عاصفة سياسية في بريطانيا بسبب زيارة القرضاوي والمعارضة تستجوب بلير حول استضافة شيخ مؤيد للعمليات الانتحارية

الداخلية: ليس بوسعنا منع الناس من دخول البلاد لأنهم يحملون أفكارا بغيضة * منظمو الزيارة: الأجهزة المعنية أعطتنا الضوء الأخضر

TT

أثارت أمس الزيارة التي يقوم بها الداعية الاسلامي الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي لبريطانيا منذ يومين عاصفة من الجدل. وكانت شرارة البدء في حملة الاعتراض على وجوده في البلاد بدأت أمس حين طالبت نائبة معروفة بتأييدها لاسرائيل بطرده. وسعى زعيم المعارضة المحافظ مايكل هاوارد الى الضغط على رئيس الوزراء توني بلير بشيء من الالحاح لاخراج الداعية الاسلامي المقيم في قطر من بريطانيا. بيد ان متحدثة باسم وزارة الداخلية البريطانية أوضحت إن بلادها لا تمنع الاجانب من دخول اراضيها لمجرد انهم يحملون افكاراً معينة. ونقلت عن وزيرة الدولة فيونا ماكتاغارت اعرابها عن «خيبة املها» لتسمية القرضاوي ضيفاً للشرف في لقاء حول قرار فرنسا بمنع الحجاب كانت ماكتاغارت ستؤيده لولا حضوره. ومن جانبه، أكد مصدر مطلع في «الرابطة الاسلامية في بريطانيا» التي وجهت الدعوة للشيخ المصري «لقد حصلنا على ضوء اخضر من الاجهزة المعنية قبل أن ندعوه». ويشار الى ان القرضاوي وقف أمس على منصة واحدة مع محافظ لندن كين ليفنغستون، وهو من وجوه حزب العمال الحاكم. وقالت متحدثة باسم الداخلية في اتصال اجرته معها «الشرق الاوسط» إن حظره من دخول البلاد غير ممكن ما لم يتصرف بطريقة مخالفة للقانون. وأوضحت أن الاجنبي يمنع من زيارة بريطانيا إذا «كان يشكل تهديداً للأمن الوطني» او كان مجيئه «سيثير احداث الشغب والعنف التي قد تتمخض عن الحاق الضرر بمواطنين بريطانيين». واضافت «ليس بوسعنا ان نمنع الناس من دخول البلاد لانهم يحملون افكاراً قد تكون بغيضة برأي الآلاف». وزادت «نتوقع منه أن يحترم القانون البريطاني خلال وجوده هنا، لكن اذا تبين أنه لم يفعل فإن وزير الداخلية سيدرس مسألة اتخاذ تدابير مناسبة في حقه».

ولفتت المتحدثة ان ماكتاغارت، وهي وزيرة الدولة للشؤون الداخلية الملكلفة ملف العلاقات بين المجموعات الاثنية والدينية المختلفة في البلاد، لن توجه رسالة تأييد الى ندوة ستجرى الاثنين المقبل حول قضية الحجاب. ونفت ان ماكتاغارت كانت تعتزم حضور اللقاء، كما اشيع. وقالت إن الوزيره «ستكتب لمنظمي اللقاء للتعبير عن خيبة املها لانهم ابرزوا صورتها على منشورات دعائية للندوة»، مشيرين الى إنها ستحضر. واكدت أن الوزيرة أبلغت المنظمين سلفاً إنها «ستكتفي بتوجيه رسالة دعم لهم» انطلاقاً من تأييدها المعروف لحملة معارضة فرض حظر على ارتداء الحجاب في فرنسا. وذكرت إن ماكتاغارت لن تبعث بالرسالة الموعودة احتجاجاً على المعلومات المغلوطة التي بثوها «ولخيبة املها لتسميتهم القرضاوي ضيف شرف في الجلسة». وكُشف في وقت سابق عن رسالة وجهتها النائبة العمالية لويز إيلمان لوزير الداخلية ديفيد بلانكيت تطالبه بحظر تواجد الشيخ القرضاوي في البلاد بسبب تأييده المزعوم «لمنفذي العمليات الانتحارية» الفلسطينيين ولضرب الزوجات «غير المطيعات». ووصفت النائبة التي تعتبر من اشد أنصار اسرائيل في مجلس العموم البريطاني، زيارة الاصولي المصري الاصل بانها «عمل كريه» من شأنه ان يتسبب بـ«مشاكل أمنية ضخمة». واتهمته بالعداء للسامية. واكد بلانكيت في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) أن الداعية الاسلامي سيكون قيد المراقبة للتأكد من عدم خرقه للقانون خلال زيارته التي من المقرر أن تنتهي الاثنين المقبل.

