وزيرة الدفاع الفرنسية في الجزائر اليوم ومباحثاتها ستتطرق إلى التعاون في 3 مستويات

مصادر: باريس مستعدة لتلبية حاجات الجزائر الدفاعية دون الإضرار بالتوازانات الإقليمية.. وبوليساريو ستطلق 100 أسير جديد

TT

تصل وزيرة الدفاع الفرنسي ميشال أليو ـ ماري اليوم الى الجزائر في زيارة رسمية من ثلاثة أيام هي الأولى من نوعها لوزير دفاع فرنسي منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962.

وتأتي هذه الزيارة بعد ثلاثة ايام فقط على زيارة وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنيه التي أعلن خلالها أن التوقيع على «معاهدة صداقة» بين البلدين سيتم العام القادم. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متطابقة أن جبهة البوليساريو تحضر للإفراج عن نحو 100 اسير مغربي جديد في الأسابيع القادمة وأن الجزائر تحث البوليساريو على العمل في هذا الاتجاه مما يعزز الانطباع باتجاه تحسن العلاقات الجزائرية المغربية، الامر الذي سينعكس على موضوع الصحراء الغربية. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قال للوزير بارنيه إنه يعتبر أن «أمن واستقرار المغرب من أمن واستقرار الجزائر».

وقالت مصادر فرنسية رفيعة لـ «الشرق الأوسط» ان محادثات الوزيرة الفرنسية اليو ـ ماري مع الرئيس الجزائري الذي هو في الوقت عينه وزير الدفاع ستكون «سياسية وعسكرية»، لكن «الملف الدفاعي والعسكري سيكون الطاغي».

ونفت مصادر فرنسية اخرى وجود أي اتفاق عسكري مطروح للتوقيع بين البلدين بمناسبة الزيارة، مؤكدة أن الوزيرة الفرنسية ستكون مستعدة للاستماع الى طلبات الجزائر بخصوص التعاون العسكري، لكن باريس، حسب ذات المصادر، ليست مستعدة في الوقت الحالي لأن يتعدى تعاونها مع الجزائر، إطار تكوين الضباط الجزائرين في المدارس الحربية الفرنسية وتبادل الخبرات العسكرية. وفي الحقيقة، فإن هذا النوع من التعاون قديم، حيث استفاد عشرات الضباط الجزائريين من التكوين في معاهد عسكرية متخصصة بفرنسا.

وافادت المصادر الفرنسية أن زيارة أليوـ ماري «تحمل شحنة رمزية كبيرة» وهي تعني بالدرجة الأولى أن «التطبيع» بين الطرفين اللذين خاضا حربا شرسة قد وصل الى مرحلة متقدمة وأن «كل الممنوعات قد سقطت» لدى الطرفين. واضافت المصادر أن المناقشات حول التعاون العسكري بين باريس والجزائر تندرج في ثلاثة مستويات: الأول، يتناول مستوى «معاهدة الصداقة» التي يتم العمل عليها الآن. ووفق المعلومات المتوافرة، فإن المعاهدة ستنص فقط على المبادئ العامة ولن تخوض في التفاصيل. أما المستوى الثاني، فإنه يركز على بلورة «اتفاق إطار دفاعي» وهو ما بدئ العمل بشأنه منذ فترة ليست بعيدة. وكان رئيس الأركان الفرنسي الجنرال بنتوجا قد زار اخيراً الجزائر، كما أن مسؤولا كبيرا من «الهيئة العامة الفرنسية للتسلح»، المكلفة رسم سياسة الصادرات الفرنسية الدفاعية تحت إشراف وزارة الدفاع، زار هو الآخر الجزائر. وقالت المصادر الفرنسية إن باريس والجزائر «يأملان أن يكون الاتفاق الدفاعي جاهزا قبيل التوقيع على معاهدة الصداقة»، ما يعني أن المناقشات حول أوجه التعاون العسكري المختلفة ستمتد الى حوالي العام. أما المستوى الأخير فيتناول الاتفاقات «التقنية والفنية»، وهي تتناول اربعة محاور هي التأهيل والتدريب، والتمارين العسكرية المشتركة، وتبادل المعلومات، والمبيعات الدفاعية. وجدير بالذكر أن بين فرنسا والجزائر اتفاقا دفاعيا يعود للعام 1983 غير انه لم يعمل به ابدا.

وكانت مصادر جزائرية قالت لـ «الشرق الأوسط» ان الجزائر ترى في إبعاد القطاع الدفاعي عن التعاون القائم بين البلدين الذي يوصف بأنه «شراكة استثنائية» يعتبر «أمرا غير مبرر وغير مفهوم خصوصا أن ما اعتبر في الماضي عائقا أمام هذا التعاون لم يعد قائماً».

وأفادت المصادر الفرنسية أن باريس «مستعدة للنظر في الحاجات الدفاعية الجزائرية» وأنها «منفتحة على الطلبات الجزائرية» التي تضعها هي الأخرى في إطار «العلاقة الجديدة» بين الطرفين.

ولا يزال المسؤولون العسكريون في الجزائر يتذكرون بنوع من الاستياء، رفض فرنسا بيعهم 12 مروحية عسكرية من نوع «إيكيراي» عام 1994، بحجة أن هذا النوع من الطائرات يمكن تجهيزها بصواريخ وبالتالي استعمالها ضد المجموعات الاصولية المسلحة. وكانت الحكومة الاشتراكية الفرنسية حينها تحرص على البقاء بعيداً عن الازمة الداخلية في الجزائر التي اندلعت بعد الغاء المسار الانتخابي مطلع التسعينات. وبعد عام على ذلك الرفض، عقدت وزارة الدفاع الجزائرية صفقة، مع جنوب أفريقيا حصلت بموجبها على المروحيات.

ورغم الاستعداد الفرنسي الجديد لتلبية حاجات الجزائر الدفاعية، فإن باريس تؤكد أن سياستها العسكرية والدفاعية تجاه الجزائر يجب أن تحترم عدة اعتبارات أولها «عدم الإضرار بالتوازنات القائمة في المنطقة» في إشارة خفية الى المغرب الذي قد لا ينظر بعين الرضى الى التعاون العسكري المتجدد بين باريس والجزائر.