إدواردز من أشد أنصار إسرائيل لكنه يؤيد خيار الدولتين ويعارض سياسة إدارة بوش في العراق رغم مساندته للحرب

المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية الأميركية يعوض بتفاؤله وحيويته عن صرامة كيري

TT

لندن ـ «الشرق الأوسط» والوكالات:

يعتبر السيناتور جون ادواردز، مثله مثل السناتور جون كيري الذي اختاره اول من امس مرشحا ديمقراطيا لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، من أشد انصار اسرائيل داخل مجلس الشيوخ الأميركي. ويعتبر ادواردز أن «اسرائيل حليف هام للولايات المتحدة» و أن الولايات المتحدة «يجب أن تدعم اسرائيل في حربها على الارهاب وفي جهودها لتحقيق السلام». يذكر انه وفي الثامن من أغسطس (آب) 2001 وبينما كان ادواردز في اسرائيل ويعقد لقاءات مع ارفع مسؤوليها، وقع الهجوم الانتحاري الشهير في مطعم «سوبارو للبيتزا» في القدس بجوار فندق الملك داود، حيث كان يقيم السيناتور الديمقراطي. وهذه الحادثة جعلت السيناتور يعيد تأكيد أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع اسرائيل مع الولايات المتحدة.

ويرى ادوادرز أن على الولايات المتحدة ان «تضمن أمن اسرائيل علي المدى الطويل» وأن «حل الدولتين» من شأنه انهاء الصراع الدائر منذ سنوات طويلة، ويعتبر ان من الضروري أن تقضي القيادة الفلسطينية على ما يصفه بـ«الجماعات الارهابية» ويدعو لانهاء ما يعتبره «فسادا متفشيا» في الادارة الفلسطينية و انهاء «تمجيد» الاعلام الفلسطيني ومناهج التعليم الفلسطينية لـ«الإرهاب» و«الإرهابيين». ويرى أدواردز انه طالما لم ينجح القادة الفلسطينيون في انهاء العنف الفلسطيني فان على اسرائيل أن تأخذ ما تراه مناسبا للدفاع عن نفسها. كما يعتبر أن التفاوض هو الاسلوب الوحيد لحل المشكلات المعلقة بين الجانبين. ويشدد ادواردز على اهمية و ضرورة ان تعين الادارة الأميركية مبعوثا دائما الى الشرق الاوسط و يعهد له بالعمل على حل المشكلات بين الجانبين.

وفي ما يتعلق بالعراق، دعم أدواردز الحرب و لكنه لم يدعم قرار الكونغرس تخصيص 21 مليار دولار لعمليات اعادة الاعمار في العراق.

ويري ادواردز أن اسلوب ادارة المشروع العراقي قد فشل وأنه يجب أن تشرك الولايات المتحدة الحلفاء التقليديين لها في تحمل أعباء الحرب واعادة الاعمار. و يقول في هذا الاطار «اهم شرط لنجاحنا في العراق هو اشراك اصدقائنا وحلفائنا في الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية. ولابد ان نشرك المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة وحلف الناتو والاتحاد الاوروبي. لابد ان تكون العملية دولية، لا اميركية فقط». كما يشترط «وضع خطتين: للمدى القريب، وللمدى البعيد، ومتابعة تنفيذ كل واحدة منهما». ويقول «بكل اسف، لم نقدر على ذلك.. ولابد من العمل لتحقيق ذلك لتخفيف العبء عن كاهل دافع الضريبة الاميركي، وعن الجنود الاميركيين وايضا لاعطاء الفرصة للعراقيين للتحرك نحو الحكم الذاتي ونحو الديمقراطية». ويرى أن «الجهود الدولية المشتركة يمكن ان تحقق هذه الاهداف» وان دور أميركا في العراق «هو جزء من دورنا القيادي في العالم. لابد ان نقود، حتى لا يكون هناك فراغ. ولكن، في نفس الوقت، لابد من اشراك الآخرين».

وجاء اختيار ادواردز نائبا لكيري بسبب وجهه الجديد وجذوره الجنوبية وتاريخه الشخصي الناجح وظهوره اللامع خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا العام. ودخل ادواردز، وهو من نورث كارولاينا سباق الرئاسة الأميركي لعام 2004 كـ«بطل للناس العاديين» وحصل على الثناء بسبب تركيزه الشعبي على الاحتياجات الاقتصادية للطبقة الوسطى قبل ان ينسحب من السباق في مارس (اذار) بعد فوزه في واحد من الانتخابات التمهيدية في ساوث كارولاينا حيث ولد.

