تصعيد إسرائيلي حربي عشية لقاء اللجنة الرباعية مع أبو علاء

TT

في الوقت الذي بات فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون يشعر بالخطر على حياته من اعتداءات يمينية متطرفة تتهمه بالتنازلات للفلسطينيين، انطلقت قوات كبيرة من الجيش الاسرائيلي لتقتحم مدينة نابلس في تصعيد حربي جديد، وتقتل اربعة فلسطينيين، اثنان منهم يحملان الجنسية الاميركية. وتم ذلك في الوقت الذي كان فيه مندوبو اللجنة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة واوروبا والأمم المتحدة وروسيا) يجتمعون في القدس المحتلة ويعدون لاجتماع وصف بأنه مهم بشكل خاص، يعقد اليوم مع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء).

وهذا التصعيد الحربي لم يأت صدفة، بل استهدف ضرب (بل قتل) عدة عصافير بطلقة واحدة. إذ جاء ليشوش على عمل اللجنة الرباعية من جهة وليظهر شارون «مقاتلا ضد الفلسطينيين وليس متنازلا لهم» كما يتهمه اليمين وليرسم خطا سياسيا لا يتنازل عنه هو: الاستمرار في تصفية قادة التنظيمات الفلسطينية العسكرية وتدمير البنية التحتية للمقاومة المسلحة.

ويربط المراقبون بين هذا التوجه وبين اعلان رئيس المخابرات العامة «الشاباك»، آفي ديختر، في جلسة الحكومة يوم الاحد الماضي، ان «هناك امكانيات عسكرية لتصفية الارهاب وتدميره من جذوره وليس بالضرورة الانتظار حتى تبرم اتفاقية سلام». وجاء ذلك الاعلان في حينه ردا على تصريحات عدد بارز من مسؤولي المعارضة ومن قادة اجهزة المخابرات والجيش السابقين (امثال رئيس الأركان، امنون لفكين ـ شاحاك ورئيسي الشاباك، عامي ايلون وكرمي غيلون)، الذين قالوا ان لا حل لقضية الارهاب إلا في التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

وجاء التصعيد الحربي في الوقت الذي اجتمعت فيه اللجنة الرباعية في مقر الامم المتحدة في القدس، بحضور مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، والمبعوثين الروسي والأوروبي الى الشرق الأوسط اضافة الى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن. وبحثت اللجنة في كيفية دفع مفاوضات السلام الاسرائيلية الفلسطينية بروح «خريطة الطريق»، اثر خطة الفصل التي يقودها شارون.

وحضر الاجتماع ايضا مندوب البنك الدولي الذي يراقب مدى تأثير خطة الفصل على الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية.

وكرس الاجتماع للاعداد للقاء آخر يعقد اليوم بين الحاضرين وأبو علاء، بهدف تشجيع الفلسطينيين على التعاون مع اللجنة الرباعية لتمرير خطة شارون ودفع المفاوضات على اساسها.

ولهذا، فان المراقبين يعتبرون العملية الحربية في نابلس عنصر تخريب على جهود اللجنة الرباعية، وكأن اسرائيل تبث بواسطتها رسالة رفض لهذه الجهود.

يذكر ان اسرائيل ما زالت غارقة في النقاش الجماهيري حول خطر الحرب الأهلية وخطر اغتيال رئيس الحكومة شارون، بسبب خطة الفصل وما تنطوي عليه من انسحاب من الأراضي الفلسطينية وازالة المستوطنات من قطاع غزة ومن شمال الضفة الغربية.

وتدخل شارون نفسه في هذا النقاش امس بتصريح مفاجئ قال فيه: «يؤسفني انني وأنا المحارب الأول من اجل الدفاع عن اليهود الذي حارب كل حياته في حروب اسرائيل دفاعا عن اليهود، يحتاج اليوم الى من يحميه من اليهود».

وكان شارون يتكلم أمام اجتماع لكتلة حزب شينوي البرلمانية، فدعا رئيسها وزير القضاء يوسف لبيد، الى ان يسن القوانين اللازمة التي تتيح لأجهزة الشرطة والمخابرات ان تقتلع من الجذور ظاهرة التحريض الدموي من قوى اليمين المتطرف ضد القادة السياسيين.

واتضح خلال الجلسة ان شارون يرتدي سترة واقية في معظم تحركاته، مع انه عندما سئل عن الموضوع اجاب: «لا توجد سترة واقية على مقاسي».

وناقش الكنيست امس الموضوع بطلب من جميع الكتل البرلمانية. وساد الاجماع بضرورة محاربة ظاهرة التحريض الدموي على العنف، لكن احزاب اليمين المتطرف اضافت بأن ازالة المستوطنات يعتبر ايضا عنفا، ودعت الحكومة الى التراجع عنه.

وانضم الى هذا النقاش عدد من رجال الدين اليهود بمن فيهم الرباي شلومو بريمن المعروف برفض خطة الفصل، فقال: «أنا أعارض سياسة رئيس الحكومة، ولكنني مقتنع بالنظام الديمقراطي. فمثلما يحق للحكومة ان تعلن الحرب يحق لها ان تنسحب. فالملك سليمان الحكيم تنازل أمام ملك صور عن 20 مدينة في حينه. مما يعني ان الأمر ليس محظورا دينيا». وحذر المستوطنين من انهم بمقاومة الانسحاب بالقوة يخسرون اكثر بكثير مما يخسرون في حالة الانسحاب. وقال «قوة اسرائيل تكمن في وحدتها وفي ديمقراطيتها. فاذا سمحنا بحرب اهلية، فاننا سندمر البنية التحتية لوجودنا. وعندها لا تبقى لنا مستوطنات غزة ولا تبقى لنا دولة اسرائيل».