قضاة المحكمة الدولية باستثناء القاضي الأميركي يجدون إسرائيل في انتهاك صارخ للقانون الدولي في بناء الجدار

مندوب فلسطيني في الأمم المتحدة : القرار ملزم وخطوتنا التالية العمل على إقرار الجمعية العامة للحكم

TT

بعد 136 يوما من المداولات، وجدت محكمة العدل الدولية في لاهاي في هولندا بجميع قضاتها باستثناء القاضي الاميركي في رأيها الاستشاري، ان اسرائيل تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي في بنائها جدار الفصل الذي تقيمه في عمق الضفة الغربية المحتلة وطالبتها بوقف البناء فيه وهدم ما شيد منه حتى الآن.

كما دعت اسرائيل الى دفع تعويضات للفلسطينيين الذين تضرروا بسبب بنائه. ورفض جميع القضاة الـ 15 بمن فيهم الاميركي ادعاءات اسرائيل بأنها أي المحكمة تتمتع بصلاحيات النظر في شرعية الجدار ومزاعمها بأنه كان ضروريا لاعتبارات أمنية.

وجاء في حيثيات القرار الذي بدأ رئيس المحكمة القاضي الصيني شي جيونغ تلاوته في الساعة الواحدة من بعد ظهر امس حسب توقيت غرينيتش، واستغرقت قراءته بضع ساعات، ان اسرائيل «انتهكت ببناء الجدار الفاصل القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بسبب المساس بحرية حركة المواطنين الفلسطنيين، وفي حقوقهم المتعلقة بمجالي التربية والصحة».

ودعا القضاة، من بينهم قاضيان عربيان من مصر والاردن، في ملخص قرارهم الأمم المتحدة إلى بحث الخطوات التي يجب اتخاذها «لإنهاء الوضع الذي لا يُحتمل والناتج عن بناء الجدار وتعزيز وجود الشرطة جراء ذلك، وأخذ رأي المحكمة بعين الاعتبار». ودعا القرار الامم المتحدة خاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن، الى النظر في الاجراء المطلوب عمله لوضع حد للوضع غير القانوني الناجم عن اقامة الجدار، آخذين بعين الاعتبار الرأي الاستشاري هذا. من جانبها، رفضت اسرائيل كما كان متوقعا حكم المحكمة جملة وتفصيلا، واكدت كما كان متوقعا ايضا انها لن تلتزم به بأي شكل من الاشكال.

اما الفلسطينيون فقد رحبوا به. واعتبر الدكتور ناصر القدوة المندوب الفلسطيني في الامم المتحدة الذي قدم الى جانب 16 دولة ومنظمة، المرافعة الشفوية امام محكمة العدل الدولية في 23 فبراير (شباط) الماضي، ان قرار المحكمة هو ما كان يطمح اليه الفلسطينيون. وقال في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» في لاهاي امس «هذا ما كان مطلوبا»، وردد القول تعبيرا عن سعادته «هذا الكلام هو كل ما كان مطلوبا من المحكمة».

وخلافا لما يتردد ان رأي المحكمة غير ملزم، قال القدوة «ان هذا هو حكم القانون الدولي، وبالتالي فهو ملزم». واضاف: «ان الخلاف بين الرأي الاستشاري وحالات النزاع، هو انه في حالات النزاع تقتضي المحكمة الموافقة المسبقة من الاطراف المعنية، في حالتنا الأمر لا يقتضي الموافقة المسبقة، لأنها نتيجة طلب من احد اجهزة الامم المتحدة لكنها تستند الى القانون الدولي وتعكسه ولها نفس قوة القانون. ان اكبر هيئة قانونية في الامم المتحدة تقول ان هذا هو حكم القانون وبالتالي فهو ملزم». وتابع القول «كل الدول التي تحترم القانون الدولي وتعمل بمقتضاه يجب ان تلتزم بأحكامه».

وأعلن القدوة عن الخطوة الفلسطينية التي ستلي قرار المحكمة الدولية. وقال «سنبدأ التحرك التالي في الجمعية العامة باعتبارها الجهاز في الامم المتحدة الذي طلب من المحكمة رأيها. وبعدها نتوجه الى مجلس الأمن الدولي». وقال: «سنعمل من اجل ان تقر الجمعية العامة حكم المحكمة والتأكيد على ضرورة قبوله. عندئذ سنتقدم بمشروع قرار الى مجلس الأمن لتبني رأي المحكمة».

