تقرير حقوقي ينتقد بشدة «تدهورا غير مسبوق» في حقوق الإنسان بالعالم العربي ... و100 شخصية تتهم الحكومات برفض الإصلاح

TT

كشفت المنظمة العربية لحقوق الانسان عما وصفته بتدهور غير مسبوق في حالة حقوق الانسان في المنطقة العربية خلال عام 2003، وذلك في الوقت الذي اتهمت فيه مائة شخصية حقوقية عربية بارزة الحكومات العربية برفض الإصلاح.

وحذر تقرير للمنظمة العربية، صدر أول من أمس، من استمرار الزج بالمنطقة في أتون الحرب الدولية على الإرهاب المفتوحة زمانا ومكانا من دون ضوابط، ومن دون مراعاة لا للقانون الدولي الانساني ولا القانون الدولي لحقوق الانسان. وأشار إلى أن هذه الحرب أسفرت عن مذابح لا حصر لها وتعريب نموذج غوانتانامو في سجون العراق وغيرها. وانتقد التقرير تفشي ظاهرة الاعتقال الاداري، واعتقال وطرد الأجانب من دون إجراءات قانونية بلغت حد صدور قرار في إحدى البلدان العربية بطرد 100 ألف شخص يمثلون 15 في المائة من السكان، وتجاوز الاجراءات القانونية في الاعتقال، وتفشي التعذيب، ووفاة معتقلين من جراء التعذيب، ومحاكمة الآلاف محاكمات غير عادلة قضت باعدام العشرات، وأصدرت أحكاما مغلظة بالسجن المؤبد في محاكمات مبتسرة.

ويعزز التقرير الدعوة لضرورة خلق آلية دولية للرقابة على مسار الاجراءات والعمليات الخاصة بمكافحة الإرهاب وامتثال الحكومات للقانون في مكافحة هذه الظاهرة.

واعتبر أن هناك تراجعا وصفه بأنه مؤسف لمسار الحقوق الاساسية والحريات العامة في العالم العربي، مشيرا إلى أن التفاعل الجماعي العربي حيال قضايا الإصلاح جاء سلبيا. فاهتم بتوسيع نطاق الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بأبعد ما تفرضه المقتضيات الدولية، فيما لم يلتزم بالحد الأدنى للمعايير الدولية في جهده لتطوير الميثاق العربي لحقوق الانسان. وانتقد التقرير بشدة ما وصفه بمناهضة فرص الاصلاح من الخارج من دون تلبية مطالب الاصلاح من الداخل.

وقال إنه برغم كثرة الوعود المطروحة من جانب الحكومات العربية لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعزيز الحريات المدنية والسياسية فيها فإن هذه الوعود ظلت ضجيجا بلا طحن، فاستمرت قوانين الطوارئ تحجب الضمانات الدستورية والقانونية وتعززت بالمزيد من قوانين مكافحة الإرهاب وقوانين مكافحة غسل الأموال وتشديد القوانين الجنائية.

ويؤكد محمد فائق، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن الحكومات العربية بينما صعدت خطابها السياسي تجاه الاصلاح وحقوق الانسان، اتهمت إحداها منظمات حقوق الانسان بأنها تزيد من استفحال خطر الإرهاب.

وشن التقرير هجوما على أميركا وسياساتها في الشرق الاوسط، مشيرا الى ان معسكر غوانتانامو الرهيب ليس سوى حلقة في سلسلة من مراكز الاحتجاز المخيفة التي تنتشر في انحاء العالم، مثل سجن ابوغريب بالعراق، تغيب فيها الحقوق ويمارس فيها التعذيب وفق اجراءات مقننة ممهورة بتوقيعات مسؤولين تنفيذيين رسميين وموافقة سياسية، تتبارى اجهزة الأمن في تطويرها. وأشار الى زيادة الأعمال الإرهابية وضحاياها في المنطقة العربية خلال العام 2003 والربع الأول من عام 2004 ، حيث شهدت السعودية والمغرب أعمالا إرهابية خطيرة وتتابعت العمليات في عدة بلدان أخرى من بينها اليمن ولبنان والجزائر فضلا عن اعمال إرهاب الدولة الذي تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني. كما امتدت الأعمال الإرهابية لأول مرة إلى سورية والعراق.

وأوضح التقرير أن أبرز العمليات وقعت في السعودية بتفجيرات الرياض في 12 مايو والتي راح ضحيتها 34 قتيلا وأصابت 190 آخرين وتفجير مجمع المحيا ثم تفجيرات الدار البيضاء في المغرب. كما تعرضت كل من الاردن ولبنان وسورية والعراق لعدد من أعمال العنف وقع بعضها داخل البلاد.

وأشار التقرير الى البلاد العربية التي شهدت حملات كثيفة من الاعتقالات على صلة بأعمال الارهاب أو مكافحته لا يكاد ينجو منها بلد عربي واحد. في الوقت نفسه حمل حقوقيون عرب الحكومات العربية مسؤولية التأخر الشديد في الاصلاح السياسي والدستوري.

واعتبر هؤلاء أن ما جاء في قرارات مؤتمر القمة العربية الاخير في تونس حول الإصلاح دليل على أن أغلبية الحكومات العربية ترفض الإصلاح بصرف النظر عن مصدر المطالبة به من الداخل أو الخارج.

وطالب الحقوقيون أمس، في ختام مؤتمر أولويات وآليات الاصلاح بالعالم العربي والذي اقامته المنظمة المصرية لحقوق الانسان بالتعاون مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان ومجلة السياسة الدولية، بضرورة اضطلاع المجتمع المدني بانشاء مرصد لمراقبة تطور وقياس معدل السير في الاصلاح في الدول العربية. وطالبوا بتوثيق شامل للمبادرات الاصلاحية التي طرحتها القوى الديمقراطية في العالم العربي منذ هزيمة يونيو 1967 للبرهنة على مدى العنت والبطش اللذين واجها هذه المطالب والمبادرين بها قبل وقت طويل من طرح المبادرات الدولية للاصلاح ولكي يكون ذلك التوثيق مرجعا للقوى السياسية والمجتمع المدني في اعداد برامجها المعاصرة.

واكد الحقوقيون ان تخلي مؤتمر القمة العربية الاخير عن مسؤولياته في الالتزام بالاصلاح، يزيد من الاصرار على ان الاصلاح مصلحة مشتركة لجميع الشعوب العربية، مطالبين بتطوير هيكل الحوار المقترح بين المجتمع الدولي والحكومات العربية الراغبة في الاصلاح ليصير مثلثا متساوي الاضلاع بانضمام مؤسسات المجتمع المدني كشريك متكافئ في هذا الحوار.

وقال البيان الختامي للمؤتمر الذي شارك فيه نحو 100مشارك من 15 دولة عربية، ان الحكومات العربية مجتمعة ومنفردة تتحمل المسؤولية الاخلاقية والسياسية عن الاهانة المتمثلة في حقيقة ان المجتمع الدولي صار مضطرا للتقدم بمبادرات اصلاحية الى المنطقة بسبب رفض هذه الحكومات الطويل للمبادرات الداخلية للاصلاح السياسي والتشريعي والدستوري والقضائي ولمكافحة الفساد والفقر.