصفي مفتشي وكالة الطاقة الى زيارة موقع «لافيزان شيان» فى شمال طهران والذى تشتبه الولايات المتحدة فى انه موقع ابحاث نووية. وقال «نأمل ان يزور المفتشون الموقع فى اسرع وقت كي يتم الكشف عن كذبة اميركية أخرى»، واعترف اصفي ان مباني الموقع محيت تماما من على وجه الارض، كما ازيلت الطبقة الارضية فى الفترة من اغسطس (اب) 2003 حتى مايو (أيار) 2004 غير انه قال ان ذلك لم يكن بهدف اخفاء آثار المواد النووية بل «لأسباب تتعلق بتنمية المنطقة».

وكانت العلاقات بين طهران والدول الاوروبية الثلاث قد شهدت تدهورا ملفتا خلال الاسابيع الماضية بسبب التقارب الاوروبي من الموقف الاميركي فيما يتعلق بالمخاوف من الاهداف الحقيقية للبرنامج النووي الايراني، وعكس هذا التقارب نفسه فى قرار الادانة الذي صدر عن مجلس امناء وكالة الطاقة قبل نحو اسبوعين والذى قدمته وصاغته فرنسا وبريطانيا والمانيا، ومال القرار الى الرؤية الاميركية التي تعتقد ان طهران تخفي عن الوكالة حتى الان الكثير من انشطتها النووية. كما وضح التقارب كذلك فى البيان المشترك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد محادثات الرئيس الاميركي جورج بوش والزعماء الأوروبيين في ايرلندا بشأن الملف النووي الإيراني اول من امس، وبالرغم من ان البيان لم يرق الى حد التهديد باجراء جديد لمعاقبة إيران لتراجعها عن التزامها بوقف كل أنشطة التخصيب، الا انه اعرب عن القلق من قرارها، ودعاها إلى «تعليق جميع نشاطاتها المرتبطة بتخصيب اليورانيوم ومعالجته».

وكانت إيران بعثت برسالة إلى وكالة الطاقة الذرية لابلاغها أن طهران «تنوي ان تستأنف تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي وتجميع واختبار هذه الأجهزة بداية من يوم 29 يونيو (حزيران) الجاري». وهو القرار الذي شكل تحديا للأوروبيين اذ انه ينهي اتفاقا تم التوصل اليه فى فبراير (شباط) الماضي تعهدت بموجبه طهران بوقف انتاج أجهزة الطرد المركزي مقابل ان تعمل الدول الأوروبية الثلاث على رفع الملف الإيراني من على جدول اعمال وكالة الطاقة.