الا ان ادواردز ترك انطباعا لدى النشطاء الديمقراطيين ولدى كيري ثم عمل بجد واجتهاد خلال الربيع وبداية الصيف لجمع الاموال لصالح سناتور ماساتشوستس في الوقت الذي كان ينتظر فيه اتصالا من كيري. وخلال الحملة ركز المحامي المليونير على انه جاء من بلدة صغيرة وعلى قائمة طويلة من المقترحات قال انها تهدف الى كسر الحواجز الاقتصادية امام الطبقة الوسطى وتحرير واشنطن من قبضة المصالح الخاصة.

واشار ادواردز مرارا الى «نوعين من الأميركيين» الاول ثري والثاني يسعى جاهدا لشق طريقه. وقال ادواردز في سبتمبر ( ايلول) : «اوصد هذا الرئيس الابواب في وجه الطبقة العاملة لانه يهتم بشيء واحد فقط هو الثروة». وجاء تصريح ادواردز في مستهل حملته التي بدأها في ظل مصنع للنسيج في بلدة روبينز الصغيرة بنورث كارولاينا عمل فيه والده لثلاثة عقود قبل ان يغلق ابوابه.

ومع احتدام المنافسة على ترشيح الحزب الديمقراطي ومع تعرض هاوارد دين الذي كان متقدما في بداية الحملة وكيري لانتقادات من جانب منافسي ادواردز، فان الاخير حرص على تبني اسلوب ايجابي في الحملة. فقد تخللت خطابات الرجل قصص عن طفولته ووعد بممارسة «نوع مختلف من السياسة» يقوم على القيم التي اكتسبها من خلال اقامته في روبينز التي انتقل اليها في الثانية عشرة من العمر من ساوث كارولاينا المجاورة. وقال ادواردز في مقابلة العام الماضي «اعتقد ان المفتاح هو ان ترى الاشياء من خلال عيون الأميركيين العاديين.. هذا مفهوم يتوق اليه الناس».

ويقول ستيفن هس الخبير السياسي في مؤسسة بروكينغز عن حملة كيري - ادواردز «انها توازن جيد بين مزاجين. ان التفاؤل والحيوية لدى جون ادواردز يعوضان الجانب الاكثر صرامة لدى كيري. ان ادواردز مرشح حملة بامتياز». وافاد استطلاع للرأي اجراه معهد غالوب الاسبوع الماضي ان ادواردز هو المفضل لدى الاميركيين ليخوض السباق الى جانب كيري كمرشح لنائب الرئيس، مع 72% من الآراء المؤيدة. وكما لقي اختياره ترحيب الديمقراطيين فقد اشاد به ايضا الجمهوريون بدون ان يوفروا هجماتهم. ورأى ستيفن هيس ان اختيار ادوادز من شأنه ان ينعش حملة كيري ويعطيها زخما خصوصا وانه متقارب جدا مع منافسه الرئيس الجمهوري جورج بوش في استطلاعات الرأي. وقال «ان اي تقدم ولو طفيف سيكون مفيدا»، لكنه ذكر ان «الناس لن يصوتوا لنائب الرئيس بل للرئيس».

يبقى ان العيب الرئيسي لدى سيناتور كارولاينا الشمالية يكمن في نقص خبرته، مما يشكل نقطة ضعف لم يدخر جون كيري اي جهد للتركيز عليها عندما كانا متنافسين. وقال لاري ساباتو، استاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا «ان جون ادواردز لا يملك عمليا اي خبرة. والمحيطون بكيري يعلمون ذلك لكنهم يأملون في ان يكون حضوره الجذاب كافيا لاخفاء هذا العيب». واضاف «ان مشكلة ادواردز هي الجوهر. فهو يتهم غالبا بانه سطحي بشأن جوهر الامور، وهو ميدان سيبرع فيه منافسه الجمهوري ديك تشيني. فتشيني كان مدير مكتب رئيس ووزيرا للدفاع ثم نائب رئيس. وهو بالتالي اكثر دراية من ادواردز بهذه الامور». ونقص الخبرة هذا قد يبرز بوضوح اثناء المناظرة التلفزيونية التقليدية التي سيواجه فيها نائب الرئيس ديك تشيني.

واصبح ادواردز عضوا في مجلس الشيوخ لاول مرة بعد تفوقه على العضو الجمهوري لاوتش فيركلوث في 1998. واعلن في سبتمبر الماضي انه لن يسعى الى اعادة انتخابه في 2004 من اجل التركيز على حملته الرئاسية. ولادواردز وزوجته اليزابيث ثلاثة اطفال. وقد توفي ابنه ويد الذي كان في العقد الثاني في حادث سيارة في عام 1996 .