الهند أغلقت عمليا حدودها مع كشمير بسياج على غرار جدار إسرائيل في الضفة الغربية

TT

بينما تستعد محكمة العدل الدولية لاعلان رأيها في شرعية «الجدار» الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية، يدور جدل مماثل في كشمير حيث وضعت الهند اسلاكا شائكة على امتداد مئات الكيلومترات.

واذا كانت اسرائيل تواصل بناء جدارها الاسمنتي في الضفة الغربية وسط تعثر في عملية السلام مع الفلسطينيين، فإن الهند، التي تريد منع تسلل انفصاليين اسلاميين مقبلين من باكستان الى اراضيها، تستفيد من انفراج في علاقتها مع اسلام اباد.

وكانت نيودلهي قد بدأت اقامة هذا السياج في منطقة كشمير المقسومة بعد حرب مع مقاتلين انفصاليين تدعمهم باكستان في 1999، لكن اعمال البناء توقفت بسبب تبادل اطلاق النار بين الجارين النوويين المتنافسين على جانبي خط مراقبة الحدود الذي يفصل بين البلدين في كشمير.

وتغيرت الامور مع توقيع وقف اطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حين بدأت الهند تسرع في انجاز السياج.

وتقول نيودلهي ان هذا السياج سيؤدي الى تعزيز أمنها. وهي تتهم اسلام اباد بالسماح للانفصاليين بالوصول الى ولاية كشمير الهندية التي تشهد تمردا للمسلمين منذ 15 عاما، ادى الى سقوط عشرات الآلاف من القتلى. وقال الكابتن الهندي ساشين من مركزه على ارتفاع 3350 مترا في سونابيندي التي تطل على الشطر الباكستاني من كشمير: «عندما تتوقف عمليات التسلل يمكننا القضاء على الناشطين في كشمير خلال فترة قصيرة جدا».

ويتألف الحاجز المزود بأجهزة التقاط اشارات اسرائيلية، من خطين من الاسلاك الشائكة المكهربة ومن الغام. وهو يمتد على طول الحدود المتنازع عليها والبالغ طولها 742 كيلومترا وتلك المتفق عليها بين البلدين بطول 230 كيلومترا.

وقد احتجت اسلام اباد مرتين على هذا الحاجز قائلة انه يشكل انتهاكا للاتفاقات الثنائية الموقعة في 1949 و1972. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية مسعود خان: «لا شىء يبرر اقامة هذا الحاجز الذي يؤدي الى خلافات بين البلدين». اما المنظمة الانفصالية «حزب المجاهدين»، فتتهم الهند بـ«محاولة تحويل الحاجز الى حدود دائمة».

في الجانب الباكستاني من الخط الفاصل، يشعر سكان القرى في وادي نيلوم بالغضب لأن الحاجز يؤدي الى تعزيز الفصل بين العائلات. وقال امير الدين مغال ان السياج «يقسم العائلات. انه اجراء ظالم جديد من جانب الهند».

ويطالب البلدان بالسيادة على كامل كشمير منذ استقلالهما في 1947. لكن في احاديثهم الخاصة يقول المسؤولون الهنود انهم يأملون في الاعتراف بالخط الفاصل بين شطري المنطقة كحدود رسمية مما يسمح بابقاء ثلثي المنطقة تحت سيادة الهند.

ورأى طاهر محيي الدين، المحلل في سريناغار في الجانب الهندي، ان الهند «تسعى للحصول على اعتراف بالحدود الحالية، لكن باكستان من جانبها سمحت ببناء الحاجز مع بعض الاعتراضات». وعزا هذا الموقف الى الضغوط الاميركية لوقف عمليات التسلل، بينما كاد البلدان يخوضان حربا جديدة في 2002.

لكن احد قادة الانفصاليين، وهو شابير شاه، يقول ان الهند يجب الا تزيد من الصعوبات التي تواجهها آلاف الاسر التي انقسمت. وقال: «بينما اسقطت جدران الكراهية مثل ذاك الذي كان في برلين، تبني اسرائيل والهند حاجزين لمنع اشقاء من اللقاء».

وقال رئيس أكبر جماعة انفصالية في كشمير، عباس أنصاري رئيس «مؤتمر حرية جميع الاحزاب» ان حكومة الهند الجديدة «غير مخلصة في ما يتعلق بالمباحثات مع الجماعات الكشميرية وانها كثفت العمل العسكري في الاقليم مما اطلق موجة جديدة من العنف».

وقال أنصاري ان التحالف لا يزال ملتزما بالمباحثات مع نيودلهي على أي حال. وحث رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ على تعيين مبعوث خاص لعقد مباحثات غير مشروطة مع المؤتمر للمساعدة في انهاء التمرد الذي اودى بحياة عشرات الالاف.

وقال أنصاري: «لا يزال يتعين على الحكومة ان تظهر اخلاصها. انها تقول شيئا اليوم وتقول شيئا اخر في اليوم التالي. يجب اولا ان تكون المحادثات غير مشروطة». وأضاف أنصاري، الذي يعتبر سياسيا معتدلا مؤيدا للهند: «كانت الحكومة السابقة قد بدأت في تطبيق اجراءات لتخفيف حدة الموقف في كشمير. لكن الحكومة الجديدة اعادت عمليات التفتيش والبحث داخل المنازل مما فجر العنف مرة اخرى».

وجاءت تعليقات أنصاري قبل ساعات من الاجتماع المقرر لمؤتمر حرية جميع الاحزاب الذي يضم الجماعات الانفصالية في الاقليم المتنازع عليه الذي يعقد في سريناغار لمناقشة التقدم في عمليات السلام التي بدأتها الحكومة السابقة.