واشنطن تواصل تهديدها بفرض عقوبات على الخرطوم وفرنسا وألمانيا تضعان شروطا ومجلس الأمن يحدد موقفه اليوم

مقاتلو دارفور: الحكومة السودانية ألبست «الجنجويد» لباس الشرطة ويحرسون الآن مناطق اللاجئين

TT

يواجه السودان حاليا أقوى هجمة دولية بسبب الازمة في دارفور (غرب). وبعد تهديدات من أكبر 3 دول اوروبية هي بريطانيا والمانيا وفرنسا اول من امس، جاء دور الولايات المتحدة التي صعدت من لهجتها امس تجاه الخرطوم مهددة بفرض عقوبات إذا فشلت الخرطوم في الوفاء بالتزاماتها لحل الأزمة. وفي وقت يسخن فيه الاتحاد الافريقي لارسال قوات مسلحة الى السودان، يعقد مجلس الامن الدولي اليوم جلسة يتوقع ان تكون ساخنة لمناقشة مشروع قرار اميركي حول دارفور وسط انقسام حاد بين اعضاء المجلس حول مسألة فرض عقوبات على الخرطوم. ووصف جون دانفورث السفير الأميركي الجديد لدى الأمم المتحدة الوضع في دارفور بأنه «كارثة»، وقال السفير الذي كان يتولى منصب مبعوث الرئيس الاميركي للسلام في السودان قبل تعيينه سفيرا لدى الامم المتحدة «إنها كارثة ومأساة إنسانية فهناك بشر يموتون قتلا وجوعا، ونساء يغتصبن». واشار إلى ان مشروع القرار الذي وزعه وفده على أعضاء مجلس الأمن وسيكون موضع نقاش اليوم، ينوي فرض عقوبات على ميليشيا الجنجويد ويهدد ضمنيا بفرض عقوبات على حكومة الخرطوم. لكن عددا من الدول بينها فرنسا والصين وباكستان والجزائر تعترض بشدة على توقيع أي عقوبات على السودان، فيما وضعت المانيا شروطا. وعقد مجلس الأمن اول من امس جلسة استمع فيها الى تقرير عن الوضع في دارفور قدمه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان عبر الهاتف من اديس ابابا. وناشد انان مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات بشأن الوضع الإنساني المأسوي في دارفور في أسرع وقت ممكن. وأوضح جان اوغلاند منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بعد جلسة مشاورات مجلس الأمن المغلقة بأن على المجلس مواصلة تصعيد الضغط على حكومة السودان للوفاء بالتزاماتها. وأكد على أن روايات اللاجئين حول استخدام الطائرات المروحية وقاذفات القنابل في قصف القرى متسقة تماما. واطلع انان مجلس الأمن على فحوى اتفاقه مع الحكومة السودانية وأحاطه بحقيقة الوضع على الأرض في دارفور. وقد تراوحت ردود أعضاء المجلس على تقرير كوفي انان، وأفاد السفير الألماني غونتر بلوغير بأن المانيا تفضل ان يتأكد المجلس من وفاء السودان بالتزاماته قبل أن يتخذ أي إجراء. وفي الوقت ذاته حذر الخرطوم من مغبة التقاعس عن تنفيذ ما تعهدت به من التزامات منها نزع سلاح ميليشيا الجنجويد وتمكين الوكالات الإنسانية المختصة من الوصول إلى المحتاجين للمساعدة وحماية اللاجئين وتوفير الأمن لهم. وأكد بلوغير على أن المانيا مستعدة أن توافق على فرض عقوبات لا ضد الميليشيا فقط بل على الحكومة السودانية نفسها اذا لم توف بهذه الالتزامات. ودعا السفير الفرنسي جان مارك دي لا سابليير الى ضرورة مراقبة ما يجري على الأرض والانتظار حتى يرى المجتمع الدولي كيف ستنفذ حكومة السودان التزاماتها. وأكد قائلا إن الوضع حرج وأن المجلس سوف يتبع مشورة الأمين العام بالضغط على السودان. وحرص السفير الفرنسي على أهمية التوصل إلى تسوية سياسية في دارفور إلى جانب حل المشاكل الإنسانية الخطيرة هناك وحذر من تجاوز المشكلة إقليم دارفور وامتدادها إلى تشاد. ولم تخرج الصين وباكستان والجزائر العضو العربي في مجلس الأمن عن الموقف الفرنسي كثيرا بالرغم من معارضة هذه الدول الثلاث فرض أي عقوبات على الحكومة السودانية وتناشد بضرورة حل الأزمة سياسيا مع ضمان حل المشاكل الإنسانية الخطيرة هناك.