ورفض القدوة ان يعطي رأيه في ما اذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم حق الفيتو في حال عرض الموضوع على مجلس الأمن، خاصة وان وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم استبق القرار بمناشدة الرئيس الاميركي جورج بوش باستخدام حق الفيتو ضد اي قرار من هذا القبيل. وقال القدوة: «لا أريد ان استبق الاحداث عندما يحين الوقت سيكون لكل حادث حديث».

ويأتي قرار المحكمة الدولية بناء على قرار اتخذته الجمعية العام للامم المتحدة في 8 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، يطالب المحكمة بموجب البند 65 من دستور المحكمة لتقديم رأيها الاستشاري حول السؤال التالي: «ما هي العواقب القانونية الناجمة عن اقامة الجدار الذي تبنيه اسرائيل «القوة المحتلة» في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، كما جاء في تقرير الامين العام، بموجب احكام ومبادئ القانون الدولي بما فيه معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ذات الصلة».

وبناء على ذلك ووفق ما جاء في حيثيات القرار الذي ورد في 68 صفحة ذات القطع المتوسط:

* (بإجماع القضاة الـ 15) وجدت المحكمة وخلافا للادعاءات الاسرائيلية والاميركية وبعض الدول الاوروبية، ان من صلاحياتها القانونية إعطاء الرأي الاستشاري المطلوب.

* (بموافقة 14 قاضيا واعتراض القاضي الاميركي بيرغينثال) قررت المحكمة تلبية طلب تقديم الرأي الاستشاري.

* (14ـ 1) ان اقامة الجدار الذي تبنيه اسرائيل الدولة المحتلة، فوق الاراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية ومحيطها، تشكل انتهاكا للقانون الدولي.

* (14ـ 1) ان اسرائيل ملزمة بالتوقف عن انتهاك القانون الدولي، وهي بذلك ملزمة بوقف العمل في اقامة الجدار الذي تبنيه في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك داخل القدس الشرقية وحولها، وهدم ما بني منه.

* (14ـ 1) إسرائيل ملزمة بدفع تعويضات عن جميع الاضرار الناجمة عن اقامة الجدار في الاراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية ومحيطها.

* (13 مع، و2 ضد، هما الاميركي والهولندي) ان جميع الدول ملزمة بألا تعترف بالوضع غير القانوني الناجم عن اقامة الجدار ويجب ألا تقدم الدعم المالي او المساعدة في الحفاظ على الوضع الناجم عن اقامة الجدار. وعلى جميع الدول الموقعة على معاهدة جنيف الرابعة (12 اغسطس (اب) 1949) المتعلقة بحماية المدنيين في اوقات الحرب، ان تضمن في الوقت الذي تحترم فيه ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي، التزام اسرائيل بالقانون الانساني، كما هو مجسد في المعاهدة.

* (14ـ 1) على الأمم المتحدة وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن، ان يفكرا في الاجراء المطلوب عمله لوضع حد للوضع غير القانوني الناجم عن اقامة الجدار، آخذين بعين الاعتبار الرأي الاستشاري هذا.

* (14ـ 1) ان الجدار في مساره المختار، يسلب عددا من حقوق الفلسطينيين المقيمين في الاراضي التي تحتلها اسرائيل. وان الانتهاكات الناجمة عن مسار الجدار لا يمكن تبريرها بأغراض عسكرية طارئة او أمن قومي او نظام عام.

* (14ـ 1) ان اسرائيل ملزمة بأن تنفذ تعهداتها باحترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير. وبالتزاماتها بموجب القانون الانساني الدولي وقانون حقوق الانسان الدولي. والأهم من ذلك ان يجب أن تضمن حرية الحركة ودخول الاماكن المقدسة الخاضعة لسيطرتها. وصدر القرار بنسختين، احداهما انجليزية والثانية فرنسية، على ان تكون الفرنسية هي النسخة الرسمية، في قصر السلام (مقر المحكمة) في لاهاي العاصمة السياسية لهولندا.

وستوضع احدى النسختين في ارشيف المحكمة، بينما سترسل الثانية الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان. وحملت النسخة توقيع رئيس المحكمة الصيني شي جيونغ وكاتب المحكمة فيليب كوفريور.