الجدال حول مصداقية بلير وصلاحية أسلوب حكمه يستمر غداة تبرئته من تهمة التضليل لتبرير الحرب على العراق

TT

تواصل الجدال أمس حول الدور الذي لعبته بريطانيا في الحرب على العراق، وذلك غداة تبرئة «لجنة بتلر» للحكومة من تلفيق معلومات استخباراتية حول اسلحة الدمار الشامل العراقية لتبرير الغزو. وكرر الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء توني بلير ما قاله الزعيم البريطاني أول من امس عن تشبثه بسلامة «القرار» الذي اتخذه للذهاب الى الحرب، معتبراً ان التخلص من الرئيس العراقي السابق صدام حسين جعل «العالم والمنطقة أكثر اماناً». وأصدر المدعي العام اللورد بيتر غولدسميث بياناً أكد فيه على شرعية قرار الحرب لانه لم يستند الى المعلومات الاستخباراتية المضللة بل الى رفض بغداد التقيد بقرارت مجلس الامن. غير ان رئيس مفتشي الاسلحة السابق هانز بليكس، اخذ على لندن مجدداً «تضخيم» معلوماتها عن الاسلحة العراقية المفترضة. وطرح اعضاء في مجلس العموم مشروع مذكرة يدعون فيها بلير الى تغيير اسلوب حكمه. وفي هذه الاثناء تزايد عدد الموقعين على مشروع مذكرة برلمانية سابقة تطالب بعدم تعيين جون سكارلت رئيساً لجهاز الاستخبارات الخارجية (إم آي 6) كما قرر بلير قبل نحو شهرين. وتفاوتت آراء المعلقين بالتقرير الذي اصدرته أول من امس لجنة مؤلفة من خمسة اعضاء برئاسة سكرتير مجلس الوزراء الاسبق اللورد روبن بتلر. ففيما اعتبره بعضهم وثيقة جديدة «لتبييض صفحة» الحكومة رأى آخرون أنه وجه صفعة قوية لرئيس الوزراء ستؤلمه طويلاً من دون أن تكفي لقتله بحد ذاتها.

وقال الناطق الرسمي باسم بلير في مؤتمر صحافي عقده امس بمقر «جمعية الصحافيين الاجانب» بلندن، ان الزعيم البريطاني لا يزال على قناعته بانه تصرف على نحو سليم. وأوضح إن رئيس الوزراء «متشبث بصورة مطلقة» بتقييمه لخطر العراق في ظل صدام والاسلوب الذي اتبعه لوضع حد لهذا التهديد. واضاف إن الزعيم «لا يزال يعتقد ان الاسباب الرئيسية التي قدمها لشن الحرب لا تزال صالحة اليوم كما كانت عندئذ». وذكر ان هذه المبررات الاساسية تمثلت في «صدام كان يشكل مصدر تهديد في مجال اسلحة الدمار الشامل». وسُئل عن الاجراءات التي سيعمد بلير الى اتخاذها لمعالجة الاخطاء التي سلط عليها التقرير الضوء، لجهة عمل الاستخبارات البريطانية وحصره المشاركة باتخاذ القرارات بقلة من مساعديه غير المنتخبين. فاجاب الناطق «علينا ان ندرس ما نعتزم القيام به، ولذلك فإننا سنقدم رداً (على الانتقادات التي وجهها التقرير) بتأنٍ». وكان بلير ناشد الجميع في جلسة برلمانية ظهر أول من أمس عقدت لمناقشة التقرير، بطي صفحة الجدال حول حرب العراق موضحاً ان 3 تحقيقات سابقة قد برأته من تهمة التضليل. ويُذكر ان تقرير لجنة بتلر الذي جاء بعد تحقيق استغرق حوالي خمسة اشهر، لقي ردود فعل متباينة الامر الذي يدل الى ان الجدال سيستمر خلافاً لرغبة الزعيم البريطاني. وعمد مراقبون الى الاشارة الى ان رفض المحققين إدانة بلير أو اي من مساعديه لان «المسؤولية جماعية» في رأيهم، لا يكفي لوضع حد للشكوك بمصداقية رئيس الوزراء. وقال نواب انهم لا يشككون بصدق رئيس الوزراء، بيد انهم لم يعودوا يثقون بكفاءته. وراوا أنه ربما تصرف بـ«حسن نية» كما ذكر التقرير، بيد ان اخطاءه تفتح باب التساؤلات عن مدى قدرته على قيادة البلاد. واشار مراقبون الى أن المآخذ التي سجلها التقرير على الاستخبارات وعملها قبيل الحرب، لا يمكن أن تحمل مسؤوليتها الى اشباح، وحتى لو لم يسم المحققون شخصاً بعينه فإن «المذنبين معروفون». واعرب البعض عن اعتقادهم ان المعلومة التي تفيد بان صدام كان يملك اسلحة جرثومية وكيماوية بوسعه نشرها خلال 45 دقيقة التي روجت لها الحكومة كانت ترمي فعلاً الى «تضخيم» المعلومات عن قدرات بغداد. وقد اشار التقرير الى ان المعلومة خاطئة وكان ينبغي عدم ابرازها في ملف حكومي صدر في سبتمبر (ايلول) .2002 الى ذلك، جاء في البيان الصادر عن مكتب المدعي العام إنه قدم المشورة للحكومة بان قرار الحرب لا يخالف القانون استناداً الى «اخفاق صدام حسين ونظامه المتكرر في الالتزام بقرارات متتالية لمجلس الامن الدولي». واضاف البيان «إن رأي المدعي العام هو أن العمل العسكري الذي اتخذ في العراق كان مشروعاً». وزاد «ذلك كان رأيه المستقل في تلك الفترة، وهو لا يزال على رأيه».

ومن ناحيته أكد جون بريسكوت، نائب رئيس الوزراء البريطاني، إن قرار الحرب لم يصدر عن بلير وحده بل عن الحكومة كلها. وقال في مقابلة أمس مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) «لم يكن توني بلير لوحده، بل كانت تلك مسؤولية جماعية لمجلس الوزراء».