وزير الخارجية الفرنسي يزور الجزائر بعد غد وتلحقه وزيرة الدفاع الخميس لبحث التعاون وعقد اتفاقيات مشتركة

TT

في ما يمكن اعتباره تكثيفا للاتصالات الثنائية الفرنسية ـ الجزائرية وترجمة لمفهوم «الشراكة الاستثنائية» التي تريد باريس والجزائر التوصل إليها، يقوم وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنيه بعد غد بزيارة الى العاصمة الجزائرية. وبعد ثلاثة أيام فقط، تصل وزيرة الدفاع ميشال أليو ـ ماري الى الجزائر، في أول زيارة لوزير دفاع فرنسي الى المستعمرة السابقة التي استقلت عن فرنسا عام 1962 . ويمثل بارنيه وأليو ـ ماري وزارتي سيادة بامتياز. وكان وزير الاقتصاد والمال الفرنسي والشخصية الثانية في الحكومة نيكولا سركوزي قد زار الجزائر في بداية يونيو (حزيران) الماضي. وينتظر مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى باريس أواسط شهر أغسطس (آب) المقبل للقاء الرئيس الفرنسي جاك شيراك وللمشاركة في احتفالات إنزال الحلفاء في منطقة بروفنس الفرنسية المتوسطية لتحرير جنوب فرنسا من الاحتلال النازي. وقد شارك في عملية الإنزال آلاف من الجنود المغاربة الذين كانوا يقاتلون في صفوف القوات الفرنسية. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية امس إن زيارة بارنيه «ستتيح تحديد المراحل اللاحقة للعلاقة الثنائية وفق المحاور التي نص عليها إعلان الجزائر الذي صدر بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها شيراك الى الجزائر العام الماضي، وتغذية الحوار السياسي حول المسائل الإقليمية والدولية». ويعد شيراك رئيس الدولة الوحيد الذي ذهب الى الجزائر في أبريل (نيسان) خصيصا لتهنئة الرئيس بوتفليقة بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية. وتسعى فرنسا والجزائر للتوصل الى إبرام «معاهدة صداقة» يعمل الجانبان على بلورتها وستكون إحدى المسائل التي سيناقشها بارنيه مع المسؤولين الجزائريين، وعلى رأسهم الرئيس بوتفليقة ومع نظيره عبد العزيز بلخادم.

وتأتي زيارة بارنيه على خلفية أخبار وتقارير تتحدث عن استقواء التنافس بين باريس وواشنطن في منطقة المغرب العربي. وقال مصدر فرنسي مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «تتفهم حاجة الجزائر للتقارب مع الولايات المتحدة». وذهب الى حد وصف هذا التقارب بـ«الطبيعي» وأنه يندرج في إطار «سعي الجزائر للانفتاح على العالم الخارجي». ووفق تأكيدات هذا المصدر، فإن الحديث عن تنافس مع واشنطن «نغمة تتردد في الصحافة الجزائرية ولكن علاقاتنا ممتازة مع الجزائر ولا أرى ماذا يعني التنافس عمليا». ومعروف أن فرنسا هي الشريك الاقتصادي والمالي الأول للجزائر، وقد عرفت علاقات الجانبين وثبة حقيقية منذ عام 1999 أي منذ وصول بوتفليقة الى الرئاسة. وخلال السنوات العشر الماضية، عانت علاقات البلدين من مراحل توتر متلاحقة على خلفية الحرب الإرهابية في الجزائر وامتداداتها الى الأراضي الفرنسية. وبحسب المصدر الفرنسي، فإن الغرض من زيارة بارنيه مزدوج; جانبها الأول يهدف الى «تقويم ما تحقق حتى الآن على صعيد إعادة تأسيس العلاقة الثنائية وبحث الخطوات اللاحقة، علما أن وزير الخارجية مخول التنسيق بين كل أوجه العلاقة، بالإضافة الى وضع برنامج عمل مع جداول زمنية لإعطاء مضمون حسي للشراكة الاستثنائية وبحث ما آل إليه العمل على بلورة معاهدة الصداقة». أما الجانب الثاني، فيتمثل في متابعة الحوار السياسي الذي سيشمل العلاقات داخل المغرب العربي وملف الصحراء ومسار برشلونة وعلاقة الجزائر بالاتحاد الأوروبي والعراق والشرق الأوسط وأفريقيا. ويحرص الرئيس شيراك على متابعة ملف العلاقات الثنائية مع الجزائر شخصيا. وسبق أن دعا الوزراء المعنيين بهذا الملف الى اجتماعات في قصر الإليزيه لتقويم التقدم الذي تحقق في علاقات الطرفين.

و تعكس زيارة أليو ـ ماري «قفزة نوعية» في تقارب باريس والجزائر. وكانت صحيفة «لوكنار أونشينيه» الساخرة قد نشرت في عددها الأخير خبرا تؤكد فيه أن باريس، بدفع من الرئيس شيراك، تريد الوصول الى اتفاق دفاعي مع الجزائر بعد أن تناهى إليها أن خبراء عسكريين أميركيين، بقيادة جنرال، موجودون على بعد 350 كلم جنوب العاصمة للتحضير لإنشاء قاعدة عسكرية أميركية تستخدم في عمليات عسكرية أميركية في أفريقيا والشرق الأوسط. وبحسب الصحيفة الأسبوعية الفرنسية، فإن الاتفاق الدفاعي الذي تريد باريس إبرامه يتضمن التعاون العسكري والمعدات وتبادل المعلومات السرية. ورفضت المصادر الفرنسية الرسمية التي سألتها «الشرق الأوسط» التعليق على ما نشرته الصحيفة الفرنسية.