شارون يهنئ الجيش على تصفية 7 من قادة المقاومة في نابلس وكتائب الأقصى تهدد بانتقام مزلزل وتتهم السلطة بعدم تحريك ساكن

أبو قصي لـ«الشرق الأوسط»: إذا كانوا قد كسبوا جولة أمس فسيكون لنا معهم صولات قادمة والأيام ستشهد

TT

شكلت عملية تصفية 7 من قادة الأجنحة العسكرية لحركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي في البلدة القديمة في مدينة نابلس، ضربة قوية للعمل المقاوم باعتراف الفلسطينيين، واثلجت صدر رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي لم يخف فرحته وهنأ الجيش على ما اسماه «نجاحه المدهش في مكافحة الإرهاب». لكن قادة المقاومة اكدوا ان مقتل القادة السبعة لن يوقف الانتفاضة المسلحة لان جيلاً جديداً سيتسلم زمام الأمور تماما كما حصل لدى اعتقال القائد العام لكتائب الأقصى ومؤسسها ناصر عويس في ابريل (نيسان) 2002، وهو بالمناسبة من مخيم بلاطة في نابلس الذي شهد انطلاقة كتائب الأقصى في مايو (أيار) 2001.

وهدد أبو قصي المتحدث باسم كتائب الأقصى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بان الرد سيكون مزلزلا وسيأتي في الوقت المناسب. واتهم أبو قصي السلطة الفلسطينية بعدم تحريك ساكن رغم تحذيرها بما تعتزم عليه قوات الاحتلال التي تحاصر نابلس منذ ثلاثة ايام.

ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع (أبو علاء) عملية القتل بـ«الجريمة الوحشية البشعة، التي تدل على أن إسرائيل ماضية في مخطط القتل والاغتيال ضد الشعب الفلسطيني».

في هذا الوقت أعلن الحداد والإضراب العام في مدن الضفة الغربية احتجاجا على تصفية القادة السبعة الذين شيعهم اكثر من 30 ألفاً من اهالي نابلس في موكب جنائزي ضخم وسط تهديدات بالانتقام والرد الموجع لإسرائيل. والقتلى السبعة هم نايف أبو شرخ القائد العام لكتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح، وفادي بسام محمود التيني المعروف باسم الشيخ إبراهيم قائد عسكري بارز في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وجعفر المصري من قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس وسامر عكوبة وعمر مسمار ووجدي القدومي ونضال الواوي من كتائب الأقصى.

وتتهم إسرائيل أبو شرخ (42 عاما) الذي فقد ابنه أيضا ومطلوب منذ بضع سنوات مسؤولا عن عملية «نافيه شانان» في تل أبيب في يناير (كانون الثاني) 2003، وأسفرت عن مقتل 23 إسرائيليًا وإصابة العشرات. وكان أبو شرخ مسؤولاً، حسب المصادر العسكرية، أيضًا، عن عملية كفار سابا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2002 وأسفرت عن مقتل إسرائيليين وإصابة 30 آخرين. أما المصري والبهي فكانا، حسب المصادر العسكرية الإسرائيلية، مسؤولين عن تحضير عبوات ناسفة وعن ورشات لتحضير المواد المتفجرة في منطقة نابلس.

وينسب الجيش الإسرائيلي إلى بعض هؤلاء المطلوبين حسب ما ذكرت «يديعوت احرونوت» في عددها الالكتروني، تنفيذ سلسلة من العمليات ومحاولة تنفيذ عمليات أخرى بينها، مزاعم إرسال الأطفال الذين ضبطوا قرب الحواجز الإسرائيلي وهم يحملون عبوات وأحزمة ناسفة.

وقتل القادة الميدانيون السبعة عندما شنت مجموعة من الوحدات المختارة في جيش الاحتلال غارة على ملجئهم في حي «حوش الحيطان»، في البلدة القديمة. واكدت مصادر فلسطينية ان عناصر الوحدات الخاصة استطاعت التسلل إلى الحوش الذي كان يختبأ فيه الرجال السبعة وتحينوا فرصة استرخائهم لاطلاق النار عليهم من مسافة قريبة جدا، الامر الذي حال دون تصدي المقاومين لهم. واتهمت المصادر جنود الاحتلال بمنع الاطقم الطبية من تقديم العلاج لهم قبل ان يلفظوا انفاسهم الاخيرة. وحسب المصادر فقد «وقعت» الجريمة في حوالي الساعة السادسة وخمس واربعين دقيقة من (مساء اول من) امس، الا انه لم يكشف عنها الا بعد ساعة من وقوعها، حيث ان الكثير من سكان الحي لم يكونوا يعلمون بوجود قادة الأجهزة العسكرية في محيطهم. وتبين ان السبعة لجأوا الى نفق معتم داخل الحوش منذ ان شرعت اسرائيل في حملتها العسكرية على المدينة قبل أربعة أيام التي تركزت على البلدة القديمة والبنية التحتية لكتائب «الأقصى» في المنطقة بحجة انها أحبطت عملية تفجيرية خططت «الكتائب» للقيام بها في القدس المحتلة. واشارت المصادر الى ان اعتقال أعضاء المجموعة المسلحة التابعة لكتائب الأقصى في بلدة سلوان قرب القدس المحتلة، قبل تنفيذ عملية في القدس قد يكون ساعد في تمكين المخابرات الإسرائيلية العامة «الشاباك» في تحديد أماكن اختباء السبعة.

