الحملة المستمرة ضد زيارة القرضاوي لبريطانيا بدأت تطاول محافظ لندن الذي يستضيفه مجدداً الاثنين المقبل

«جمعية مناصرة الحجاب» البريطانية تقيم مؤتمراً لتعزيز الدفاع عن حق المرأة بارتدائه

TT

تواصلت امس تداعيات الزيارة التي يقوم بها لبريطانيا الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وسط إشارات تدل الى أن معارضيه مصممون على المضي في حملتهم ضده. وافردت وسائل الاعلام البريطانية لليوم الثاني حيزاً لا بأس به لأنباء زيارة الداعية ومحاضرة ألقاها امس في لندن، معتبرة أنها كانت دليلاً جديداً على دعمه لـ«الارهاب» والعمليات الانتحارية. ولفت مراقبون الى أن هذه التغطية تجاهلت انتقاده مجدداً للعمليات الانتحارية في العراق لأن المقاومة هناك غير مضطرة اليها، كما في فلسطين. وتجاوزت الحملة الشيخ الضيف لتطاول كين ليفنغستون، محافظ لندن الذي شاطره المنصة ذاتها اول من امس. وابرزت صحف شعبية دفاع المحافظ المبطن عن القرضاوي وقوله ان الهجمة الاعلامية ضده كانت نموذجاً للاسلاموفوبيا (العداء المرضي للاسلام). واعتذر متحدث باسم ليفنغستون عن عدم الحديث عن ضغوط محتملة مورست لاقناعه بعدم الوقوف الى جانب الشيخ الضيف، مؤكداً أن المحافظ سيظهر مجدداً مع القرضاوي في ندوة من المقرر إجراؤها الاثنين المقبل.

وطالب أمس مجلس المندوبين اليهودي في بريطانيا بعدم السماح لرجل «يدعو الى تدمير اسرائيل» بالبقاء في بريطانيا. واعتبر مايكل واين، وهو متحدث باسم الهيئة التي تعد برلماناً يمثل اليهود البريطانيين، أن عالم الدين شخص غير مرغوب فيه لأنه يحمل افكاراً متطرفة. وقال في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن من الخطأ «إلقاء اللوم كله على اسرائيل» بشأن ما يجري في الاراضي المحتلة، مشدداً على ان القرضاوي أعرب عن تأييده لمنفذي العمليات الانتحارية ضد الدولة العبرية من الاطفال الفلسطينيين. إلا أن وزارة الداخلية البريطانية افادت بأنها لا تزال على موقفها الذي أوضحته اول من امس لـ «الشرق الاوسط»، وينص على عدم امكان حظر اجنبي من دخول البلاد ما لم يثبت أنه يشكل خطراً على الأمن الوطني. وطلعت صحيفة «الصن» الشعبية، التي يربو عدد قرائها على اربعة ملايين قارئ مما يجعلها الاوسع انتشاراً في بريطانيا، أمس بتقرير كبير عن الزيارة ابرزت جزءاً منه على الصفحة الاولى. واعتبرت فيه إن ليفنغستون طالب بمعاقبتها (الصن) وأعرب عن ترحيبه بـ« الضيف المكرم» القرضاوي. ومن جهته، قال متحدث باسم المحافظ في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الاوسط» إنه «كان يتحدث عن ردود الفعل الاعلامية (حيال الزيارة) بصورة عامة». وأكد أكاديمي عربي تابع عن كثب وقائع الندوة إن ليفنغستون «لم يذكر اي صحيفة بالاسم، بل اشار الى الصحف الشعبية بشكل عام».

وفي رد على سؤال، قال المتحدث باسم محافظ لندن «لا علم لي بأي ضغوط رسمية مورست عليه بغرض حمله على عدم الظهور في ندوة أمس (الاربعاء)». واضاف ان ليفنغستون «سيشارك في الندوة التي تعقد في الثانية عشرة من ظهر الاثنين المقبل لمناقشة موضوع الحظر على ارتداء الحجاب في عدد من الدول». وسيكون الشيخ القرضاوي في طليعة المتحدثين بالندوة التي يحضرها ايضاً الداعية الاسلامي المقيم في سويسرا طارق رمضان، حفيد مؤسس جماعة الاخوان المسلمين حسن البنا.

