حزب العمل الإسرائيلي: شارون مخادع وليس جادا في «خطة الفصل» أو توسيع الحكومة

TT

اتهم حزب العمل الاسرائيلي رئيس الحكومة، ارييل شارون، بخداعه وبخداع العالم في موضوع خطة الفصل عن الفلسطينيين. وقال الأمين العام السابق للحزب أوفير بنيس، ان شارون ليس صادقا في الانسحاب من قطاع غزة. وليس جادا في توسيع حكومته. ويقوم بألاعيب تدل على ان همه الوحيد هو البقاء في الحكم بأي ثمن. وكان بنيس وغيره من أقطاب حزب العمل يعقبون بذلك على توجه شارون الى بعض الاحزاب الدينية المتزمتة عارضا عليها الانضمام الى حكومته. وقد فعل ذلك فقط بعد يوم واحد من توجهه الرسمي الى رئيس حزب العمل شمعون بيريز، لينضم حزبه الى الحكومة القائمة. فالتقى أحد قادة حزب «يهدوت هتوراه» (حزب المتدينين اليهود الاشكناز)، الرباي موشيه جفني، في أحد ممرات الكنيست (البرلمان الاسرائيلي) وسأله: ما رأيك في ان تنضموا الى الحكومة؟ وحرص مساعدو شارون على الاشارة الى ان هذا اللقاء لم يكن عابرا. وان اتصالات مع قادة هذا الحزب، تمت في الماضي وما زالت مستمرة. ثم بعث شارون بدعوة الى حزب «شاس» (اليهود المتدينين الشرقيين) ليجتمع به غدا الخميس. والمعروف ان كلا الحزبين يعارض خطة الفصل للانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية.

وتساءل قادة حزب العمل، إذا كان شارون يريد فعلا تطبيق خطته، لماذا يبحث عن الأحزاب المعارضة لها بشدة؟! وكان شارون، بمجرد عقده اللقاء مع بيريز، اول من امس، قد أثار ضده موجة كبيرة من المعارضة داخل حزبه وداخل معسكر اليمين. ولكن هذه المعارضة بحثت في الوقت نفسه عن مخرج لها ولشارون من هذا المأزق. فأبلغته استعدادها لمنحه شبكة أمان تحفظ له حكومته من السقوط في الكنيست. وأعلن معارضو خطة الفصل في الليكود وحتى في حزب المفدال المتطرف اكثر انهم مستعدون للتصويت مع الحكومة في كل القضايا، باستثناء خطة الفصل، اذا تعهد شارون بابقاء حزب العمل خارج الحكومة. وقالوا انهم مستعدون لتقديم الولاء الكامل له اذا حاول ادخال الاحزاب الدينية. ومع ان شارون يعرف ان دخول الاحزاب الدينية سيؤدي الى خروج حزب شينوي من الائتلاف، فقد توجه اليها بتلك الدعوة. مما اغضب ايضا حزب شينوي. فأعلن رئيسه، يوسف لبيد (وزير القضاء) صباح امس: «مع انني لا اعتقد ان شارون مخادع كما يصفونه، فان قيامه بدعوة الاحزاب الدينية الى الائتلاف ستكون بمثابة خيبة امل كبرى لدينا. ومن الواضح اننا لن نكون في حكومة واحدة مع هذه الاحزاب».بيد أن المشكلة الكبرى كانت في حزب العمل. فقد اعتبروا اسلوب شارون مخادعا، ومبنيا على الألاعيب وانعدام الاخلاص: «فهو يتصل بنا لكي يخيف المتدينين ومعارضيه في الليكود. ثم يتصل بهم لكي يخيفنا. وعلينا ان نوضح له بحزم اننا لسنا مستميتين على دخول حكومته وان لدينا امكانيات اخرى كبيرة في المعارضة»، قال متان فلنائي، احد مؤيدي الانضمام الى الحكومة. وهدد بأن حزبه سيواصل طرح مشروع نزع الثقة عن الحكومة في كل اسبوع، من الآن فصاعدا.

واجتمع المعارضون في حزب العمل للانضمام للحكومة امس، وبدا انهم يتشفون من قيادة حزبهم الراكضة الى حكومة شارون. فقالوا: «لقد سبق وحذرنا من هذا الوضع. فشارون ليس صادقا في الانسحاب من قطاع غزة والضفة الغربية. وليس جادا في عرضه على حزب العمل الانضمام اليه. انه يريد فقط شيئا واحدا، بقاء حكومته، بل انه يتسلى بنا». وانتقدوا رئيس الحزب شيمعون بيريز، الذي يتصرف بسذاجة مع شارون: «ان شارون يظهره زاحفا على بطنه لدخول الحكومة، ويستخدمه بذلك أداة في معركته الداخلية في الليكود. وليس أمامنا مفر إلا ان نعلن رفضنا القاطع للمشاركة في هذه اللعبة».

ونفت يولي تمير (التي تقود هذه المعارضة) ان تكون ورفاقها المعارضون «أداة لافشال خطة الفصل»، كما يتهمها رفاقها المؤيدون للانضمام الى الحكومة. وقالت: «هذه حكومة سيئة للغاية. ولكننا نؤيد خطة الفصل التي تطرحها. المشكلة ان هذه الخطة بعيدة المنال. ولا يوجد لدينا اثبات جدي واحد ان شارون ينوي تطبيقها. فعندما نراه ينوي ذلك، نجتمع ونقرر ان ندعمه في الكنيست بالكامل، من دون ان نحمل على جبيننا عار الشراكة في الحكومة».

وبدا أن صوت المعارضة هذا بدأ يترك أثره على القيادة في حزب العمل. فقررت ان لا تبدأ المفاوضات مع الليكود فورا، كما اتفق بيريز وشارون، وانتظار خطوات اكثر جدية من رئيس الحكومة. لكن المكتب السياسي للحزب خوّل بيريز صلاحية تغيير القرار وتشكيل طاقم مفاوضات عندما يرى ذلك مناسبا، «من دون المساس بكرامة الحزب وهيبته أمام جمهوره».

من جهة اخرى اعلن رئيس حزب «يهدوت هتوراه»، مئير بوروش، انه لا يشعر ان شارون جاد في ادخال حزبه الى الحكومة. وقال: «ما جرى امس (امس الأول) هو مجرد لقاء عابر في الممر. والمعروف ان المفاوضات على دخول ائتلاف حكومي تتم عادة في الغرف المغلقة. فعندما تتم في الممر، يكون الغرض منها تضليل الرأي العام ووسائل الاعلام. وهي لعبة معروفة في السياسة. فالسيد شارون حاول استخدامنا في لعبته ضد حزب العمل من جهة وضد معارضيه داخل الليكود وداخل معسكر اليمين بشكل عام».