ندوة «استراتيجية مكافحة الفساد» تتحول في بيروت إلى منبر مستجد لمناقشة الاستحقاق الرئاسي اللبناني

TT

شكل التجديد والتمديد عنواناً ضمنياً لكلمات المشاركين في ورشة عمل عقدها برنامج الامم المتحدة في بيروت تحت عنوان «نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد». وكانت الاستراتيجية التي تناولها عدد من النواب والقضاة والباحثون والاكاديميون هي نبذ اي تعديل دستوري من شأنه ان يمدد للطبقة الحاكمة في لبنان وتحديداً لرئاسة الجمهورية.

وكان الاكثر مباشرة في هذا المجال النائب نسيب لحود رئيس «حركة التجدد الديمقراطي» المعارضة الذي استهل كلمته بالقول: «ان الفساد في لبنان لا يحتاج الى اثبات، وسببه في الاصل الفساد السياسي وتسخير المنصب العام من اجل الحصول على مصلحة او منفعة خاصة، سواء بالانتخاب او بالتعيين او بالتكليف وعلى المستويات كافة»، وانتقد لحود تعطيل النظام الديمقراطي وسلطاته وآليات المراقبة والمحاسبة فيه مضيفاً: «ان مكافحة هذا التعطيل تبدأ من تضافر معطيات تؤثر في مواقع واستحقاقات مفصلية قادرة على تشكيل نقطة انعطاف في الحالة اللبنانية انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية الخريف المقبل والانتخابات النيابية الربيع الذي يليه. فإما ان تكون هذه الانتخابات نقلة انكسار لدوامة الفساد ونقطة تحول نحو مسار اصلاحي جديد او تبقى تكراراً لما نشهده اليوم من تعطيل للديمقراطية والمراقبة والمحاسبة» محذراً من «انزلاق خطير نحو المجهول» وطالب لحود باقرار قانون ديمقراطي للانتخابات يكفل صحة التمثيل وتأمين ادارة نزيهة ومحايدة وانتاج سلطة تشريعية تعبِّر بصدق عن الارادة الشعبية، كما طالب بالكف عن تسييس القضاء وضمان حياده واستقلاليته عن السلطات الاخرى واجهزتها الأمنية وحماية المال العام ووقف ممارسات صرف النفوذ وسوء استخدام السلطة.

أما نائب بيروت في كتلة رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري الدكتور غطاس خوري فقد رأى ان تجديد الهرم السياسي يستلزم انجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للبنان يلتزم احكام الدستور ويعيد الشرعية الى المؤسسات وخاصة السلطة التنفيذية التي اناطها الدستور بمجلس الوزراء وان يبني علاقة تفاهم وتجانس مع رئيس الحكومة والوزراء وان يشرف على التعاون والتنسيق بين كل السلطات ويعزز استقلالية القضاء، ومن ثم ان تنجز الحكومة قانوناً عصرياً للانتخابات يحقق افضل مشاركة ويساوي بين الجميع.

اما المحامي محمد مطر، رئيس جمعية «لا فساد» فقد انجز جردة للنظام القانوني والقضائي اللبناني، مفصِّلاً ملاحظاته حول اثر الفساد في هذا النظام، ومعتبراً «العمل بالدستور اللبناني معلق عملياً» منذ عام 1992 ما ادى الى تعطيل البرلمان والسلطة القضائية و«تحويلها مكباً للمشكلات الخلافية بين اهل الحكم. وآلية اصلاح الدستور لا تبدأ الا مع قانون الانتخاب الذي يجب ان يشكل مساءلة ومحاسبة شعبية تقود الى مساءلة ومحاسبة تشريعية قادرة على مراقبة السلطة التنفيذية».

كذلك اعتبر مطر ان الكتلة الاكبر في البرلمان اللبناني ليست لرئيسه نبيه بري او لرئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري او للنائب وليد جنبلاط او لغيرهم «وانما هي الكتلة السورية» محذراً من «ان البلاد في مرحلة الانهيار الكامل». وكانت ورشة العمل قد ناقشت مختلف اوجه الفساد في لبنان من الناحية الاقتصادية مع الوزير السابق والنائب الحالي، باسل فليحان، الذي حذر من اتهام جميع المسؤولين بالفساد بشكل عشوائي. وسلط الضوء على تجربته في الادارة من خلال فساد بعض الموظفين وعدم وجود حوافز عمل للبعض الآخر.

وتناول يوسف الخليل بعض الملفات الساخنة كالكهرباء وصفقاتها. فيما عرض كل من احمد بيضون والباحث الاجتماعي اديب نعمة واقع الفساد من خلال «الزبائنية والمحسوبية والاستحواذ الغنائمي على المجتمع اللبناني». كما بحث الصحافي جميل مروة، رئيس تحرير صحيفة «الدايلي ستار»، في تأثير الفساد على وسائل الاعلام. وتطرق رمزي الحافظ، رئيس تحرير المجلة الاقتصادية «ليبانون اوبورتيونيتي» الى مساوئ الفساد على صعيد الاستثمار.

وفي اطار الورشة عرض حسن كريِّم رصداً اجراه برنامج الامم المتحدة للفساد على صعيد الدولة ومؤسساتها، موضحاً ان جملة اصلاحات قانونية يجب ان تنجز في اطار ايجاد التشريعات اللازمة وفي اطار حرية الوصول الى المعلومات من خلال الاستعانة بالخبراء لمكافحة الفساد.