اليمن: الحوثي «حالة استثنائية» لعلاقة علماء الدين مع السلطة

رجل الدين الأربعين درس في السودان ومقرب منه ينفي وجود صلات تنظيمية بينه وبين «حزب الله» وإيران

TT

يمثل رجل الدين اليمني حسين بدر الدين الحوثي حالة جديدة وربما استثنائية في علاقات علماء الدين مع السلطة ووصول العلاقات الى التصادم والعنف واسالة الدماء بغزارة بين اتباعه والقوات الحكومية في منطقة مران في مديرية حيدان الواقعة في نطاق محافظة صعدة بشمال اليمن.

فالحوثي ليس أحد المراجع الكبيرة حتى على المستوى الذهبي الزيدي الذي يأخذ به الكثيرون من مواطني هذه المحافظة. فهو يبلغ 45 عاما، ومن مديرية حيدان التي كانت مسرحا للعنف والمواجهات الشرسة، يتحدر من اسرة اشتهرت بالعلم. وتلقى التعليم الديني على يد والده العلامة بدر الدين الحوثي الذي يصفه الأمين العام المساعد لحزب «الحق» السابق محمد المقالح بأنه أحد المراجع المهمة في المذهب الزيدي ويتمتع بنفوذ قوي على المستويين الديني والاجتماعي بين القبائل في منطقة ساقين وال صيفي وشافعة. ومن ثم فقد درس حسين بدر الدين في كلية الشريعة والقانون في جامعة صنعاء وحصل على درجة الماجستير في العلوم الشرعية من السودان ويحضر منذ ثلاثة اعوام لنيل الدكتوراه. وكان من مؤسسي حزب «الحق» الذي تنظر القوى السياسية اليه على انه الحزب الذي انخرطت فيه المراجع الرئيسية للمذهب الزيدي وأبرزهم العلامة احمد الشامي ومحمد بن محمد المنصور وغيرهما من العلماء.

ويصبغ المخالفون لهذا الحزب بهذه الصفة المذهبية بالرغم من عدم الاعلان عنها بصورة صريحة وواضحة كالهوية الاسلامية التي يدافع عنها باعتباره أحد الاحزاب الاسلامية. فالمقالح يعتبر في كلامه لـ«الشرق الأوسط» ان انسلاخ حسين بدر الدين الحوثي من حزب الحق احد المفاصل المهمة في حياة الحوثي إذ يقول «انسلاخ بدر الدين الحوثي من حزب «الحق» مثل احد الظواهر التي أثرت في وجود حزب الحق على المستوى السياسي، ويشكل هذا الأمر تصدعا كبيرا في صفوف هذا الحزب بالرغم من ان الحوثي كان عضوا بارزا في قيادة حزب الحق وخاض الانتخابات النيابية مرشحا عن حزب الحق في مديرية حيدان في انتخابات 1993 وحتى نهاية الدورة البرلمانية في ابريل (نيسان) في عام 1997 بانتخاب البرلمان اليمني الجديد.

كما أن من الأمور التي تركت آثارها الواضحة على الحوثي، الانتفاضة الفلسطينية وغزو العراق من قبل الولايات المتحدة. واعتبرها المقالح منعطفا ذا اثر بالغ في حياة الحوثي فيحدد عندئذ الآليات لأتباعه في مجابهة اسرائيل والولايات المتحدة برفع شعار «الموت لأميركا، الموت لاسرائيل».

وهنا يعتبر المقالح هذا المسلك لدى الحوثي تعبيرا عن مدى التأثر بالثورة الايرانية وشعارات «حزب الله» اللبناني، ويجزم في ذات الوقت ان الحوثي لا يرتبط بعلاقات تنظيمية مع الثورة الايرانية أو مع «حزب الله». لكنه يقول ازاء العلاقات بين الحوثي والسلطة عند خروجه من حزب الحق إن السلطة دعمت الحوثي الذي خرج من حزب الحق ماديا ومعنويا، وان هذا الانشقاق او الانسلاخ نظرت اليه السلطة على انه سيؤدي الى انشقاقات مماثلة داخل الاحزاب السياسية المعارضة الأخرى. ولا يستبعد المقالح ان يكون دعم السلطة للحوثي كان يرجى من ورائه اضعاف «حزب الاصلاح» وبخاصة ان حسين الحوثي وأتباعه من ذوي المذهب الزيدي. بيد ان الحوثي ما لبث ان اصطدم بالسلطة، غير انه يسجل على الحوثي في علاقاته بالعلماء من الزيدية انه اقترف وأتباعه خطأ كبيراً بالاتجاه الى خلق نوع من الخلاف مع علماء المذهب الزيدي بترديد الشعارات في المساجد ضد الولايات المتحدة واسرائيل. فالزيدية يستنكرون هذا السلوك من قبل الحوثي وانصاره لأنه من الأمور غير المعهودة، كما انه يوجه انتقادات الى العلماء من الزيدية بتدريس الأصول والانكفاء على تلقينها للطلاب، معتبرا ان الوضع الراهن للفكر الزيدي عطل الدور السياسي للزيدية في اليمن.