شريط ورسالة يكشفان عن انشقاق وتشتت في صفوف الخلايا الإرهابية في السعودية

TT

سارع موقع أصولي على شبكة الإنترنت الى بث رسالة سجلت قبل مقتل اثنين من المتورطين في الاعتداءات الإرهابية في السعودية هما فهد القبلان وتركي المطيري يتحدثان فيها عن علاقات وثيقة بزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وتبين من رسالة صوتية للقبلان ورسالة خطية للمطيري موجهتين لزعيم تنظيم «القاعدة» ان أسامة بن لادن ضالع مباشرة في تحريك الخلايا الإرهابية في المملكة بدعمه وتأييده وتخطيطه.

وكان القبلان والمطيري قد قتلا على أيدي رجال الأمن السعودي في مواجهتين مسلحتين منفصلتين جرتا في العاصمة الرياض. وكان القبلان الذي قتل الاسبوع الماضي في اشتباك في العاصمة، قد أقر صراحة في العدد 20 من مجلة «صوت الجهاد» الأصولية الذي صدر امس بمشاركته في عمليات إرهابية سابقة وعدة مواجهات مع قوات الأمن التي اتهمته في بيانها الاسبوع الماضي بضلوعه في تهريب وتأمين الأسلحة للخلايا الملاحقة.

كما بث الموقع المتخصص في نشر مضمون مجلة «صوت الجهاد» في عددها الاخير الذي شهد تأخرا في صدوره تجاوز الأسبوع رسالة وجهها تركي بن فهيد المطيري (اسامة النجدي)، احد منفذي الاعتداء الإرهابي على الخبر، لزعيمه أسامة بن لادن قبل 24 ساعة من الهجوم في مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وعلق مراقبون على مضمون الشريط والرسالة التي صدرت بأنه يكشف بشكل بارز انشقاقا واضحا في صفوف الخلايا إثر نجاح الأمن السعودي في قتل كبار قيادات التنظيم. وقال مراقب لـ«الشرق الأوسط»: «يتضح ان هؤلاء فقدوا التوازن وصعدوا في مخاطبتهم لاسامة بن لادن»، واضاف «اشك ان بن لادن في يده إنقاذهم».

وخاطب المطيري، الذي لقي حتفه في مواجهة حاسمة مع رجال الأمن السعودي بعد ثلاث ساعات من تنفيذ عبد العزيز المقرن وفيصل الدخيل وابراهيم الدريهم والمطيري نفسه تهديدهم بنحر المهندس الاميركي بول جونسون، خاطب بن لادن بالقول «احثك بتحريض المسلمين وتجييشهم لمجابهة اعداء الدين»، على حد تعبيره. واضاف «وأني اخبرك بأن البيعة التي بايعتك عليها في مضافة النبراس قبل هجمات 11 سبتمبر (ايلول) بأربعة أشهر قد نفذت». واضاف «ولقد طلبتني عندما كنت في الجبل في معسكر الفاروق وتحديدا في دورة ط.م (و) عرضت علي التحرك فوافقت». وتحدث عن مشاركته في قتال ضد الاميركيين الى ان سقطت دولة طالبان. وكان متأسفا حيث قال انه توجه الى ما سماه جزيرة العرب (المملكة). وهنا كشف المطيري في حديثه لإسامة بن لادن انه التقى فور عودته الى السعودية بـ «أبو هاجر» الذي هو عبد العزيز بن عيسى المقرن. وامتدح ترتيباته لأوضاعهم «فجزاه الله خيرا للعمل وبذل قصارى جهده لجمع الكلمة وترتيــب الصف وتحريض المسلمين للانضــمام لهذه القافــلة، وها انا الآن أقبل علــى عملــية استــشهادية ومعــي ثلاثة»، وصفهم بـ«الاسود» لكنه لم يكشف طبيعة العملية او اسمها.

وعلق مراد الشيشاني، الباحث في الحركات الإسلامية، على الرسالتين بالقول «بمطالعة سريعة يتبين انه من المرات النادرة التي يخاطب فيها هؤلاء اسامة بن لادن بشكل مباشر ويخاطبونه عن التفاصيل». واعتبر ان ذلك مؤشر واضح على انشقاق وتخبط في صفوفهم. وشدد مراد الشيشاني في حديث لـ«الشرق الأوسط» من جدة حيث يعمل في مركز متخصص على ان الرسالة «جاءت على ذكر سقوط دولة طالبان وبنبرة أسى وتوجع وهو ما يؤكد تصوراتهم بأن النموذج الطالباني هو (الملاذ الآمن) الذي يبحثون عن خلقه ولو بالعنف الدموي». ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية ان الخطابات التي تحملها المواقع المعتمدة لتنظير فكر الخلايا المتورطة في العمليات الإرهابية «تتبنى في جلها تصوراتهم للعمل العسكري للداخل انطلاقا من أيديولوجيتهم التي تتبنى كتاب محمد عبد السلام فرج بعنوان (الفريضة الغائبة)».

واضاف الشيشاني «هذا الكتاب بمثابة مانيفستو (بيان) لمسيرتهم العسكرية حيث يجب، كما يعتقدون، مواجهة العدو القريب قبل العدو البعيد». وتعد الرسالتان الصوتية للقبلان والخطية للمطيري ابرز ما ضمته مجلة «صوت الجهاد» التي شهدت انكسارا لافتا في موعد صدورها وتشتت مضمونها عقب نجاح الملاحقات الأمنية في المملكة في حصد الرؤوس الكبرى لتنظيم الخلايا الإرهابية التي نفذت 7 اعتداءات دموية سقط فيها نحو 150 قتيلا بين مدنيين وعسكريين جلهم مسلمون وقلة من الغربيين. من جهة أخرى، قال احد اقرباء عائلة فهد القبلان ان «اسرتنا ترفض ومن قواعد الفقه الديني الصحيح ان يقتل الأبرياء باسم ديننا الحنيف مهما كانت الأسباب، إلا بإعلان من ولي الأمر حسب ما تقتضيه ظروف المسلمين». وشدد القريب الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» على عدم وجود ما تتحدث به أسرة فهد سوى الرفض القاطع لما تورط فيه ابنهم وقال «كلنا ندعو شباب المسلمين إلى نبذ العنف وسفك الدماء مهما كانت الأسباب». واضاف «هذا ليس رأينا الشخصي، هذا أمر الله ورسوله تبعا لما أفتى به العلماء الشرعيون الثقات في كل انحاء دول المسلمين». ويحمل مضمون الشريط المنسوب للقبلان والرسالة الخطية للمطيري إشارة لافتة ونادرة للارتباط الوثيق بين خلايا الإرهاب في السعودية وزعيم تنظيم شبكة القاعدة. وقال مراقبون لنشاط وبيانات الخلايا الإرهابية التي نفذت اعتداءات دموية ولعناصرها المطاردين أمنيا «يبدو ان الانشقاق مرتفع الوتيرة داخل صفوف تلك الخلايا»، واضافوا «لم يسبق للمطلوبين والإرهابيين ان وجهوا رسائل مباشرة الى زعيم تنظيم القاعدة مباشرة وبالاسم».