الجزائر: اللقاءات مع «التائبين» للكشف عن أماكن دفن المفقودين خلال فترة التسعينات.. غير مجدية

TT

تبدي السلطات الجزائرية رغبة ملحة في طي ملف الاختفاءات القسرية، المتعلق بآلاف الأشخاص الذين اختطفتهم قوات الأمن أو الأصوليون في بداية ومنتصف التسعينات، ودرجت في المدة الأخيرة على استجواب عدد من «التائبين» للاستدلال على أماكن دفن هؤلاء المختطفين، لكن حقوقيين وحكوميين جزائريين قالوا ان «هذه الطريقة غير مجدية» للوصول الى الحقيقة.

وكان المحامي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان (هيئة حكومية أنشأها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العام الماضي)، على موعد أمس مع أصوليين تخلوا عن السلاح، للاستماع إلى شهاداتهم بخصوص عدد من المختطفين في منطقة متيجة الزراعية غرب العاصمة. وأوضح قسنطيني لـ«الشرق الأوسط» أن «ضيوفه» تخلفوا عن الموعد لأسباب قال إنه يجهلها. وفي وقت سابق، استمع المحامي لشهادات مجموعة من المسلحين استفادوا من عفو رئاسي في سنة 2000، على ضوء مشروع «الوئام المدني» الذي عرضه بوتفليقة على أفراد الجماعات المسلحة، لإنهاء الاقتتال الذي يدوم منذ عام 1992 وخلف 150 ألف قتيل. لكن المحامي لم يخرج بنتائج إيجابية من لقاءاته معهم، ويعود ذلك حسب رأيه إلى «الخوف المفرط من التعاطي مع هذا الملف الشائك»، وأضاف :«لقد التقيت بستة تائبين في ظرف ثلاثة أشهر، ووجدت أن المدة لا تكفي ولا عدد الشهود أيضا، لمعرفة أماكن اعتقال أو دفن المختطفين». وحرص نفس المصدر، على التأكيد بأن مساعيه لكشف الحقيقة عن مصير مئات الأشخاص الذين اختطفتهم الجماعات المسلحة، يحركها طلب ملح من جمعية «صمود» التي تضم عائلات تتهم المسلحين الإسلاميين باختطاف أبنائها وتعذيبهم، ثم قتلهم ورمي جثثهم في آبار مهجورة.

ويشن رئيس الجمعية علي مرابط، حملة عبر الصحف الخاصة لدفع السلطات إلى البحث عن جثث المختطفين، ويقول انه يعلم مكان دفن جثتي أخويه المختطفين في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية وتحديدا في بلدتي سيدي موسى وبوقرة، ويدعم موقفه بشهادات مسلحين تائبين، أكدوا حسبه، استعدادهم للكشف عن مواقع دفن المختفين قسريا. واكتشفت أجهزة الأمن قبل أعوام، بئرا مهجورة بجنوب العاصمة وأخرجت منه عشرات الجثث كانت في مرحلة متقدمة من التعفن، ولما سمعت أسر المفقودين بالخبر، تنقلت إلى المكان لكنها لم تتعرف على ذويها، كما أبدت الشرطة العلمية عجزا في التأكد من هوية المقتولين لفقدانها الوسائل العلمية الضرورية.

وفي الجهة الأخرى، تمارس عائلات المفقودين المختطفين من طرف قوات الأمن، ضغوطا على لجنة ترقية حقوق الإنسان لحملها على إظهار نفس الرغبة المتعلقة بالبحث عن ضحايا الجماعات المسلحة. ويقول رئيس اللجنة «بعد سنة من الاتصالات بمحافظات الشرطة ومقرات الدرك، لم نعثر على أي شيء يمكن أن يقود الى معرفة مكان دفن أو اعتقال المفقودين». وقد ثارت ثائرة العائلات لما اقترح عليها قسنطيني تعويضات مادية عن فقدان أبنائها، نظير عدم إثارة القضية نهائيا. ولا تزال الأمهات يتجمعن كل يوم أربعاء أمام مقر اللجنة، يرددن شعارات تدعو السلطات إلى تحمل مسؤولياتها في الكشف عن مصير أبنائها.