وكان من المقرر ان يشارك غداً الداعية عمرو خالد، وهو مصري يحضر شهادة الدكتوراه في جامعة بإقليم ويلز، الى جانب الشيخ القرضاوي في يوم طويل من اللقاءات مع الجالية المسلمة في لندن، غير أن مصادر مطلعة رجحت أنه سيتغيب لوجوده خارج البلاد حالياً. ويُذكر ان تقارير ذكرت أخيراً أن الحكومة البريطانية تعتزم إبراز خالد وتشجيعه على بذل المزيد من النشاطات، وذلك لارتياحها لمواقفه المعتدلة. وفي هذه الاثناء، اعلن أن «جمعية مناصرة الحجاب» التي أسستها الشهر الفائت منظمتا «جمعية المرأة المسلمة» و«الرابطة الاسلامية في بريطانيا»، نظمت المؤتمر بهدف البحث عن سبل تعزيز حملة الدفاع عن حق المرأة بارتدائه أينما شاءت. وقالت السيدة الفلسطينية ـ الاردنية الاصل، عبير فرعون التي ترأس الجمعية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن «التأسيس الرسمي لهذه الشبكة جرى الشهر الماضي بمجلس العموم البريطاني، وهي من المنظمات المعنية بحماية الحجاب». واضافت ان الهيئة الجديدة «قد استقطبت اهتماماً سريعاً كشبكة للمجموعات الساعية الى بلوغ الهدف نفسه». وزادت رئيسة «جمعية المرأة المسلمة»، وهي مهندسة وأم لطفلتين، انهم قد تلقوا طلبات «للإنضمام الى شبكة التحالف هذه منظمات في سويسرا وايطاليا وتركيا والمانيا». وكان الداعية الاسلامي أعرب في حفل افتتاح الاجتماع السنوي للمجلس الاوروبي للافتاء والبحوث الذي اقيم مساء اول من امس في لندن، عن استغرابه للهجوم الذي يتعرض له. وتساءل عن سبب الضجة الحالية مع أنه زار العاصمة البريطانية مراراً وتكراراً في الثلاثين سنة الماضية من غير ان يلقى حضوره اي اهتمام اعلامي أو احتجاج من هذه الجهة أو تلك. وقال «جئت بريطانيا محاضراً، ومفتتحاً لمشاريع، وجئتها زائراً لبناتي الثلاث اللواتي حصلن من جامعاتها على شهادات الدكتوراه ـ واحدة من جامعة لندن، وثانية من جامعة ريدنغ والاخرى من جامعة نوتنغهام ـ وجئتها طالباً للعلاج، فما العجب في أن آتي الآن؟». واشار الى وصوله المبكر يوم الاثنين الماضي بغرض حضور اجتماعات مجلس الأمناء لمركز أكسفورد للدراسات الاسلامية. وجدير بالذكر أن الامير تشارلز ولي العهد البريطاني، هو راعي المركز المعروف الذي يضم بين اصدقائه رئيس جنوب افريقيا السابق نيلسون مانديلا. وبخصوص تأييد الداعية الاسلامي المفترض للعنف، قال ان الفلسطينيين «ألجئوا الى هذه العمليات الاستشهادية» لأنهم محرومون من اي سلاح آخر ولا يستطيعون مقاومة الاحتلال الا بأجسادهم. وأضاف إنه «يفتي» بالعمليات الاستشهادية في فلسطين بسبب «الضرورة»، بينما لا يعتبر الشعب العراقي مضطراً للجوء اليها، الامر الذي يجعلها غير مشروعة في العراق. واشار الى انه كان من اوائل المنددين بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) وبتفجيرات مدريد. وأكد الداعية على احترام الاسلام لليهود والمسيحيين، علماً ان احدى «التهم» التي وجهت اليه اخيراً في بريطانيا كانت «العداء للسامية». وقال «نحن معشر المسلمين يعلمنا القرآن الكريم بأن اليهود والمسيحيين هم اقرب الناس الينا». ويُشار الى ان اثنين من اتباع طائفة ناطوري كارتا اليهودية الارثوذكسية المعادية للصهيونية قد حضرا ندوة أول من امس، واعتذرا علناً من الشيخ عن الاساءات التي بدرت من أشخاص قالا إنهم صهاينة لا يمثلون اليهودية الحقيقية. والتقى الشيخ بعد الندوة بالرجلين في جلسة خاصة ناقشوا فيها العلاقات الوطيدة التي ربطت بين المسلمين واليهود في العالم العربي قبل إقامة اسرائيل. ونقلت مصادر مقربة من الشيخ لـ«الشرق الأوسط» عنه قوله أمس إنه لم يأل جهداً في السعي لتعزيز الحوار بين المسلمين واليهود والمسيحيين. وذكرت أنه أشار الى مشاركته «خلال العامين الماضيين بمؤتمر روما للحوار بين الاديان وقد حضره البابا زعيم الكنيسة الكاثوليكية، كما حضر مؤتمراً ثانياً للحوار الديني عقد قبل اشهر في الدوحة بمشاركة كبير اساقفة الكنيسة الانغليكانية الرسمية البريطانية وعدد آخر من علماء الدين الكبار المسيحيين واليهود».