وعبر شارون عن ابتهاجه بمقتلهم في بيان صادر عن رئاسة الحكومة جاء فيه «أمس حقق مظليونا نجاحا مدهشا وجديدا في الحرب الطويلة الامد ضد الإرهاب» ونقل شارون تهانيه الى القائد العسكري للعملية التي استغرقت ثلاثة ايام في حي القصبة في البلدة القديمة في نابلس.

وقال أبو قصي لـ«الشرق الأوسط» «اننا ننعى كوكبة الشهداء الذين سقطوا (أول من) امس في مدينة الصمود والتحدي نابلس».

وعن تأثير الجريمة الاسرائيلية الجديدة على العمل المقاوم قال ابو قصي «نحن نؤكد ان المعركة مستمرة. واذا كانوا قد كسبوا جولة امس فسيكون لنا معهم جولات وصولات قادمة والايام ستشهد على ما أقول، نؤكد فيها ان كتائب الاقصى قوية بعزيمة رجالها. وان الدماء التي سفكت ستكون منارة جديدة للانطلاق من جديد وتأكيد خيار المقاومة من جديد حتى نجلي المغتصب عن ارضنا».

وردا على سؤال حول ان تهديدات المقاومة أصبحت فارغة المعنى بعدما لم يتحقق منها شيء عقب اغتيال زعيمي حماس الشيخ احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي قال أبو قصي «نحن عندما نتحدث عن انتقام فاننا بالتأكيد سننتقم لدماء شهدائنا لكننا نحن الذين نحدد المكان والوقت المناسبين لتنفيذ عملياتنا النوعية والاستشهادية. لا نريد ان نقول ان الرد سيكون قريبا ولكن بإذن الله سيكون في الوقت المناسب وبالحجم المناسب والفجر بإذن الله قادم».

من جانبه قال أبو علاء في تصريح للصحافيين في رام الله ان «هذه الجريمة الوحشية البشعة، التي استهدفت عدداً من المناضلين الفلسطينيين البارزين، بعد حصار دام لمدة أربعة أيام لمدينة نابلس الباسلة بعد ترويع أهلها وسكانها وفرض منع التجول والحصار المطبق حولها، إنما تدل على أن إسرائيل ماضية في مخطط القتل والاغتيال والمطاردة لكل المواطنين الفلسطينيين».

واعتبر ان عملية الاغتيال هي رسالة واضحة للعالم أجمع وإلى اللجنة الرباعية لتقول لهم كفى انتظاراً، وإلى كل الدول العربية لتقول إن هذا الوضع لم يعد يطاق، وإلى جميع دول العالم، إلى الشرعية الدولية وإلى محكمة العدل الدولية وإلى الأمم المتحدة بأن إسرائيل إما أن تكون فوق القانون وإما أن تُردع وتُوقف عند حدها، وإن لم يتدخل العالم فستفلت الأمور في المنطقة برمتها.

واكد «أن كل هذا لن يفت من عضد الشعب الفلسطيني ولن ينال من عزيمة القيادة الفلسطينية في تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني التي أقرتها الشرعية الدولية».

وأدانت حركة «فتح» بشدة التصعيد العسكري الإسرائيلي. ووصفت في بيان لها ما ارتكبته قوات الاحتلال في نابلس بأنها جرائم ومجازر دموية بشعة، سقط فيها ثمانية شهداء.

وحملت الحركة الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية، عن هذا التصعيد غير المبرر، وحذرت من مغبة النتائج الخطيرة المترتبة عليه، وقالت إنه يهدف إلى نسف الجهود السياسية والدبلوماسية المبذولة لإخراج المنطقة من دائرة الصراع والأزمة وإحكام السيطرة الاحتلالية الإسرائيلية عليها وفرض سياسة الأمر الواقع على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية.

وطالبت الحركة المجتمع الدولي بكافة مؤسساته، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية بالتدخل العاجل لوقف ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي من مجازر وجرائم بشعة في مدينة نابلس منذ ثلاثة أيام.