بلير: قد لا نعثر على ترسانة صدام لأسلحة الدمار الشامل نهائيا وللمسلمين الحق في إقامة مدارسهم ببريطانيا أسوة بالمسيحيين

TT

اعترف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للمرة الاولى أمس أن اسلحة الدمار الشامل العراقية غير موجودة، خلافاً لما كانت لندن وواشنطن تتوقعان قبل الحرب. وقال إن العثور على هذه الاسلحة، التي كان متأكداً للغاية من حيازة بغداد لها، قد لا يكون ممكناً على الاطلاق. الا ان تراجع بلير لم يكن دراماتيكياً كما يبدو لاول وهلة، فهو لا يزال مقتنعاً بأن الرئيس السابق صدام حسين امتلك هذه الاسلحة وربما نجح في تدميرها او نقلها الى بلد آخر أو إخفائها في العراق قبل بدء الغزو. وشدد ايضاً على ان الاخفاق في ضبط الاسلحة المفترضة لا يعني ان صدام لم يكن يشكل تهديداً مباشراً للمنطقة ولبريطانيا تنبغي معالجته. ودافع رئيس الوزراء البريطاني بضراوة عن علاقة بلاده بالولايات المتحدة، مؤكدأً انه ليس تابعاً للرئيس جورج بوش يأتمر بأمره. وأقر بان القضية الفلسطينية تساهم مباشرة في تأجيج النزاعات والقتال في انحاء العالم، الأمر الذي يستدعي مضاعفة الجهود لحلها. وحذر من عدم التعاطي بحساسية بالغة مع المسلمين البريطانيين الذين يعاملون بطريقة تعميمية توحي انهم جميعاً «ارهابيون». واشار الى ان لهم الحق بتأسيس مدارس إسلامية اسوة بالمسيحيين. وكان بلير يجيب أمس على اسئلة اعضاء «لجنة التنسيق» التابعة لمجلس العموم التي تضم رؤساء اللجان البرلمانية الـ36 . وقال رئيس الوزراء البريطاني إن المعلومات الاستخباراتية التي وردته قبل الحرب أكدت أن صدام كان يملك أسلحة بيولوجية وكيماوية محظورة دولياً. واوضح أن هناك حالياً «أدلة واضحة جداً» على رغبة صدام بتطوير هذه الاسلحة وعلى حيازته لها. وادرف «ما يترتب علي القبول به هو انني كنت واثقاً جداً جداً من اننا سنعثر على هذه الاسلحة». وتابع «يترتب علي القبول (الآن) بأننا لم نعثر عليها.. واننا قد لا نعثر عليها». وعزا ذلك الى احتمال ان الترسانة المزعومة «ربما تكون قد نُقلت (الى بلد آخر). وربما تكون قد اخفيت. وربما تكون قد دُمرت».

وشدد بلير على ان عدم وضع التحالف يده على اسلحة صدام لا يجب ان يعني ان الحرب كانت غير شرعية او ان الرئيس السابق لم يكن يمثل تهديداً للمنطقة ولبريطانيا والعالم. وقال «إن التحول من شيء الى نقيضه، للقول بان صدام لم يكن يشكل خطراً، هو خاطئ تماماً». وزاد إنه لم يكن ليذهب الى الحرب لو لم يكن مقتنعاً من «انها ستكون مفيدة لبريطانيا من الناحية الامنية». ونفى بشدة انه ارسل الجنود البريطانيين الى العراق لأن بوش اراد منه ذلك. واللافت أن اسئلة استفزازية عدة طرحت على بلير حول علاقاته بواشنطن وبوش. ولعل أكثر هذه الاسئلة جرأة جاء من رئيس لجنة الشؤون الخارجية النائب العمالي دونالد أندرسون ومن النائب المحافظ إدوارد ليي. واعتبر رئيس الوزراء انه كان من الضروري الوقوف وقفة حازمة حيال تسريب أسلحة الدمار الشامل، وذلك بسبب خطر وصول اسلحة من هذا النوع الى ايدي مجموعات ارهابية عالمية ستستغلها لالحاق أفدح الخسائر. وكرر ما قاله مراراً عن ان «التقدم» الذي تم على صعيد نزع اسلحة الدمار الشامل وبرامج تطويرها لدى ليبيا وايران وكوريا الشمالية لم يكن ليتم لولا هذه الوقفة الحازمة ضد صدام. وقال الزعيم البريطاني إن «خريطة الطريق» هي اول خطة لحل النزاع في الشرق الاوسط التزمت اسرائيل بموجبها بحل الدولتين، واقر «اننا لم نحقق التقدم الذي كنا نرغب بإحرازه» على صعيد عملية السلام، مؤكداً أن المساعي تتواصل بغرض البحث عن تسوية عادلة وشاملة. واشار الى انه يكرس حالياً جهوده لانهاء النزاع في الشرق الاوسط، لاسيما ان الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي المستمر يذكي نار الحرب والنزاع في انحاء العالم.

وحظي موضوع العلاقات بين المجموعات الاثنية والدينية في بريطانيا بقدر لا بأس به من وقت الجلسة. وقال بلير إن مسالة المدارس الاسلامية هي مسالة اختيار لابد من احترامها. وأضاف: «إذا سُمح بانشاء مدارس للكاثوليك ولاتباع الكنيسة الانجليزية، فلن يكون من الصحيح منع انشاء مدارس للمسلمين او اليهود». واعرب عن رأيه في ان العلاقات الاجتماعية «قد تحسنت بعض الشيء» خصوصاً ان البلاد لم تشهد منذ سنوات الصراعات التي وقعت في شمال بريطانيا بين مسلمين آسيويين وناشطين انجليز يمينيين متشددين. بيد انه لفت الى ان الارهاب الدولي اضاف «بعداً جديداً ( الى هذه العلاقات) ونحن بحاجة الى مراقبة الامر». ونبه الزعيم البريطاني من الحديث عن الارهابيين المسلمين بصورة تعميمية تعود بالسوء على المسلمين جميعاً. وشدد على ان المسلمين «مستاؤون جداً لانه اذا وجدت مسلمين متشددين وإرهابيين فإن هاتين (الصفتين) تستعملان لتشويه ( سمعة) المجموعة برمتها». وزاد «اعتقد أنه يترتب علينا ان نتحلى بالحساسية تجاه ذلك». وتابع «علينا ان نروج لحقيقة ان الغالبية الساحقة للقادة المسلمين هم اشخاص يتحملون مسؤولياتهم ولهم تاثير ايجابي على مجتمعاتهم المحلية». ويُشار الى ان اثنين من اعضاء الحكومة البريطانية أطلقا تصريحات قبل اشهر اثارت جدلاً واسعاً في اوساط المسلمين، لانها نصت على أن القادة المسلمين لا يبذلون قصارى جهودهم لادانة الارهاب.

وقال بلير إن معتقل غوانتانامو يمثل «خروجاً عن القاعدة ينبغي ان يوضع له حد». واقر بانه ناقش مع بوش شخصياً موضوع البريطانيين المحتجزين هناك. واضاف «آمل باننا سنحل القضية في وقت قريب نسبياً، لكنني لا اعتقد ان الولايات المتحدة تخالف المنطق حين تقول انه يتوجب علينا ضمان وجود (اجراءات) امنية تتعلق بهؤلاء» من شأنها ان تتكفل بمنع تورطهم في نشاطات ارهابية جديدة ضد اميركا او غيرها.