سباق أوروبي تجاه دارفور: بريطانيا تهدد بعقوبات على السودان وفرنسا وألمانيا ترسلان وزيري خارجيتهما إلى الخرطوم

مسلحو دارفور يضعون شروطا لحضور مفاوضات أديس أبابا مع الحكومة برعاية الاتحاد الأفريقي

TT

لندن ـ كولون: «الشرق الأوسط»: جددت عدد من الدول الاوروبية دعوتها الى الخرطوم تفكيك ميليشيات «الجنجويد» العربية المدعومة من الحكومة، والمتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان في اقليم دارفور (غرب). وهدد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير امس ضمنيا بفرض عقوبات على السودان في حال امتناعه عن التعاون لايصال المساعدات الغذائية الى السكان المتضررين، ودعت فرنسا الحكومة السودانية «نزع» سلاح الميليشيات، وخصص مجلس وزرائها جانبا من اشغاله امس لمناقشة الوضع المتوتر غرب السودان، وقالت ان وزير خارجيتها ميشال بارنييه سيزور السودان نهاية الشهر الجاري. كما تنوي المانيا ارسال وزير الخارجية يوشكا فيشر من دون ان تحدد موعدا. وفي وقت عقد فيه مجلس الأمن الدولي امس جلسة حول دارفور، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى بحقوق الإنسان، المجلس التابع للأمم المتحدة، بفرض عقوبات على المسؤولين السودانيين والميليشيات التي تدعمها الخرطوم من أجل حماية المدنيين في دارفور. وقالت جاميرا رون منظمة هيومن رايتس ووتش، إن على الأمم المتحدة الاستعداد للتدخل بمزيد من القوة. وبالرغم من مشروع قرار أميركي يدعو الحكومة السودانية إلى نزع سلاح عناصر ميليشيا الجنجويد وفرض قيود على الأسلحة وسفر عناصر الميليشيات، ترى هيومن رايتس ووتش أن من الضروري فرض العقوبات ذاتها على مسؤولين في الحكومة السودانية.

وفي لندن قال توني بلير ردا على اسئلة النواب في مجلس العموم البريطاني ان «المساعدة الانسانية باتت هناك وعلينا حاليا التمكن من ايصالها الى السكان». واضاف «كما علينا ان نكون قادرين على مراقبة نشاطات الميليشيات». وتابع بلير «لدينا سلسلة من الخطط والاقتراحات، الا انني اريد ان اكون واضحا جدا: ننتظر من حكومة السودان ان تتحرك وفي حال لم تتعاون علينا ان نرى اي اجراءات علينا اتخاذها» في اشارة الى احتمال فرض عقوبات. وفي ما يبدو أنه تعبير عن القلق الفرنسي لما هو جار في منطقة دارفور، خصص مجلس الوزراء الفرنسي جانبا من أشغاله صباح أمس للاستماع ولمناقشة تقرير عن الوضع في هذه المنطقة قدمه وزير الدولة للشؤون الخارجية رونو موزوليه الذي قام أخيرا بزيارة طويلة الى هذه المنطقة بما في ذلك عدد من المخيمات.

وكشف الوزير الفرنسي أمس أن وزير الخارجية ميشال بارنييه سيقوم نهاية الشهر الجاري بزيارة الى السودان فيما سيقوم نظيره السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل بزيارة الى باريس في الثالث والعشرين من الشهر الجاري.

وكانت باريس استضافت قبل عشرة أيام مفاوضات بين وفد حكومي سوداني برئاسة وزير الدولة للشؤون الإنسانية وممثلين عن حركة العدل والمساواة وهي إحدى الحركتين المسلحتين في دارفور.

وفي مؤتمر صحافي عقده قبيل ظهر أمس، حذر الوزير الفرنسي من وقوع «كارثة إنسانية رهيبة» في دارفور، مع اقتراب موسم الأمطار» وتدهور الأوضاع الصحية والغذائية واستحالة إيصال الغذاء الى السكان المهجرين وحصول مجاعة. وشدد الوزير الفرنسي على ضرورة «التحرك» لتلافي هذه الكارثة ووصفها بأنها «الأزمة الإنسانية الأكثر خطورة في العالم الان».

ودعا موزوليه الحكومة السودانية الى وضع حد لممارسة ميليشيات الجنجويد العربية التي أوحى بأن الحكومة السودانية مسيطرة عليها. واعتبر الوزير الفرنسي أنه «لا يجوز أن تبقى ممارسات واعتداءات الجنجويد في دارفور السودان من دون عقاب». وفي برلين قرر وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر زيارة السودان في موعد لم يحدده بعد. وأفاد متحدث باسم الوزارة أمس أن فيشر يشعر بقلق شديد جراء الوضع المأساوي في دارفور غرب السودان. وأشار المتحدث إلى أن الحكومة الألمانية قررت مضاعفة مساعداتها الإنسانية المقدمة إلى «مناطق الأزمات» في السودان من 5 إلى 10 ملايين يورو. من جهة ثانية قال مسؤول كبير بالاتحاد الافريقي ان متمردي دارفور يجب ان يرسلوا زعمائهم الى محادثات السلام في وقت لاحق هذا الشهر لانهاء القتال في غرب السودان الذي شرد مليون شخص من ديارهم. وقال حامد الغابد المبعوث الخاص لرئيس الاتحاد الافريقي لدارفور، انه يرى ان اتفاقات السلام لانهاء أكثر من عقدين من الحرب الاهلية في جنوب السودان نموذج لحل الصراع في غرب السودان.

وقال «نريد حقا ان نجري مباحثات مع ممثلين حقيقيين». وقال «ولذلك فانه في الاجتماع المقبل نطلب منهم ارسال اشخاص على مستوى عال يمكنهم اتخاذ قرارات». لكن مسؤولا في حركة العدل والمساواة احدى حركتين مسلحتين في دارفور رفض العرض وقال «نقدر للاتحاد الافريقي دعوته، ولكننا لن نحضر قبل ان نتحقق من حقيقة المفاوضات واجندتها وآفاقها». وقال احمد حسين ادم لـ«الشرق الاوسط» انهم لم يتسلموا أي دعوة لحضور المفاوضات. واضاف «لا بد من التحضير الجيد واشراك المجتمع الدولي وعدم الاكتفاء بالاتحاد الافريقي، نحن نطالب باشراك الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.. بغير مشاركتهم لن نصل الى حل سياسي عادل وشامل».