تقرير باتلر يطعن في صحة المعلومات التي استندت إليها حرب العراق ولكنه يؤكد أن بلير «تصرف بحسن نية»

رئيس الوزراء البريطاني يعترف بتحمل «المسؤولية الكاملة» وبأن أدلة أسلحة الدمار لم تكن يقينية

TT

خسر رئيس وزراء البريطاني توني بلير جولة أخرى في المعركة مع معارضيه حول مبررات الحرب على العراق. فقد توصلت لجنة لورد باتلر التي كلفها هو نفسه بالتحقيق في نوعية المعلومات الاستخباراتية قبل الحرب إلى وجود «أخطاء» و «ثغرات» و«عيوب كبيرة» في المعلومات خاصة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية التي استند إليها بلير في مشاركة الولايات المتحدة في الحرب. ورغم انتهاء التقرير إلى التشكيك في صحة المعلومات وأسلوب جمعها وإلى المبالغة في استخدامها، فإنه برأ ساحة بلير من تهمة تعمد إساءة استغلال المعلومات لتبرير الحرب. وقال إن رئيس الوزراء البريطاني «تصرف بنية سليمة». ورد بلير معلنا قبوله «كل نتائج اللجنة»، وقال إنه «يتحمل كامل المسؤولية عن أي أخطاء ارتكبت» في تقويم خطر العراق قبل الحرب. وأقر، أمام مجلس العموم، بأن «العراق ربما لم يكن يملك مخزونات من أسلحة الدمار الشامل» قبل بدء الحرب. كما أقر بأن الأدلة على وجود أسلحة دمار شامل لدى صدام حسين لم تكن يقينية في ذلك الوقت (قبل الحرب).

وجاءت نتائج لجنة باتلر بعد أيام قليلة من توبيخ لجنة بمجلس الشيوخ الأميركي أجهزة الاستخبارات الأميركية لمبالغتها في تصوير خطر الأسلحة العراقية قبل الحرب التي شنت في شهر مارس قبل الماضي وأدت إلى سقوط نظام الرئيس صدام حسين.

غير أن اللجنة البريطانية المشكلة في شهر فبراير الماضي، انتهت إلى أنه «لا يمكن لوم أشخاص محددين باعتبارهم مسؤولين عن الفشل في الحصول على معلومات أكثر دقة ومصداقية» حول أسلحة العراق وخطره قبل الحرب. ولم يحمل تقرير باتلر، الذي جاء في 196 صفحة، أيا من السياسيين البريطانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء بلير، مسؤولية تعمد تشويه المعلومات.

ومن المعروف أن مهام لجنة باتلر لم تشمل تحديد مدى شرعية الحرب على العراق. غير أن نتائج تحقيقاتها أشارت إلى أن المخابرات لعبت دورا «محدودا» في تحديد هذه الشرعية. وخلصت في ذات الوقت إلى أنه «لم تكن هناك معلومات استخباراتية حديثة» تدفع إلى الوصول لنتيجة مفادها أن العراق كان يشكل مصدر قلق أكثر الحاحا من الذي تشكله دول أخرى، رغم تاريخه الذي عزز الرأي بأن هناك حاجة إلى التهديد باستخدام القوة لضمان انصياع صدام حسين (للقرارات الدولية).

أما بالنسبة للهدف من وراء مشاركة بريطانيا في الحرب، فقد توصل التقرير إلى أنه «لا يوجد دليل على أن الهدف هو تأمين الوصول الى مصادر البترول». وفيما يتصل بالأسلحة العراقية، قال التقرير إن العراق «سعى قبل الحرب إلى الحصول على أسلحة محظورة بما في ذلك برنامج نووي». غير أنه قال في الوقت نفسه إنه «سيكون من قبيل التسرع الآن القول بأنه لن يتم أبدا العثور على دليل على برنامج عراقي لصنع أسلحة دمار شامل».

وحول وضع هذه الأسلحة قبل الحرب، انتهت لجنة باتلر إلى أن العراق «لم يكن لديه مخزونات كبيرة، لو كانت موجودة أصلا، من الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية في حالة جاهزة للأستخدام، كما لم يطورخططا لاستخدامها».

وكانت الحكومة البريطانية قد حذرت في تقرير اصدرته في شهر سبتمبر عام 2002 وأثار جدلا واسعا، من أن الجيش العراقي لديه القدرة على استخدام اسلحة كيماوية وبيولوجية خلال 45 دقيقة من صدور الأوامر بذلك.

إلا أن تقرير باتلر وصف هذا التحذير بأنه «ادعاء لا يقوم على معلومات لها مصداقية».

وفي مؤتمر صحافي بعد إعلان تقريره أمس، قال باتلر إنه كان من قبيل الحمق البالغ أن يزج بلير بأية معلومات استخباراتيه» (في تقرير سبتمبر) وهو يعلم أنها غير حقيقية وأن نتائج الحرب سوف تجلي الحقيقة عاجلا».

واحتلت مصداقية المعلومات وأساليب ومصادر جمعها حيزا كبيرا في التقرير الذي قال إن هناك «شكوكا تلقي بظلالها على قدر كبير من المصادر البشرية للمعلومات الاستخباراتية». وأشار إلى أن ذلك أثر على نوعية تقويم المعلومات المقدمة إلى الوزراء والمسؤولين البريطانيين.

وأرجع التقرير جزءا من المشكلات الناجمة عن ذلك إلى «ضعف الطريقة التي فحص بها جهاز المخابرات الخارجية إم آي 6 مصادر المعلومات».

وأمام جلسة المساءلة الأسبوعية بمجلس العموم عقب صدور التقرير، قال بلير إنه تصرف «بحسن نية». وأكد «لم يقل أحد اكاذيب ولم يتلاعب احد بالمعلومات. ولم يدس أحد أشياء في ملف (الاستخبارات الصادر عن الحكومة في شهر سبتمبر عام 2002) تخالف رأي أجهزة الاستخبارات ». وأضاف بلير، وسط انتقادات المعارضة داخل البرلمان، أنه كان يتوقع العثور على «أسلحة كيماوية وبيولوجية فعلية يمكن استخدامها عقب دخولنا الحرب».

وكرر بلير مواقفه السابقة التي تؤمن بأن «التخلص من صدام حسين لم يكن خطأ على الإطلاق». ووصف العراق والمنطقة والعالم كله بـ «المكان الأكثر أمانا بدون صدام».

واعترف بلير صراحة بأن الأدلة على وجود أسلحة دمار شامل لدى صدام «كانت بالفعل أقل يقينية» وأن مصادر المعلومات حولها «كانت أضعف» مما تم الإعلان عنه في ذلك الوقت.