السودان وتشاد يتفقان في قمة ثنائية بـ«الجنينة» الحدودية على نشر قوة مشتركة في «مناطق التماس» لتطويق أزمة دارفور

TT

اتفق الرئيسان، السوداني عمر البشير والتشادي ادريس دبي في قمة ثنائية جمعتهما امس في مدينة الجنينة السودانية على الحدود بين البلدين، على تشكيل قوة مشتركة على الحدود من اجل اعادة الامن والاستقرار في دارفور المضطرب (غرب السودان)، كما اتفقا على اقامة نقاط امنية على الحدود المشتركة وتنفيذ حملة كبرى لحصر وجمع السلاح وتفكيك الميليشيات المنفلتة بمسمياتها كافة في اشارة الى «الجنجويد والبشمرقة والتورا بورا». وقال حاكم ولاية غرب دارفور سليمان عبد الله آدم، ان الزعيمين بحثا «تشكيل قوة مشتركة» تتمركز على الحدود بين البلدين. واضاف ان «الرئيس البشير استعرض مع نظيره التشادي الاجراءات التي اتخذتها الحكومة السودانية» من اجل اعادة «الامن والاستقرار الى دارفور والخطوات التي اقرتها كذلك لعودة المهجرين واللاجئين الى قراهم». واتفق الرئيسان بعد جلسة مباحثات استمرت زهاء 4 ساعات على تجميع حاملي السلاح في معسكرات محددة وتكوين لجنة لتقصي الحقائق لتحديد الخسائر في الارواح والممتلكات. وشمل الاتفاق نشر قوات الشرطة لتأمين المدن الى جانب السيطرة التامة على الحدود وضبط حركة المدنيين بمساعدة رجال الادارة الاهلية والقيادات الشعبية ونواب البرلمان. واكد الرئيس عمر البشير في تصريحات صحافية ان اللقاء امن على اعادة المواطنين الى قراهم وسيادة حكم القانون، وقال ان هناك ضمانات اقليمية ودولية لتنفيذ الاتفاق بينه وبين الرئيس التشادي لتمكين الامن في دارفور. ونفى ان يكون نشر المراقبين من الاتحاد الافريقي في دارفور فيه انتقاص للسيادة الوطنية. وقال ان التسهيلات التي تقدمها حكومته تأتي لاغراض انسانية في سياق تعاملها مع المجتمع الدولي. وشكر نظيره التشادي ووصفه بانه «الصديق الشقيق». من ناحيته قال دبي في تصريحات، ان بلاده حريصة على امن السودان وقال «لن نسمح باي تهديد او عدوان من الاراضي التشادية على السودان». وشدد ان الاتحاد الافريقي وبلاده سيرعيان المفاوضات السياسية بين الحكومة السودانية والمتمردين، وعكس التزام الحكومة السودانية بمحاربة المليشيات المنفلتة كافة. وتاتي القمة بين البشير ودبي اثر اجتماع عقده عدد من الرؤساء الافارقة، وكان بينهم الرئيسان السوداني والتشادي، في اديس ابابا الخميس الماضي على هامش قمة الاتحاد الافريقي خصص لبحث الاوضاع في دارفور. ويدرس الاتحاد الافريقي ارسال قوة حماية من 300 رجل الى دارفور لضمان امن المراقبين الذين سبق وارسلهم الى هناك وتطمين السكان.

وسبق القمة اجتماع عقد مساء اول من امس في الجنينة بين وزيري دفاع البلدين. وبحث الوزير السوداني بكري حسين صالح ونظيره التشادي ايمانويل نادينغار «مسائل امنية في المنطقة الحدودية بين البلدين واوضاع اللاجئين السودانيين في تشاد». وقال صالح خلال الاجتماع ان السودان مستعد «لمعالجة هذه المشاكل بشفافية وصدق»، موضحا ان اللقاءات الثنائية «تؤكد عمق العلاقات» بين السودان وتشاد. من جهته، قال نادينغار ان بلاده «ستبذل كل جهد ممكن لمساعدة السودانيين على التوصل الى تسوية سلمية» في دارفور.

