الأردن يفتح حدوده أمام العراقيين ويقدم تسهيلات كبيرة لنشاطاتهم الاقتصادية والثقافية

TT

منذ انتقال السلطة للعراقيين في الثامن والعشرين من الشهر الماضي، اتخذ الاردن سلسلة من الاجراءات لتسهيل دخول العراقيين اليه وتأمين احتياجات الشعب العراقي من الدواء والغذاء من خلال برنامج «النفط مقابل الغذاء». وقال عراقيون ان العقبات التي كانوا يواجهونها على الحدود الاردنية والتي حدّت من دخولهم الى الاراضي الاردنية قبل نقل السلطة انتهت تماماً بعد عودة السيادة للعراقيين مما اتاح لأعداد كبيرة من العراقيين دخول الاردن.

وقالت مصادر وزارة الداخلية الاردنية ان من أبرز التسهيلات التي قدمها الاردن للعراقيين بعد نقل السلطة إعفاءهم مـــن ضريبة الدخول على الشاحنات البالغة 80 ديناراً (110 دولارات) فيما قامت دائرة الجمارك بالتعاون مع الشرطة بفتح مسارب جديدة للشاحنات المقبلة من العراق، الامر الذي اختصر مدة بقاء الشاحنات على الحدود من ثلاثة ايام الى بضع ساعات. وقال مدير عام الجمارك في الاردن محمود قطيشات ان الحكومة بصدد انشاء مسارب اخرى جديدة للعمل على معالجة الازدحام المروري بحيث لا تمكث الشاحنة سوى دقائق معدودة فيما لا يزال بعض اصحاب الشاحنات يشكون من بطء الاجراءات على الحدود وخصوصاً الشاحنات الفارغة التي تأتي للأردن. وتعزى هذه التسهيلات الى التوجيهات والتعليمات التي أصدرها العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني للحكومة بهدف إنعاش الوضع الاقتصادي في العراق وتأمين احتياجات ومتطلبات الشعب العراقي من السلع وخاصة المواد الغذائية. ولم تقتصر الاجراءات الاردنية على تسهيل عبور الشاحنات العراقية للأردن وانما شملت كذلك تسهيل دخول الاشخاص، فبعد ان كانت المهلة الممنوحة للعراقيين الراغبين في زيارة الاردن بالترانزيت 72 ساعة اصبحت حالياً اسبوعاً، فيما سمحت الحكومة للمؤسسات والمواطنين الاردنيين بتوجيه دعوات لمواطنين عراقيين وخاصة للفعاليات السياسية والثقافية والنقابية والفنية والصحافية لزيارة الاردن، حيث تعطى اقامة لمدة شهر يتم تجديدها فيما بعد الى ثلاثة اشهر، كما أعفت الحكومة الاردنية العراقيين من رسم المغادرة البالغ 25 ديناراً (38 دولاراً) للمسافر جواً و10 دنانير (14 دولاراً) للمسافر براً رغم ان هذا الرسم مفروض على الاردنيين. وقد أسهمت هذه الاجراءات في تخفيف القيود المفروضة على قدوم العراقيين الى الاردن وعادت الحركة والحيوية الى طريق عمان ـ بغداد بعد ان توقفت هذه الحركة نسبياً قبل نقل السلطة للعراقيين. كما تشهد حركة الطائرات زخماً كبيراً رغم ارتفاع كلفة التذاكر، حيث يفضل العراقيون السفر بالطائرة لأن الطريق البري غير آمن ويضطر المسافرون جواً الى الحجز قبل اسبوع من السفر. وعلى صعيد متصل شهد الاردن نشاطاً ملحوظاً في إقبال العراقيين على شراء الاراضي والشقق السكنية وخاصة الموسرين الذين آثروا مغادرة العراق في المرحلة الراهنة حتى يعود الأمن والاستقرار ويسود الأمن كافة ربوع البلاد، ويأتي اقبال اغنياء العراق على شراء الشقق والاراضي في ضوء التعليمات الاردنية المتعلقة بالحصول على الاقامة السنوية، حيث تمنح الحكومة الاردنية اقامة سنوية لأي من الرعايا العرب الذين يضعون وديعة في احد البنوك الاردنية بقيمة 100 ألف دولار، وكانت قيمة هذه الوديعة 50 ألف دولار قبل اندلاع الحرب الاميركية ـ البريطانية على العراق في شهر مارس (آذار) من العام الماضي ثم ارتفعت الى 75 ألف دولار بعد انتهاء الحرب فيما اصبحت الآن 100 ألف دولار. وفي حال حصول المواطن العربي على اقامة سنوية يحق له شراء اراض وعقارات بما لا يزيد عن دونم واحد من الارض او شقة سكنية من دون الرجوع الى مجلس الوزراء، ويتم ذلك بموافقة وزارة الداخلية ودائرة الاراضي والمساحة. اما اذا زادت المساحة عن دونم فإن الامر يتطلب قراراً من مجلس الوزراء وهو اجراء روتيني. وقد مكنت التعليمات المتعلقة بالإقامة السنوية أعداداً كبيرة من العراقيين وخاصة الاثرياء من الاقبال على شراء الشقق السكنية بحيث اسهموا في رفع أسعار العقارات ولا سيما الشقق السكنية بنسبة تتراوح بين 10 و15%.

وتعزى التسهيلات التي تقدمها الحكومة الاردنية للعراقيين لمد يد العون للعراق ومساعدته على التغلب على الاوضاع الراهنة واجتيازها، وذلك أنطلاقاً من موقف الاردن الداعم للعراق دوماً ومساعدة شعبه على مواجهة الظروف الراهنة، وهذا ما يبرز ايضا من خلال قيام الاردن بتدريب اعداد كبيرة من الشرطة العراقية وصل عددها الى 32 ألفاً بالاضافة الى تدريب اعداد كبيرة من منتسبي وضباط الجيش العراقي الجديد، كما ان فتح الحدود وتسهيل اجراءات الدخول والخروج من شأنها انعاش الاقتصاد الاردني وزيادة الصادرات لا سيما ان الصادرات الاردنية تعتمد على السوق العراقية منذ عقود. يضاف الى ذلك حرص الحكومة الاردنية على دعم الحكومة العراقية المؤقتة وتمكينها من القيام بمهامها لإخراج العراق من دوامة العنف وتجنبيه الاقتتال والحرب الاهلية ووضع حد لأعمال العنف والسرقة وقطع الطريق وتصفية العصابات المسلحة بصورة نهائية. ويشجع الاردن الرعايا العرب على تنفيذ مشاريع استثمارية لتشغيل الايدي العاملة الاردنية بمنح الجنسية الاردنية لكل من ينفذ مشروعاً بكلفة مليون دولار او يعمل به 14 مواطناً أردنياً على الاقل، وقد استفاد من هذا القرار 14 شخصاً عربياً من بينهم عدد من العراقيين.