الخرطوم تحذر واشنطن من إثارة قضية تشبه «أزمة العراق» في دارفور

أميركا تواجه معارضة قوية في مجلس الأمن بشأن مشروع قرار لفرض عقوبات على السودان

TT

حذر وزير الخارجية السوداني مصطفى اسماعيل واشنطن من اثارة ازمة تشبه ازمة العراق بسبب الحرب الاهلية في دارفور، مؤكدا ان التهديدات الاميركية بفرض عقوبات على بلاده لن تؤدي سوى الى تفاقم الوضع. وقال اسماعيل « على تلك الاصوات التي جرّت العالم الى حرب العراق.. ان لا تدخله مرة اخرى في حرب جديدة يصعب الخروج منها».

وقال الوزير السوداني، ان دعوات واشنطن الى مجلس الأمن الدولي بالتفكير في فرض عقوبات على بلاده «تتناقض مع معطيات الواقع وتضعف جهود الحكومة والاتحاد الافريقي».

واضاف ان هذه التهديدات «من شأنها تعقيد العلاقة بين السودان والمنظمة الدولية واضعاف مصداقية الاتفاقات التي تم التوقيع عليها ولم يجف حبرها سواء مع الامين العام للامم المتحدة كوفي انان او وزير خارجية اميركا كولن باول».

وتعهدت الخرطوم في هذه الاتفاقات بنزع اسلحة الميليشيا العربية الموالية للحكومة التي القيت عليها مسؤولية معاناة سكان دارفور. وقال اسماعيل ان «هناك مؤامرة تحاك ضد السودان تستهدف هويته وتركيبته وعلينا الاستعداد لكل الاحتمالات»، مضيفا ان الخرطوم تعارض فرض عقوبات على اي سوداني. ونبه الى ان «اسلوب التهديد لن يحل القضية بل يعقدها». وعلى الرغم من ذلك قال «نحن واثقون.. ان لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا». وقال الوزير ان الحكومة ستمضي في تنفيذ التزاماتها المكتوبة في الاتفاقات مع الامم المتحدة والولايات المتحدة ولن تكترث كثيراً بالتهديدات. واضاف ان الحكومة قادرة على تنفيذ ما يليها من التزامات وتابع «الطرف الآخر اذا اصدر قرارات سياسية أو حزبية لن نكترث لها كثيرا».

وقد صاغت واشنطن مسودة قرار لطرحه امام مجلس الأمن الدولي ينص على فرض عقوبات على قادة الميليشيا ويهدد بتوسيع نطاق العقوبات لتشمل مسؤولين سودانيين اذا لم تتحرك الخرطوم بسرعة لوقف الانتهاكات في دارفور.

وقال وزير الخارجية الاميركي كولن باول اثناء مخاطبته ندوة حول السياسة الافريقية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية اول من امس، «على الحكومة السودانية بذل مزيد من الجهد لتنفيذ وعودها بشأن دارفور، وان عليها القيام بتحركات سريعة، لأن فشلها في التحرك يمكن أن يؤدي إلى عقوبات صارمة من الأمم المتحدة». وأضاف «الأعمال فقط وليس الكلام». وقال باول إن الولايات المتحدة لن تكتفي فقط بالوعود التي قدمتها حكومة الخرطوم بشأن أزمة دارفور.

وجاءت تصريحات اسماعيل عقب عودته من اديس ابابا، حيث شارك في قمة الاتحاد الافريقي وافق خلالها الاتحاد على نشر قوة من حوالي 300 جندي في دارفور بنهاية الشهر لحماية المراقبين والمدنيين في المنطقة. من جهة اخرى يتوجه الرئيس السوداني عمر البشير الى الجنينة في ولاية غرب دارفور اليوم، لاجراء محادثات مع نظيره التشادي ادريس دبي حول نشر قوة عسكرية مشتركة للقيام بدوريات على الحدود المشتركة. وفي نيويورك قال دبلوماسيون ان الولايات المتحدة تواجه معارضة كبيرة من اعضاء مجلس الأمن الدولي في مساعيها لفرض عقوبات على ميليشيا «الجنجويد». وابدت كل من الصين وروسيا وباكستان والجزائر والبرازيل ودول اخرى اعضاء في مجلس الأمن قلقها بشأن اي حظر، خلال اجتماع مبدئي بشأن مشروع قرار اعدته الولايات المتحدة قائلة ان الحصول على تعاون الخرطوم سيكون مفيدا اكثر من فرض عقوبات عليها.

وقال مشاركون في هذا الاجتماع ان دولا اوروبية من بينها بريطانيا وفرنسا والمانيا واسبانيا ورومانيا ايدت ادارة الرئيس جورج بوش في مجلس الأمن. وسيفرض هذا القرار حظرا فوريا على الاسلحة وعلى سفر زعماء ميليشيا الجنجويد التي يقول المسؤولون الاميركيون انهم يملكون ثروة طائلة. وسيعطي القرار الحكومة 30 يوما لتنفيذ تعهداتها قبل ان تواجه عقوبات محتملة.

وتواجه الجنجويد اتهامات بحرق قرى وخطف اطفال وتلويث مصادر المياه واغتصاب النساء بشكل منظم وتشريد مليون قروي افريقي بدعم من القوات المسلحة السودانية. وقال دبلوماسي كبير في مجلس الأمن، اشترط عدم نشر اسمه «لو اجري تصويت اليوم لخسرته الولايات المتحدة.. لكن سيتعين على واشنطن اجازته من خلال الضغط المكثف».

وقال سفير اخر ان كوفي انان الامين العام للامم المتحدة قد يتمكن من اقناع الاعضاء بالموافقة على مشروع القرار اذا لم يبد السودان تعاونا. وحث أنان الذي القى كلمة امام اعضاء مجلس الأمن خلال مؤتمر عبر الفيديو خلال زيارته لنيروبي يوم الاربعاء على مواصلة الضغط على السودان ولكنه لم يذكر القرار بالتحديد. وفي اتفاق مع أنان الاسبوع الماضي وافق الرئيس السوداني عمر حسن البشير على نزع سلاح الجنجويد وارسال شرطة الى دارفور لحماية المدنيين والبدء في محادثات سياسية مع المتمردين وتمكين وكالات الاغاثة الدولية من الوصول الى المنطقة.

وقال ستيورات هوليداي وهو نائب للسفير الاميركي ان أحد الحلول قد تكون إرسال الخرطوم قوات أمن الى دارفور من خارج المنطقة مثلما فعلت الحكومة بنجاح في مناطق أخرى من السودان. وقالت متحدثة باسم الامم المتحدة اول من امس، ان الحكومة تعهدت بارسال نحو ستة الاف شرطي الى دارفور. واضافت «من المفهوم ان هذا الانتشار سيستغرق بعض الوقت ولكن الامم المتحدة في السودان تتابع هذا».