وفي نجامينا، اعلنت الاذاعة الوطنية ان عديد القوة المشتركة سيكون حوالي الف رجل مكلفين مراقبة الحدود وضمان امنها. واكدت الاذاعة ان «هذه القوة لن تنتشر الا في حال توافر جميع الظروف وخصوصا نزع اسلحة القوات غير النظامية وبينها الجنجويد». ودارت اشتباكات عنيفة في 17 من الشهر الماضي بين جنود تشاديين ومجموعة من ميليشيا الجنجويد في الاراضي التشادية. وقد بلغ التوتر بين البلدين ذروته بعد حادث سابق في الخامس من مايو (ايار) على عمق 25 كلم داخل الاراضي التشادية بين الجيش والجنجويد الذين هاجموا بلدة تشادية. وفي برلين وعشية زيارة الى الخرطوم طلب وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر من الخرطوم ان تسمح «فورا» بوصول المساعدات الى دارفور. وقال فيشر في مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» تنشر غدا ان على الحكومة السودانية «ان تسمح للمنظمات الانسانية بالوصول فورا الى الاشخاص المعنيين وان تحمي السكان المدنيين في دارفور بفاعلية». وطلب من الخرطوم ايضا نزع اسلحة ميليشيا الجنجويد. وتابع الوزير الذي سيلتقي اليوم مسؤولين حكوميين سودانيين في الخرطوم «ان الامر يتعلق بانتهاكات لحقوق الانسان، وتجنب كارثة انسانية». واضاف «من المهم ابقاء الضغط على الخرطوم»، مشيرا الى ان «واقع اهتمام الرأي العام بالنزاع له الكثير من المدلولات». وسيبحث وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي غدا في بروكسل مشروع قرار الماني بتوقيع عقوبات على الخرطوم، اذا لم تلب مطالب دولية لحل الازمة. وافادت وزارة الخارجية الالمانية ان الطائرة التي ستنقل فيشر ستشحن تجهيزات طبية طارئة مخصصة للاجئي دارفور ستسمح بمعالجة اربعين الف شخص خلال شهر. ورحبت الحكومة السودانية امس بزيارة فيشر، وقال تصريح رسمي مكتوب صادر عن وزير الدولة بوزارة الخارجية نجيب الخير عبد الوهاب ان الزيارة تمثل سانحة طيبة لاحداث المزيد من التطور في العلاقات الثنائية بين البلدين والتعرف على مسيرة السلام في السودان والجهود المبذولة من الحكومة لتأمين الاستقرار في دارفور ومعالجة الاوضاع الانسانية بالاقليم. وسيجري الوزير الالماني في زيارته التي تستمر يومين مباحثات مع الرئيس البشير ونائبه الاول علي عثمان محمد طه والدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية وستزور كريستن مولي وزير الدولة بالخارجية التي ترافق فيشر في الزيارة اقليم دارفور وتتفقد معسكر «كلمة» المجاور لمدينة نيالا كبرى مدن جنوب دارفور.

من جهة ثانية دعت حركة تحرير السودان، احدى حركتي التمرد في دارفور غرب السودان، الاسرة الدولية الى عدم اهمال الازمة السياسية في دارفور التي كانت الازمة الانسانية «نتيجة لها». وقال زعيم الحركة عبد الواحد محمد نور الموجود في اسمرة «نحترم الاسرة الدولية على اهتمامها بالازمة الانسانية في دارفور. لكننا نطلب ايضا بهدوء وحزم ادراج الوضع السياسي» على جدول اهتماماتها. واضاف ان «الوضع الانساني هو نتيجة للوضع السياسي. يجب الربط بين المسألتين للتوصل الى سلام دائم على الارض».