إسرائيل ترفض رسميا قرار المحكمة وتبدي استعدادا لهدم الجدار عند تحقيق السلام

TT

قبلت اسرائيل نصيحة الحلفاء في الادارة الاميركية ولم تخرج برد فظ على قرار محكمة لاهاي، وخرجت بموقف يبدو معتدلا في ظاهره.

إذ قالت انها لا تمانع في هدم الجدار العازل او تغيير مساره. لكنها تشترط لذلك ان تتوصل الى اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين اولا، لتضمن أمنها وسلامة سكانها.

وقال المتحدث بلسان رئيس الوزراء الاسرائيلي، آفي بزنر، في باريس امس، «ان هذا الجدار هو مسألة حدودية متنازع عليها بين اسرائيل وبين الفلسطينيين. ولا مكان لأن تتدخل محكمة العدل الدولية فيه إلا اذا طلب الطرفان ذلك منها». وتجاهل بهذا ان الطرف الثاني (أي الفلسطيني) هو الذي توجه الى المحكمة).

وكانت الحكومة الاسرائيلية قد استعدت لهذا اليوم بشكل مكثف منذ ثلاثة اسابيع، من اجل الرد على قرار المحكمة حال صدوره رسميا. فأقامت طاقما من ممثلي مكتب رئيس الحكومة ومكاتب رؤساء الجيش والمخابرات والخارجية والوكالة اليهودية، يعمل منذ 3 اسابيع على السيناريوهات المحتملة. ووصلت الى هذا الطاقم نسخة من مسودة قرار محكمة لاهاي قبل صدوره بيومين، فبدأوا بدراسته واعداد الرد عليه. واشركوا ممثلين عن الادارة الاميركية في هذه الدراسة، وخرجوا بقرار الا يهاجموا المحكمة، بل يواصلون خط نزع الشرعية عنها، وفي الوقت نفسه التأكيد على ان الجدار ليس مقدسا وانه «اقيم لأسباب الخطر الامني، فعندما يزول الخطر نزيل الجدار».

وتوجه وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم الى الادارة الاميركية وعدد من قادة الكونغرس الاميركي طالبا الوقوف الى جانب اسرائيل ضد اتخاذ اجراءات عقابية ضدها في مجلس الأمن الدولي لإلزامها ازالة الجدار. كما طلب تدخلهم لدى دول الاتحاد الأوروبي التي سارعت الى اعلان تأييد قرار المحكمة واعتباره منسجما مع الموقف الأوروبي الذي يعتبر الجدار غير شرعي.

اما في الساحة الاسرائيلية السياسية فقد تباينت الآراء حسب التركيبة السياسية والحزبية. ففي اليمين المتطرف اعتبروا القرار معاديا لاسرائيل، وفي الوقت نفسه اشادوا به باعتباره تأكيدا على ضرورة هدم الجدار «فهو يفصل بين اليهود واليهود في ارض اسرائيل». وقال النائب اديه الداد، ان الجدار يقطع ارض اسرائيل الى قطعتين ويمزق الجسد المقدس لهذا الوطن، وهو يؤيد ازالته.

وفي اليمين الوسط تماثلوا مع موقف الحكومة الذي يرفض تدخل المحكمة الدولية. وقال شالوم ان اسرائيل دولة ديمقراطية توجد فيها محكمة عدل عليا. وقراراتها هي الملزمة لها. والمحكمة امرت الحكومة بتغيير مسار الجدار، وفي الوقت نفسه اكدت على اهمية الجدار.

وفي المعارضة الاسرائيلية اليسارية والوسطى وفي الجناح اللبرالي، مثل شينوي والعمل، جاء الرد على قرار محكمة لاهاي بالتأكيد على ان الحكومة ارتكبت حماقة عندما اقامت الجدار في مساره الحالي «فلو تم بناؤه على الخط الأخضر لما كان احد اعترض عليه».

اما في اليسار الراديكالي، مثل حزب ياحد فقد هاجموا الحكومة بشدة على ما سببته وتسببه من حرج لاسرائيل امام العالم. وقال النائب يوسي سريد ان هذه حكومة يمينية بلا احساس وبلا منطق ولا تأتي إلا بالمصائب على اسرائيل. وقال ان الجدار من اساسه الفكرة والمسار، هو غول بشع يجب هدمه والتخلص منه.

وفي الاحزاب العربية الوطنية في اسرائيل هاجموا الحكومة وطالبوها بالالتزام بقرار المحكمة الدولية. وتقدم النائب محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بطلب الى الكنيست لنزع الثقة عن الحكومة باعتبارها حكومة مغامرة تمارس سياسة ابرتهايد (عنصرية) ضد الفلسطينيين وتضر بمصالح الدولة في المجتمع الدولي. وقال النائب احمد طيبي رئيس الحركة العربية للتغيير ان قرار المحكمة يثبت ان اسرائيل الدولة الاكثر مخالفة للقانون الدولي. ودعا المجتمع الدولي الى الزامها باحترام قرار لاهاي بهدم الجدار والا فلتعزل مثلما عزل نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. وقال النائب د. عزمي بشارة ان القرار يشكل صفعة مجلجلة لحكومة اسرائيل ولم يقبل أي بند من بنود الادعاء الاسرائيلي لتبرير اقامة الجدار.

واصدر رئيس اركان الجيش موشيه يعلون بيانا قال فيه ان المحكمة الدولية تعتمد على نظام بحث قديم مهترئ بعيد عن احاسيس الناس في المنطقة.