مسلمو البوسنة يحيون الذكرى التاسعة لمجزرة سريبرنيتسا بإعادة دفن رفات 338 ضحية غدا

TT

على خلفية اعتراف سلطات صرب البوسنة مؤخرا بجرائم الحرب في حق المسلمين، وصل أمس إلى مقبرة بلوتتشاري القريبة من سريبرنيتسا 338 تابوتا تحمل رفات ضحايا مجزرة سريبرنيتسا بين 10 و19 يوليو (تموز) 1995. ويقدر عدد ضحايا المجزرة بـ 10 آلاف ضحية. وسيعاد دفن الرفات في المقبرة المذكورة غدا بحضور ما يزيد عن 20 ألف مشيع من مختلف أنحاء البوسنة، ولا سيما أهالي الضحايا، وسكان سريبرنيتسا المسلمين.

وقد انطلق موكب الجنائز في شاحنات تبريد أمس من منطقة فيسوكو بوسط البوسنة، مرورا بعدة مناطق ومدن مثل الياش، وفوغوتشا ثم العاصمة سراييفو. وقد اصطف المواطنون على قارعة الطريق لرؤية المشهد الجنائزي الذي يعيد للأذهان مأساة سريبرنيتسا قبل 9 سنوات بالتحديد. ولم يتمالك الكثير من المواطنين البوسنيين والاجانب الذين اصطفوا على قارعتي الطريق انفسهم وأجهشوا بالبكاء، وتعالت صرخات النساء مولولة بحرقة وكأن المجزرة حدثت امس. وقد توقف الموكب الجنائزي قليلا أمام مبنى الرئاسة البوسنية حيث رفع المجتمعون هناك وبينهم أعضاء في الحكومة البوسنية أيديهم لقراءة الفاتحة على أرواح الضحايا.

وعشية الفعاليات لاحياء ذكرى مجزرة سريبرنيتسا، اعلن دراغان كافيتش رئيس جمهورية صرب البوسنة ـ التي تشكل الفيدرالية الكرواتية المسلمة في البوسنة في ما بعد الحرب ـ انه سيتوجه غدا الى بلغراد للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الصربي الجديد بوريس تاديتش.

ويرى مسلمو البوسنة في هذه المبادرة «اهانة» رغم ان كافيتش وصف مؤخرا مجزرة سريبرنيتسا بأنها «صفحة سوداء في تاريخ الصرب». وصرحت صابرة كولينوفيتش، من جمعية النساء اللواتي نجون من المجزرة بقولها: «هذا عار! انه دليل على ان الاعتراف بارتكاب هذه الجرائم التي راح ضحيتها اهلنا ليس من باب القبول بالحقيقة بل نتيجة الضغوط الدولية».

وتتراوح اعمار الضحايا بين 15 و77 عاما وستدفن في مقبرة بوتوكاري التي بنيت عند مدخل سريبرنيتسا. وتضم هذه المقبرة منذ يوليو 2003 رفات 989 شخصا آخر تم التعرف ايضا على هوياتهم. وحتى اليوم لا يزال هناك خمسة الاف كيس مملوءة برفات الضحايا تنتظر للتعرف على هويات اصحابها عن طريق تحليل الحمض الريبي النووي.

وفي الثاني عشر من يونيو (حزيران) وامام الضغوط الدولية اعترفت «جمهورية صرب البوسنة» بالفظاعات التي ارتكبتها قواتها في سريبرنيتسا لكن من دون ان تفعل شيئا من اجل اعتقال ابرز مرتكبيها. واقرت سلطات صرب البوسنة بأن قواتها «قامت بتصفية الاف المسلمين» في سريبرنيتسا فييوليو 1995 وان «مرتكبي الجرائم اخفوها» وذلك في تقرير سلم الى الموفد الخاص للاسرة الدولية في البوسنة بادي آشداون.

وقبل ذلك كانت سلطات صرب البوسنة ترفض الاعتراف بهذه المجزرة التي تعتبر افظع واقعة من هذا القبيل في اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ولا يزال العديد من صرب البوسنة يشككون في وقوع هذه المجزرة ويرون في مرتكبيها «ابطالا» امثال رادوفان كارادجيتش والجنرال راتكو ملاديتش اللذين اتهمتهما محكمة الجزاء الدولية عام 1995 بالابادة وبجرائم حرب وجرائم في حق الانسانية في البوسنة.

كما تتهم المحكمة الرجلين الفارين بالقيام بدور في مجزرة سريبرنيتسا. وقد اصدرت محكمة الجزاء الدولية في ابريل (نيسان) 2004 في حق الجنرال راديسلاف كريستش، الذي كان يقود قوات صرب البوسنة التي شنت الهجوم على سريبرنيتسا، حكما بالسجن 35 عاما بعد ادانته بارتكاب عملية ابادة.

وسلطات صرب البوسنة هي الوحيدة في البلدان المنبثقة عن يوغوسلافيا سابقا التي لم تعتقل مجرم حرب واحد بعد مرور ثماني سنوات على نهاية النزاع في البوسنة. وفي الثلاثين من يونيو، ضمن جهوده الرامية الى تفكيك شبكات الدعم لمرتكبي جرائم الحرب الفارين، فصل آشداون نحو ستين مسؤولا من صرب البوسنة من بينهم رئيس البرلمان دراغان كالينيتش ووزير الداخلية زوران جيريتش.