قرار محكمة العدل الدولية بشأن جدار العزل «نجم» الجلسة الختامية لـ «المؤتمر الإقليمي العربي للمرأة»

TT

طغى قرار محكمة العدل الدولية الذي اعتبر جدار الفصل العنصري الذي تبنيه اسرائيل غير شرعي ويتوجب هدمه، على أعمال اليوم الأخير لـ «المؤتمر الاقليمي العربي للمرأة» الذي يناقش منذ الخميس الماضي في بيروت، ما تحقق للنساء من حقوق خلال عشر سنوات بعد مؤتمر بكين الشهير، وأنهى اعماله مساء امس بما سمي «بيان بيروت» الذي تضمن عرضاً للانجازات ومجموعة من الاقتراحات لتعزيز وضع المرأة العربية في مختلف الميادين.

وقد رفعت بعض النساء المجتمعات، وغالبيتهن من الوزيرات والبرلمانيات والقياديات العربيات، اقتراحاً الى الجهة المنظمة يطالب بتوجيه رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان تحثه فيها على العمل جدياً، وبكل السبل الدبلوماسية الممكنة لتحقيق هدم الجدار. وكانت وزيرة المغتربين السورية بثينة شعبان قد اختتمت جلسة صباح امس المخصصة لمناقشة دور المرأة في الثقافة والاعلام بكلمة هنأت فيها الوفود المشاركة والأمة العربية جمعاء بقرار المحكمة، معتبرة «ان قراراً مماثلاً كان قد شكل خطوة أولى لإنهاء الحكم العنصري في جنوب افريقيا». وتميزت نقاشات امس بحماسة شديدة من قبل المشاركات تحولت الى فوضى بسبب رغبة الوفود في الحوار الذي بدا ساخناً حين توافقت المجتمعات على ان الاعلام يقصي المرأة عن المجالات السياسية والاقتصادية، ونادراً ما تُستضاف المحللات السياسيات على كثرتهن. وعلّقت خديجة بو علي (فلسطين) على هذا الموضوع قائلة: «مئات لا بل آلاف النساء عملن في المجال النضالي، لكنهن لا يُستضفن على الشاشات الا حين يتحولن الى نجمات». واقترحت احدى الحاضرات وضع لائحة بأسماء المثقفات والباحثات وتوزيعها على الاعلاميين للتعريف بهن. وتدخّلت الكاتبة التلفزيونية المصرية فتحية العسال معلقة: «اليوم وفي كل البلاد العربية التمويل على أشده لتصوير المرأة وهي تربي الفراخ او تنظف نفسها او تسرح شعرها ولكن لا احد يريد ان يدفع لتقديم المرأة بصورة اخرى». وقد أجمعت الحاضرات على ان «الاعلام العربي يقدّم المرأة بصورة سلبية لا بل مهينة». وقالت فريدة العلامي (ليبيا): «لو ان هذا المؤتمر المنعقد حالياً، كان للرجال، لاهتمت به الفضائيات العربية ونقلت وقائعه بثاً مباشراً الى كل انحاء العالم».

وفي محاولة للتحرر من سطوة الرجال على الاعلام اقترح البعض استخدام الإنترنت وانشاء مواقع نسائية. لكن الجواب اتى من احدى الحاضرات بأن «خمسة عشر موقعاً إلكترونياً عربياً باتت مخصصة لقضايا المرأة العربية، انما من يعلم بها او يستفيد منها؟». «التلفزيون هو المنفذ الوحيد» قالت الكاتبة المصرية اقبال بركة مضيفة: «لولا برنامجي التلفزيوني لما سمع بي احد». النخبة النسائية التي ضمت اكثر من 600 امرأة في بيروت خلال هذا المؤتمر كانت تبحث عن منافذ لتحقيق ما أخفقت فيه لغاية الآن. وما شددت عليه الكثيرات من المشاركات ان المرأة العربية لن تسمح بأن تستخدم قضيتها مطية لتدخل الآخرين في الشؤون الداخلية لبلادها. وما بين خوف على الوطن ورغبة في التغيير، خرج الحوار من الخاص النسائي الى العام الوطني والانساني. ورأت المصرية نُعم الباز «ان الانسان العربي يقضي سنواته الاولى في تعلم الكلام، لكن الانظمة العربية تهدر ما تبقى من عمره في تعليمه الصمت».

واعتبرت الحاضرات ان مسألة تطور المرأة هي جزء من تطور المجتمع ككل «فبوجود الأمية وتفشيها لمن نكتب؟»، تساءلت العسال. واعتبرت اخريات ان غياب الحرية هو نقمة على الرجال والنساء معاً وان ثمة مواضيع لا تحمل لواءها المرأة لكنها من الاسباب العميقة لتردي صورتها واقصائها عن دورها.

وتحدثت الإعلامية السعودية نادية الشيخ عن الصورة الجاهزة الموجودة في عقول العرب عن المرأة السعودية، ومن المسؤول عنها. وشرحت ان المجتمع السعودي الذي يعتمد الفصل بين الجنسين لا تغطي نشاطات المرأة فيه غير الصحافيات «وهؤلاء لم تفتح لتأهيلهن لغاية اليوم كلية اعلام للبنات. فيما توجد كلية للبنين وتأهيل الصحافيين الرجال». وقالت الشيخ: «والنتيجة ان كل النشاطات النسائية تغطيها أقلام غير محترفة وغير معدة علمياً على مستوى عال. والصورة الموجودة في الصحافة عن المرأة السعودية هي بالتالي غير مرضية وغير كافية لتكوين صورة سليمة ومتوازنة».

وكان المفكر الفلسطيني هشام شرابي قد تكلم صباح امس في المؤتمر مشككاً بالارقام الرسمية التي توزع حول المرأة واوضاعها، متسائلاً: «كيف يمكننا حقيقة فهم ما يدور من دون ارقام موثوقة واحصاءات نستطيع ان نركن اليها». وسأل ايضاً: «هل بالامكان اصلاح وضع المرأة من دون ان نطرح سؤالاً هو التالي: هل كان بإمكانهم ان يحققوا بعض التوازن بين الطاقات التي تصرف في اصدار النظريات والاحصاءات والطاقات التي تستخدم لتنفيذ المشاريع؟».

ومن طرائف ما شهده اليوم الاخير لمؤتمر المرأة هو اقتراح قدمته احدى المشاركات بدعم النائبة اللبنانية نايلة معوض المرشحة حالياً لرئاسة الجمهورية، باعتبارها أول امرأة عربية تترشح لأرفع منصب في الدولة. لكن هذا الاقتراح الذي صفق له البعض استهجنته رئيسة الجلسة الصباحية الوزيرة بثينة شعبان، على اعتبار ان مسألة انتخاب رئيس او رئيسة للجمهورية اللبنانية هي مسألة داخلية لا يحق للمؤتمر ان يتدخل فيها. لكن الخلافات لم تقف عند هذا الحد وانما احتج الوفد الجزائري بقوة على اعتبار ان اول مرشحة امرأة لمنصب رئيسة الجمهورية في بلد عربي كانت جزائرية.