وفي الوقت نفسه أفاد جان اوغلاند منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن الحكومة السودانية قد مكنت أخيرا القائمين بالجهود الإنسانية من الوصول إلى دارفور ومع ذلك قال «إن الوضع الأمني ما زال مثيرا للقلق إلى جانب العجز في تمويل المساعدات الإنسانية». وحذر من عدم القدرة لإنقاذ حياة السكان ما لم يف المانحون بتعهداتهم التي نفذت حتى الآن بنسبة 40 % فقط. وشدد المسؤول الدولي على أن 1.2 مليون من السكان هم بحاجة ماسة إلى المواد الغذائية والطبية قبل موسم الأمطار الشديدة في سبتمبر (أيلول) المقبل. وتعهدت الدول المانحة بتوفير ما قيمته 350 مليون دولار غير أن المساعدات التي وصلت الى إقليم دارفور لم تتجاوز 40%. وقد انفقت الولايات المتحدة أكبر الدول المانحة 117 مليون دولار ومن المقرر أن تخصص مبلغا أخر 150 مليون دولار قبل سبتمبر (أيلول) المقبل. من جهة ثانية اتهم مقاتلو دارفور الحكومة السودانية بالسعي لضم عناصر الجنجويد العربية المتهمة بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الانسان في الاقليم، الى القوات النظامية السودانية. وقال مسؤولون في حركة العدل والمساواة المسلحة في دارفور ان عناصر هذه المليشيات ارتدوا ملابس الشرطة السودانية ويحرسون الان مناطق اللاجئين.

وكانت الخرطوم تعهدت بنزع اسلحة ميليشيا الجنجويد التي قال بعض المسؤولين الاميركيين انها تقوم بحملة تطهير عرقي وبانها ستنقلهم بعيدا عن المناطق القريبة من معسكرات اللاجئين. ووعد مسؤولو الحكومة ايضا بتوفير قوة شرطة «موثوق بها» في منطقة الحدود بين السودان وتشاد حيث فر عشرات الاف من المدنيين. وقال ابو بكر حامد النور القيادي الميداني من حركة العدل والمساواة، عبر الهاتف من دارفور «إنهم (الحكومة) ألبسوا الجنجويد زي الشرطة وارسلوهم الى مناطق المشردين». وقال احمد حسين ادم القيادي في الحركة من لندن ان «الحكومة تكافئ عناصر الجنجويد بضمها الى القوات النظامية، بدلا من تقديمهم للمحاكمات بتهم ارتكاب جرائم». وقال «القوات النظامية من المفترض ان تكون قومية تمثل الجميع، ويفترض فيها النزاهة والشفافية، وان يتميز عناصرها بالانضباط الاخلاقي والعسكري». واضاف «وجود عناصر الجنجويد بداخلها يحولها الى ميليشيا جنجويد أخرى». وتابع «كيف سيكون شعور اهلنا في دارفور وهم يرون من قتل ابناءهم وشردهم وحرق قراهم يرتدي زي الشرطة، ويدعي حمايتهم.. انه شعور مأساوي». وطالب ادم «بتفكيك الجنجويد ومحاكمة عناصرها وفصل من تم استيعابه في الشرطة».