اللبناني نبيل جمال يروي ظروف اعتقاله في سجن «أبو غريب»: سألوني عبر الكومبيوتر إذا كنت أنتمي إلى «القاعدة» أو «حزب الله»

TT

أمضى اللبناني نبيل جمال خمسة اشهر في سجن «ابو غريب» العراقي بتهمة دعم الارهاب والتعامل مع مختلف الجهات الارهابية من تنظيم «القاعدة» الى «حزب الله» و«الاخوان المسلمين» في مصر، الى «الجهاد الاسلامي» و«حماس» في فلسطين، وصولاً الى «جماعة ابو سياف» في الفلبين. جمال عاش في العراق منذ حوالي 28 سنة، اذ اسس والده معملاً للحلويات العربية يديره وشقيقه. ولقد اقام جمال مع عائلته في بغداد، ولم يغادرها حتى خلال الحرب. «الشرق الأوسط» التقت نبيل جمال في منزله في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث تحدث عن ظروف اعتقاله ومشاهداته في سجن «ابو غريب». استهل نبيل حديثه قائلاً: «داهمت القوات الاميركية بيتي عند منطقة الجادرية على ضفة نهر دجلة الشرقية ليل الخميس في الثاني عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي. طوقوا المنطقة وكان عددهم حوالي 200 عنصر. استيقظت وهم يحاولون نسف الباب بعبوة. عند إلقاء القبض علي في المنزل ضربوني واقتادوني لأفتح لهم المحل والمعمل، وقد وجدوا في بيتي قطعة سلاح واحدة من اجل الحراسة ومصرّح عنها. ومن ضمن الجنود الاميركيين الذين جاؤوا، كان هناك لبناني يعمل مع الـ CIA وكويتي ادّعى انه من البصرة. وفي المحل أجبروني على فتح الخزنة وسرقوا كل ما فيها من اموال وكان يفوق الـ 17 الف دولار، كما سرقوا عملات عراقية وسورية ويورو..». وتابع: «... بعدها اقتادوني الى قصر السجود الذي يقع على الضفة الغربية لنهر دجلة. وهناك بدأ التحقيق الذي قام به محقق اميركي ومعه مترجم مصري. والمحققون هم ضباط في العقد الثالث من العمر. الاسئلة كانت تأتي عبر الكومبيوتر. وسألوني اذا ما كنت على علاقة بأسامة بن لادن وإذا كنت انتمي الى «حزب الله» او «الاخوان المسلمين» او «الجهاد الاسلامي» و«حماس» و«حزب البعث» و«الحزب الكردستاني ـ الاسلامي» او اذا كانت لدي علاقة بـ «مجاهدي خلق» او جماعة «ابو سياف» في الفلبين. كما سألوني اذا كنت زرت سورية او اليمن او المملكة العربية السعودية خلال السنتين الاخيرتين، فضلاً عن زيارة مدن المقاومة في العراق، كالفلوجة والرمادي وسامراء وتكريت. واذا ما زرت تل ابيب او مناطق باكستانية على حدود افغانستان كبيشاور، او زرت تورا بورا. فأجبت بالنفي. وجوابي حول البلاد التي زرتها في السنتين الاخيرتين هي سورية ومدينة نيويورك الأميركية وعدد من المدن الاوروبية للسياحة».

واضاف نبيل: «كذلك سئلت اذا كنت اعرف احداً في «جيش الصقر» او اذا كنت عضواً فيه، فأجبت بأنني لا اعرف الحزب كلياً. وسئلت اذا كنت قد زرت ديالى، وهي محافظة تشهد مقاومة عراقية، فأجبت بالنفي، واستمر التحقيق حتى الساعة الخامسة فجراً. كما حققوا مع موظف عراقي يعمل في معمل للحلويات». وافاد نبيل «ان اعلاميين كثيرين من محطات اجنبية وعربية كـ «الجزيرة» و«العربية» كانوا يترددون الى محلي وكانوا يقولون لي انهم سمعوا عن امكانية اعتقالي. وبعد التحقيق أُخذت الى قفص في باحة السجن امضيت فيه 12 يوماً. وحقق معي مسؤولون في الـ CIA وكانت الاسئلة مختلفة. فخلال دخولهم المحل اخذوا اجازات العمل الخاصة بالعمال العراقيين والمرفقة بصورهم. وسألوني ما اذا كنت اقوم بتهريب مجاهدين (ظنوا ان العمال هم مجاهدون). ثم سألوني عن القنابل التي وجدوها في بيتي، فأجبتهم بأنهم لم يجدوا شيئاً. ثم سألوا عن آثار جروح المتفجرات في يدي، فأجبتهم بأنهم لم يفحصوا يدي فكيف رأوا تلك الآثار. ثم قالوا ان هناك من ابلغ عني انني امتلك اسلحة، فأجبت: اذن اسألوهم حول الاسلحة. كما سألوني اذا كنت اعرف مكان اسلحة الدمار الشامل ومكان شقيق صدام حسين، اضافة الى اسئلة حول ديانتي ومذهبي. فأجبت بأنني مسلم سني». ثم قال: «محققو الليل كانوا أقسى ومعهم مترجمة اميركية من اصل عراقي. وبعد 12 يوماً نقلت الى سجن «ابو غريب» ومكان المعتقلين لأسباب سياسية يختلف عن مكان السجناء لأسباب جنائية في «ابو غريب». وضعت في خيمة منصوبة في الخلاء، يفترض ان تتسع لخمسة عشر شخصاً، الا اننا كنا 35 شخصاً والخيمة تبقى مفتوحة والاضواء مسلطة علينا. امضيت في هذه الخيمة خمسة اشهر. في سجن «ابو غريب» السجانون مهووسون بالجنس. وكل التعذيب يدور في فلك الجنس. كانوا يحاولون اغتصاب رجال الدين ويصوّبون ضربات كهربائية الى مناطق حساسة في الجسم. والضابطات كن يقمن بجلد الرجال وهن عاريات. ورأيت السجانة الشهيرة ليندي انغلند تحاول اغتصاب احد السجناء. كانوا يجبرون أحدهم على الجلوس بوضع وكأنه جالس على كرسي ويداه ممدودتان، وكان هناك من ربطوا يديه بالقضبان الحديدية وادخلوا كيساً برأسه وجعلوه يقف على أكياس بحص طوال ثلاثة ايام، وهناك من يعطونهم مسهلاً للمعدة ويمنعونهم من دخول الحمام».

واوضح ان «كل جلسات التحقيق كانت تجري ورؤوسنا مغطاة بأكياس. انا والحمد لله لم أتعرض لوسائل تعذيب مبرحة. في ابريل (نيسان) اي بعد شهر ونصف الشهر من اعتقالي صدر قرار ببراءتي. الا ان مدير السجن تأخر في توقيع قرار الإفراج عني. وقالوا انهم يريدوننا كأعداد حتى يقال اننا أفرجنا عن هذا العدد».

وختم نبيل كلامه بالقول: «خلال خمسة اشهر خسرت 30 كيلوغراماً. الاكل وسخ جداً ويحق لنا تناول وجبتين في اليوم. وكنا 700 معتقل نتناوب على حمام واحد بلا امدادات. اما الاستحمام فكان يحق لنا مرتين في الاسبوع لفترة دقيقة. وهناك من يتحكم بالمياه وهي دائماً باردة. وهناك مياه ساخنة لكنهم لا يفتحونها لنا للاستحمام بل لمجرد عرضها على الصليب الاحمر خلال قيامه بالكشف على السجن. وكل تسعة معتقلين يتقاسمون صابونة».