لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي: وكالة «سي آي إيه» قدمت لإدارة بوش استنتاجات خاطئة أو مبالغا فيها عن الخطر العراقي

هاجمت في تقريرها تينيت وبرأت الإدارة من تهمة الضغط على الاستخبارات لتبرير الحرب

TT

وجه التقرير الذي وضعته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاميركي ونشر أمس انتقادات شديدة اللهجة الى وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بسبب ضعفها في جمع المعلومات والاخطاء التي ارتكبتها في التحليل قبل الحرب على العراق واعتداءات سبتمبر (ايلول) 2001. وقال التقرير ان «سي آي إيه» كانت ضحية «تفكير جماعي» قادها الى ارتكاب أخطاء والى تقديم استنتاجات مبالغ فيها او خاطئة لادارة الرئيس جورج بوش قبل غزو العراق عام 2003. كما هاجم التقرير مرارا مدير الوكالة المستقيل جورج تينيت، الذي انتهت خدمته اول من امس، واخذت عليه تحديدا عدم مراجعة خطاب حالة الأمة عام 2003 قبل ان يلقيه الرئيس بوش، ذلك الخطاب الذي تضمن معلومات غير صحيحة عن سعي العراق للحصول على يورانيوم من النيجر. كما اتهم التقرير تينيت بتجاهل استنتاجات الوكالات الاستخباراتية الأخرى والاكتفاء بتقديم ما خلصت اليه وكالته فقط من استنتاجات الى صناع القرارات. وجاء في ان «القسم الاكبر من النتائج الاساسية لاجهزة الاستخبارات في اكتوبر (تشرين الاول) 2002 والمتعلقة بمواصلة برامج اسلحة الدمار الشامل في العراق مبالغ فيها او لا تستند الى معلومات». واضافوا ان «سلسلة اخطاء ولا سيما اخطاء في التحليل ادت الى تفسير سيئ للمعلومات الاستخباراتية» حول العراق قبل الحرب. وقال تقرير اللجنة ايضا ان الاستخبارات الأميركية تجاهلت شكوكا بشأن مختبرات الاسلحة البيولوجية المتنقلة في العراق وهي من العناصر الرئيسية التي استشهدت بها الادارة الأميركية في تبرير الحرب على العراق.

وأرجع التقرير هذه الاخطاء الى «جوانب خلل مستمرة في عمل الوكالة لا يمكن اصلاحها بالاموال فقط». الا أن التقرير، الذي يحمل عنوان «تقرير عن تقييم أجهزة الاستخبارات الأميركية للمعلومات الخاصة بالعراق قبل الحرب» ويقع في أكثر من 400 صفحة، قال ان لجنة الاستخبارات لم تجد اي دليل يشير الى محاولة مسؤولين في الادارة التأثير او الضغط على محللين لكي يقوموا بتعديل ما توصلوا اليه بشأن وجود اسلحة دمار شامل في العراق. تجدر الاشارة الى ان تقرير اللجنة يأتي في الوقت الذي يدرس فيه الرئيس جورج بوش موعد ترشيح مدير دائم لـ«سي آي ايه» خلفا لجورج تينيت، بعد استقالته من الوكالة. وكان يعتقد ان بوش سيترك نائب تينيت جون ماكلاخلين، الذي يتولى منصب القائم بأعمال المدير في منصبه الى ما بعد الانتخابات العامة، لكن كبار المسؤولين في الادارة اشاروا الى ان بوش يريد تعيين رئيس دائم للوكالة.

والقى تينيت كلمة وداع للعاملين في الوكالة حثهم فيها على الوقوف في وجه اية تغييرات غير ضرورية او غير مطلوبة. وقال تينيت امام اكثر من الف من العاملين في خطبة ذات صبغة تحد، انهم «اصحاب» الوكالة وهم ملتزمون برفض أي تدخل غير مرغوب فيه من غير المختصين. وتحسبا للتقرير الانتقادي اضاف تينيت قائلا «اذا اراد الناس قيادتنا للوراء في اتجاهات خاطئة، فيجب ان ترتفع اصواتكم وتقولوا: نعرف افضل منكم ولن نقبل ذلك. ان هذه المؤسسة هي مؤسستكم. نحن نخدم كقادة لكم.. مجرد خدم لفترة محدودة من الوقت».

ومضى الى القول «في النهاية سيوازن الشعب الاميركي ويقيم سجلنا ـ اين حققت الاستخبارات نجاحا واين قصرنا. وفي اطار الصعوبات والقيود التي نواجهها، فسيقدرون خدماتكم ويعترفون بها».

ويأتي تقرير مجلس الشيوخ في اطار سلسلة من التحقيقات في اداء قطاع الاستخبارات في الآونة الاخيرة. وكان الرئيس بوش قد شكل لجنتين للتحقيق في هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 وقدرات اجهزة الاستخبارات في ما يتعلق بموضوع اسلحة الدمار الشامل.

وتقرير مجلس الشيوخ هو الجزء الاول من تقرير من جزءين، وقد نجح في توحيد اتجاهات اللجنة المنقسمة حزبيا، في بعض المجالات.

الا ان الديمقراطيين كانوا يريدون ان يتم التحقيق على مرحلة واحدة واسعة النطاق يمكن ان تشمل قضايا اخرى مثل ما اذا كان كبار المسؤولين في ادارة بوش قد اساءوا استخدام التحليلات التي قدمتها اجهزة الاستخبارات.