التحقيقات في اعتداءات مدريد تكشف «ثغرات خطيرة» في عمل الاستخبارات الإسبانية

الشرطة أخطأت في تحديد نوع المتفجرات والحكومة اتهمت «إيتا» بينما كانت المؤشرات تتجه إلى الإسلاميين

TT

مدريد ـ ا.ف.ب: كشف الاسبوع الاول من جلسات الاستماع امام لجنة التحقيق البرلمانية في اعتداءات الحادي عشر من مارس (اذار) على قطارات باسبانيا، عن سلسلة من الثغرات والخلل في عمل الاستخبارات في الايام الاولي التي تلت وقوع الهجمات، وما زال مطلوبا تفسير اصرار الحكومة خلال تلك الايام على اتهام منظمة «ايتا» الانفصالية في اقليم الباسك الاسباني بالضلوع في التفجيرات، بينما كانت المؤشرات الاولية التي وضحت للمحققين تشير الى تورط الاسلاميين.

ويفترض ان تؤدي الشهادات التي ستستمع اليها اللجنة في الاسابيع المقبلة، الى توضيح وتأكيد الشهادات الاولى التي جمعت حتى الآن، لكن يبدو ان وقتا ثمينا جدا اهدر في الساعات التي تلت الاعتداءات لان خطأ فادحا ارتكب في تحديد المتفجرات.

ورجحت الحكومة فور وقوع الاعتداءات فرضية وقوف منظمة «ايتا» الانفصالية الباسكية وراء الهجمات، لان قائد شرطة مدينة مدريد سانتياغو كوادرو اكد ان المتفجرات نوع من الديناميت يطلق عليه اسم «التيتادين» سرق من فرنسا وتستخدمه «ايتا» عادة. واستدعت اللجنة المفوض كوادرو ليؤكد هذه التصريحات التي نسبها اليه رئيسه المساعد السابق لقائد الشرطة بيدرو ديازـ بينتادو.

وتداول ارفع المسؤولين في اجهزة الاستخبارات هذه المعلومات المغلوطة بينما لم يذكر جهاز خبراء المتفجرات في الشرطة، الجهة الوحيدة المكلفة التعرف على المتفجرات، «التيتادين» في اي من تصريحاته. ولم يحدد خبراء المتفجرات المادة التي استخدمت وهي «غوما ـ 2 ايكو» قبل فجر الثاني عشر من مارس. وصباح ذلك اليوم، اصبحت فرضية الاسلاميين تحتل الاولوية لدى المحققين بفضل مجموعة من المؤشرات وخصوصا معلومات تم الحصول عليها من هاتف نقال عثر عليه في كيس يحوي متفجرات لم تنفجر. ومع ذلك بقيت الحكومة تؤكد حتى بعد ظهر السبت الثالث عشر من مارس ان «ايتا» هي المتهم الرئيسي مع ان رجال الشرطة كانوا قد تخلوا عن هذه الفرضية على ما يبدو. واصبح وزير الداخلية السابق انخيل اثيبيس الذي عقد مؤتمرات صحافية منتظمة في تلك الايام اكد فيها باستمرار فرضية تورط «ايتا» في الاعتداءات حتى مساء 13 مارس، على رأس المسؤولين عن التأخير وستستمع اللجنة اليه قريبا.

واكد اثيبيس الخميس ان التحقيق تناول منذ الحادي عشر من مارس فرضية تورط الاسلاميين وتورط «ايتا» على حد سواء. ومع ذلك اكد في اليوم نفسه ان الحكومة «لا تشك» في ان المنظمة الانفصالية تقف وراء الاعتداءات التي ادت الى سقوط 191 قتيلا و1900 جريح. واضاف آنذاك ان «ايتا كانت تريد ارتكاب مجزرة تكون انعكاساتها هائلة وحققت هدفها». وقال اثيبيس الخميس «لم اكذب في اي وقت من الاوقات. لقد قلت الحقيق»، موضحا انه لم يقل في اي وقت ان «ايتا» هي «الجهة المتهمة الوحيدة». واكد المتحدث باسم الحزب الاشتراكي في اللجنة الفارو كويستا، ان الحكومة «كذبت» باتهامها «ايتا» بينما كانت الشرطة «تقوم بعملها وتحقق في ارهاب الاسلاميين». وكان تورط اسلاميين خطرا جدا بالنسبة للحكومة عشية الانتخابات التشريعية التي منيت بهزيمة كبيرة فيها، لانه يمكن ان يؤدي الى الربط بين دعم مدريد للتدخل الاميركي في العراق رغم معارضة الغالبية الكبرى للاسبان والاعتداءات.