وفد الكونغرس الأميركي يزور دارفور للوقوف على تطورات الأزمة

طه: اهتمام المجتمع الدولي بالقضية يدخل في مجال المزايدة السياسية

TT

اعتبر علي عثمان محمد طه النائب الأول للرئيس السوداني ان اهتمام المجتمع الدولي بقضية دارفور يدخل في مجال المزايدة السياسية، وقال «هناك استغلال سياسي واضح لما يحدث في المنطقة»، واضاف ان القضية «مصطنعة» بهدف صرف النظر عن ما تحقق في مجال السلام، قبل يومين من زيارة نادرة لوزير الخارجية الأميركي كولن باول للخرطوم، في تزامن مع زيارة مماثلة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان للبلاد. في وقت غادر الخرطوم متوجها الى دارفور وفد من الكونغرس الأميركي يضم سام براون باك عضو لجنة العلاقات الخارجية، وفان كوف عضو مجلس النواب ورئيس لجنة المخصصات المالية بالمجلس.

وقال طه، في حوار مع الفضائية السودانية مساء أول من امس ان المشكلة في دارفور يمكن ان تحل اذا توفر الأمن والحل السياسي متوفر وزيارات الرئيس دليل على ذلك، واضاف ان ما يجري في دارفور له اسباب تاريخية سعت الانقاذ لحلها وأورد في هذا السياق الصراعات بين الرعاة والمزارعين حول المياه. وذكر ان المجتمع الدولي يستمع للاخبار من ذات الجهات التي «اصطنعت» المشكلة، وقال ان القضية تعرضت للمزايدة السياسية الأميركية والأوروبية لكسب التأييد الانتخابي، واضاف طه ان اشراك المواطنين في الحكم مبدأ مهم يؤدي للشورى عن طريق الاحتكام للشعب في اختيار ممثليه، واشار الى ان قضية توحيد الصف الوطني هدف عزيز ظلت تصبو له الانقاذ. مؤكدا اتساع مساحة الحوار ووجود ادراك من قبل القوى السياسية بضرورة ذلك. ونبه في هذا الصدد الى ان القوى التي اختارت المعارضة لم ينقطع معها التواصل لازالة التوتر في العلاقات السياسية، وتابع: «نأمل في العام الجديد ان تزول هذه العوائق». وأوضح طه ان تكوين حكومة البرنامج الوطني لم يكن قضية «كراسي» بل حوارات فكرية ولم يكن على قسمة حقائب وانما بني على حوارات مسبقة. وذكر ان الانقاذ ستستصحب معها التجربة ذاتها في مرحلة السلام (مع ان قسمة السلطة لا تتبع ما كان سابقاً). وقال ان اتفاق السلام ليس كسباً للمؤتمر الوطني وحده ولكن للشعب السوداني كله، واضاف ان الانقاذ استطاعت الصمود بالرغم من جميع المحاولات الخارجية للاطاحة بها، وذكر ان الحكومة دخلت في حوار الآن مع الولايات المتحدة الأميركية الرافضة للوضع السوداني ونوه الى ان السلام السوداني يمثل مكاسب عديدة في طريق ادارة الحوار مع واشنطن. وقال ان الشعب السوداني سيكتشف بعد الاطلاع على الفوائد التي سيجنيها من اتفاقية السلام «هل هو سلام ترضيات وضغوط». وقال ان الاتفاقية لا تعطي النائب الأول حق التدخل في شؤون الولايات الشمالية فيما عدا ما يكفله له رئيس الجمهورية. ونفى ان تكون اتفاقية السلام أسست للانفصال، واضاف «اقول ان الاتفاق بني على اعطاء الوحدة الأولوية ونجد ان منظومة العلاقات بنيت على تأمين هذه الوحدة». وشدد طه على ان الاتفاق ليس ثنائياً، وتابع: «الاتفاق قومي والثنائية لا تعيبه لان التفاوض يجب ان يقوم على طرفين».

وتعهد طه، بأن تواصل الحكومة الحوار مع القوى كافة حتى يكون اتفاق السلام «عقدا سياسيا» بين الأحزاب، وقال إن خيار الانفصال عبارة عن مجازفة من الناحية السياسية، وتابع «النجاح ليس ثمنه الانفصال والعالم يتجه نحو التكتل والتجمعات، ولا أرى ان الاتجاه السياسي سيسير نحو التقوقع ولكن نحو الحلول القطرية والكيانات الأكبر». وقال ان الاتفاق لم يحول النظام الرئاسي من حيث سيادة الدولة والقيادة للقوات المسلحة وهي صلاحيات لا يشاركه فيها النائب الأول ولكن يشارك في المشورة». وقال «نحن متفقون سلفاً على مبدأ تداول السلطة نرحب بالمنافسة السياسية الشريفة الحرة والدعوة متاحة لجميع القوى السياسية ومفتوحة لجميع الاحزاب». الى ذلك، وصف الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض الحالة في دارفور بأنها «كارثية»، وحذر من ان الوضع اذا لم يتم تداركه فان «الطوفان سيعم السودان». وعاد المهدي أول من امس من زيارة استغرقت يومين شملت ولايات دارفور الثلاث، تفقد خلالها الاوضاع ميدانيا في الاقليم، وتعتبر زيارة المهدي الأولى من نوعها منذ عودته من الخارج في العام 2001 لمعارضة الحكومة من الداخل، وقال المهدي في مؤتمر صحافي ان الحالة في دارفور كارثية ومتفجرة وسوف تدفع نحو حرب أهلية طاحنة وتفتح الطريق لقوات دولية لحفظ السلام، واضاف «اما التحرك الفاعل الناجز او الطوفان»، وتابع ان الانهيار في دارفور يعني الانهيار في كل السودان لأن دارفور في كل السودان. وفي المقابل، طالب متمردو دارفور في السودان اقامة منطقة حظر للطيران العسكري وتسهيل حرية الحركة لعمال الاغاثة وفتح تحقيق قضائي دولي عاجل حول المذابح والابادة وتقديم مرتكبي تلك الجرائم للعدالة وفقا لقانون محكمة الجنايات الدولية قبل بدء أي محادثات سياسية مع حكومة الخرطوم. جاء ذلك في رسالة وجهها متمردو الحركة الى وزير الخارجية الأميركي كولن باول والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قبيل زيارتهما المرتقبة الى السودان، اتهموا فيها الحكومة السودانية بتسليح ميليشيات عربية («الجنجويد»).

ودفع القتال الدائر في المنطقة مئات الآلاف من الاشخاص للفرار من منازلهم وأوجد ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ ازمة انسانية في العالم. وطالب بيان المتمردين بالسماح لوكالات الاغاثة بنقل مساعدات الى دارفور جوا وبشكل مباشر كما يتعين حظر الطيران الحربي فوق المنطقة، كما طالب بعودة النازحين الى ديارهم بعد حصولهم على تعويضات من حكومة الخرطوم.

وتؤكد الحركة ان الازمة في دارفور هي ازمة سياسية تتمحور في الظلم الانساني والتهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وليست هي ازمة قبائل او مرعى كما يصورها نظام الخرطوم.