الى ذلك طرح هاوارد سؤالين على بلير خلال جلسة المساءلة الاسبوعية لرئيس الوزراء في مجلس العموم، حول القرضاوي، مشدداً على ضرورة عدم السماح له بدخول الاراضي البريطانية لذات الاسباب الواردة في رسالة إيلمان. وتساءل زعيم حزب المحافظين باعتبار أن الشيخ «ممنوع من دخول الولايات المتحدة بسبب صلاته الارهابية المزعومة فلماذا يسمح له بالمجيء الى بريطانيا؟» وقال بلير «إننا نبقي الامر(الزيارة) قيد المراجعة الصارمة للغاية». واضاف «لا نريد اي علاقة بمن يؤيدون الارهاب والهجمات الانتحارية في فلسطين أو غيرها»، غير ان الحكومة في حاجة للتأكد من الموضوع وما إذا كان الزائر يشكل خطراً على البلاد. وعندما الح زعيم المعارضة، دعاه رئيس الوزراء الى الكف عن التعاطي مع الامر وكأنه «قضية نزاع حزبي بيننا». وتابع «نحن متفقون معكم» حول وجوب شجب الهجمات الانتحارية ومن يدعون اليها». واضاف «علينا ان نتأكد أنه اذا تم منع شخص من دخول هذه البلاد، فإنه منع بطريقة قانونية». واللافت ان رئيس الوزراء وزعيم المعارضة لم يذكرا اسم القرضاوي ولو لمرة واحدة، بل اشارا اليه بكلمات من قبيل الفرد وعالم الدين.

ومن ناحيته، اكد الدكتور عزام التميمي لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف، إن «الرابطة الاسلامية في بريطانيا» حرصت على توجيه دعوة للقرضاوي بطريقة قانونية مائة بالمائة. واضاف الاكاديمي الفلسطيني وهو من قادة الرابطة الامر الذي عرضه لهجوم عنيف من جانب إيلمان قبل اشهر، إن الجدل الدائر حول الزيارة هو «حملة من اللوبي الصهيوني الراغب باحتكار الرأي العام في بريطانيا». وقال إن انصار اسرائيل مستاؤون بشكل خاص لان «محافظ لندن كين ليفنغستون المعروف بتأييده لقضايا المسلمين والفلسطينيين يستضيف الشيخ القرضاوي». وشدد على ان القرضاوي «عالم دين حكيم له كلمة وبوسعه التأثير في الشباب المسلم». وتابع إنه «لم يات للتشجيع على تأييد العمليات الانتحارية بل لالقاء محاضرات وحضور ندوات ستتركز احداها على موضوع حظر الحجاب في فرنسا». واعتبر أن «محاولات اللوبي الصهوني باءت بالفشل بنظرنا، فالشيخ موجود بيننا (منذ يومين) ولقد اتصلنا بالاجهزة المعنية قبل توجيه الدعوة له وهي رحبت بقدوم علماء دين من هذا النوع الحكيم المعتدل». وكانت صحف بريطانية كرست أمس للتنديد بزيارة الشيخ القرضاوي حيزاً لا بأس به. وعدا صحيفتي «الديلي ميل» و«ايفننغ ستاندارد» و«التايمز»، فإن «الصن» أوسع الصحف الشعبية انتشاراً ابرزت هجومها على الزيارة فوق صفحتها الاولى تحت عنوان عريض «لقد هبط الشر». ويُشار الى ان العبارة مأخوذة من عنوان فيلم «النسور قد هبطت» الذي يتناول صراع دول الحلفاء ضد النازية الالمانية. جدير بالذكر ان القرضاوي، وهو مصري المولد قطري الجنسية، وصل الى بريطانيا الاثنين الفائت في زيارة تستغرق ثمانية ايام. وإذ القى ليل اول من امس محاضرة في «مركز اكسفورد للدراسات الدينية» الذي يرعاه ولي العهد الامير تشارلز، فهو القى كلمة ظهر امس في ندوة تحدث فيها محافظ لندن أيضاً. ويشار الى ان القرضاوي يرأس «مركز أبحاث السنة والسيرة في جامعة قطر». وقد أدان بشدة هجمات الحادي عشر من سبتمبر ( ايلول).