وزير الشؤون الإسلامية السعودي: بعض خطباء وأئمة المساجد يطالبون الشباب بالجهاد في الخارج بينما هم لم يغادروا البلاد أبدا

TT

كشف الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودي أن بعض خطباء المساجد والجوامع في السعودية يؤيدون منهج وافكار الفئات الضالة والمنحرفة، وقال بعد مخاطبته حشدا من خطباء وائمة المساجد التقى بهم أول من أمس في الغرفة التجارية الصناعية بجدة: «بعضهم يؤيد افكارهم ولكن إن قلت له اعمل عملهم فإنه يرفض ان يقوم بمثله ولا يمكن ان يدخل في هذا».

وأشار الوزير في هذا الصدد إلى أن بعض الائمة ومنذ عشرين سنة وهم يلقون الخطب «النارية» عن الجهاد، ومنذ الحرب في افغانستان الى هذا اليوم «وهم اصلا لم يغادروا المملكة ولم يذهبوا للجهاد وهم يغرون الشباب بالذهاب». واضاف مستنكرا «لا يصح ان نضحك على انفسنا في هذا الموضوع». وقال: «البعض الاخر يخطب في موضوعات لا يستوعبها اغلب المستمعين فيتكلم عن الجهاد او البطولات، وهناك شباب صغار السن يريدون تقرير مسألة شرعية لا يقصدون منها مخالفات لولي الامر، او ان يذهب احد للجهاد بلا اذن والديه أو ولي الامر وهو لا يريد هذا الشيء، ولكن يحدث من قبيل ان هذا حق، ولكن هناك بعض الحاضرين يأخذون الشباب المتحمسين لإدخالهم في مجموعات كهذه وهذا حصل».

واوضح د. آل الشيخ: ان الخطيب في هذه الحالة كونه يلقي كلاماً يشحن الشباب ويحمسهم، وليس لهم طريق شرعي للتعريف الصحيح فهم يذهبون للبحث عن هذا الطريق فيكون بهذا أفتنهم، وهو بلا شك شريك في الاثم، موردا في هذا السياق قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما انت محدث قوم حديثا لا تبلغه عقولهم الا كان لبعضهم عشق فتنة». واضاف ان النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة مع الصحابة 13 سنة لم تنزل فيها آية تحض على الجهاد وقال: «لا بد ان نعرف ايضا فقه القوة وفقه الضعف وفقة الازمات.. اهل العلم تحدثوا عن ذلك وهناك فقه غربة السنة وفقة قوة السنة وهناك فرق بين قول الرسول للصحابة في منى (لم نؤمر بعد)، وذلك عندما قال الصحابة لو شئت لملنا على اهل منى بأسياطنا، وبين قوله تعالى (جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم)، فهناك فرق كبير لا بد من معرفة فقه الازمات. وتساءل قائلا: «هل يتحول كل خطيب الى مجتهد تماما ويكون إماما في الفقه وإماما في السياسة؟!». وأضاف: «لذا يجب ان يعرف الشخص التواضع لله ولا يتحدث بشيء لا ينبغي له ويوقع الشباب في امور ليست جيدة تشحن نفوسهم على الاوضاع وتشحن نفوسهم على أهليهم او على المجتمع».

وطالب وزير الشؤون الإسلامية الخطباء تجنيب الجوامع والمساجد وسائل الشحن النفسي والإثارة وقال: «لا نريد ان تكون المساجد وسيلة للشحن والحماس الذي ليس له مستند شرعي فهناك كلمات هوجاء وكلمات دفاعية قوية ليس لها اصول، والشرع بين ذلك، وعلى طالب العلم البيان والحق ولا بد ان يعرف الحدود ويعرف حدود ما يقول». وحول كيفية التفريق بين الولاء والبراء في ظل المتغيرات الكبيرة قال آل الشيخ: «ان الموالاة والمعاداة والولاء والبراء والدين والبراءة من الكفر لها مقتضيات وفيها تفاصيل كثيرة، ولكن احيانا ما يتعلق بالخطب يعرض لموضوعات بشيء من عدم التفصيل او عدم فهم الموضوع وموضوع الولاء والبراء في فهمه وفي مقتضياته من اصعب مباحث الاعتقاد، ولذلك خاض فيه من لا يحسن فأدى بهم الى التكفير وخاض فيه من لا يحسن، فأدى بهم الى الغلو وهذا موضوع مهم ولا يتناوله أي احد والذي ينبغي على كل مسلم ان يفهمه في هذا الموضوع هو أن الولاء والبراء هو أن يكون ولاؤك لله وللاسلام وبراءتك من الكفر ويكون ولاؤك للدين والاسلام وبراءتك من الكفر فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى».

وحول سؤال عن اختلاف المناهج وحدوث بعض الخلافات والجدل بين بعض أئمة المساجد، قال آل الشيخ «إن هذا خطأ، لأننا أمة واحدة وجسد واحد وقد سمانا الله عز وجل المسلمين ومن تعز بعزاء بأى انواع التصنيفات يجب ان يرد على كلمته والامام يقول للناس سووا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ونحن نعمل بها ونطبقها وهذا فيه خير».

وكان وزير الشؤون الاسلامية قد بين في لقائه، أن الخطباء والائمة هم من يحملون رسالة المسجد، وهي الرسالة والامانة المهمة التي ما تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحد من اصحابه في مسجده، على جلاله وعظم شأنه عليه الصلاة والسلام وما كان عليه من امر النبوة والوحي وامامة المسلمين وولاية الامر والقضاء والفتيا. وطالب في كلمته الخطباء بتسليط الضوء على الهم الداخلي ومحاربة الإرهابيين في الداخل ومؤيديهم بدلا من التركيز على ما يحدث فقط في العراق وفلسطين وافغانستان.

وقال آل الشيخ منتقدا بعض الخطباء ونهجهم في الخطب: «ان الخطبة لا بد أن يذكر فيها كلام الله ورسوله عليه الصلاة والسلام المتفق عليه والمتيقن منه وليس فيه اختلافات كبيرة في الاجتهادات .. واذا عرضنا التنبيه على أمور معاصرة فيجب ألا نوغل فيها بالتفصيلات، والخطيب قد يحتاج الى أن يتعرض لبعض الامور المعاصرة ولكن عليه ان لا يدخل في أمور تفصيلية أو يقلب الخطبة الى نشرة أخبار أو تعليق على الانباء، مضيفا أن هذا الفعل فيه ازدراء لمقام الخطبة فيصبح الناس وكأنهم يستمعون الى إحدى القنوات الفضائية وقد يكون هناك من الناس من سمع بأكثر من ذلك من الحوارات وذكر فيها غير الذي ذكرت فيدخل في ميدان قد يظن به انه لا يحسنه أو يقال خطباء المسجد ما يعرفون شيئاً ويتكلمون في أشياء لا يحسنونها والمسألة ليست سهلة».