الجزائر تبحث تشريعات تعفي المرأة من شرط حضور وكيل بالزواج وتمنع الاقتران بزوجة ثانية إلا بإذن القاضي

الإسلاميون يتهمون الحكومة بعلمنة القانون ورئيس لجنة المراجعة يؤكد أن التغيير لن يطال قضايا الميراث

TT

تتجه الإصلاحات التي تنوي السلطات الجزائرية إدخالها على قانون الأسرة (الأحوال الشخصية) إلى إحداث ثورة في العلاقات الأسرية. ومن أهم ما يقترحه خبراء التشريع المدني الذين كلفهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتغيير القانون، إعفاء المرأة من شرط تزويجها من طرف الولي ( الوكيل)، وإجبار الرجل على الحصول على موافقة القاضي في حالة تعدد الزوجات.

وكشف محمد زغلول بوتارن رئيس «لجنة مراجعة قانون الأسرة» والرئيس الأول للمحكمة العليا، عن التغييرات التي اقترحها أعضاء اللجنة والتي ستكون لها آثار على الروابط الأسرية برأي العديد من المتتبعين. وذكر بوتارن في مؤتمر صحافي بالمحكمة العليا بالعاصمة أمس، أن مسألة تعدد الزوجات سيعاد النظر فيها، «فالرجل الذي يريد الاقتران بزوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة لا بد أن يحصل على رخصة من القاضي، حيث يخضعه لجملة من الأسئلة ليرى ما إذا كان قادرا على المساواة بين الزوجات».

وقالت مصادر من اللجنة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الشرط وضع على أساس أن نسبة كبيرة من متعددي الزوجات، غير قادرين على توفير العيش الكريم لأكثر من واحدة، بحكم ضعف مداخيلهم. وتعطي المقترحات للمرأة المطلقة الحق في البقاء في بيت الزوج أو على الأخير توفير مأوى لها، خلافا لما هو معمول به منذ سن القانون في سنة 1984، حيث تضطر الزوجة المطلقة لمغادرة المنزل مع أبنائها. ويبرر أصحاب الاقتراح ذلك، بكون ظاهرة «المطرودات» من البيوت أخذت أبعادا خطيرة وأن أغلبهن يلجأن لبيع شرفهن لإيجاد ملجأ ولإعالة أطفالهن. غير أن الاقتراح الذي ستكون له تداعيات استثنائية على منظومة التقاليد والأعراف في الجزائر، والشريعة الإسلامية المعمول بها في الأحوال الشخصية، يتعلق بالولاية في الزواج. وقال محمد زغلول بوتارن إن أعضاء اللجنة يعتقدون أن لا داعي لحضور ولي عن المرأة في عقد القران، وينطبق ذلك على المرأة التي تزوجت من قبل (الثيب) وعلى من لم يسبق لها أن تزوجت (البكر) وحَرص بوتارن على التأكيد أن السلطات لا تريد حل قانون الأسرة وإنما ترغب في تعديله «تماشيا مع ظروف المجتمع الجزائري»، وأكد أن التغير لن يطال مسائل جوهرية مثل الميراث. وقال إن التقرير الذي يحمل هذه الاقتراحات، سيسلم إلى وزير العدل حافظ الأختمام الطيب بلعيز الذي سيرفعه بدوره للرئيس بوتفليقة، ويتخذ فيما بعد شكل مشروع قانون، ويناقش في مجلس الوزراء ويحال بعد ذلك على البرلمان بغرفتيه للتصويت. وإذا كانت السلطات تقول إنها لم تمس تعاليم الشريعة الإسلامية في تعديل القانون، فإن التيار المحافظ والإسلامي يرى عكس ذلك. فقد اتهم الحزبان الإسلاميان «حركة الإصلاح الوطني» و«حركة مجتمع السلم»، المسؤولين في الدولة بـ«علمنة القانون» و«الانصياع لرغبات النخبة الفرنكفونية التي تريد فرض النموذج الغربي في تنظيم الأسرة الجزائرية». ويهدد النواب الاسلاميون بالوقوف حائلا دون تحول التعديل إلى قانون يسري على الجزائريين. ومعروف أن المنظمات النسوية وأحزابا علمانية وصحفا تسير في ركبها، تضغط منذ سنوات طويلة لإلغاء العمل بقانون الأسرة الحالي بدعوى أنه «جعل المرأة قاصرة وهضم حقوقها».