زوار دمشق من السياسيين اللبنانيين يؤكدون أن سورية «غير منزعجة» من كثرة المرشحين

TT

يعود الرئيس اللبناني اميل لحود اليوم الى بيروت بعد اجازة عائلية في فرنسا استمرت اسبوعاً، ويتوقع ان تزيد عودته من حدة السجال الدائر بين السياسيين حول خيار تعديل الدستور لتمديد ولايته الرئاسية.

ونقلت امس «وكالة الابناء المركزية» المحلية الخاصة عن زوار العاصمة السورية في الساعات الثماني والاربعين المنصرمة، ان دمشق «غير منزعجة على الاطلاق من حركة الطروحات الرئاسية سواء بالنسبة الى كثرة المرشحين او بالنسبة الى طرح المواصفات وحتى بالنسبة الى الكلام عن الوحي (الذي ينتظره النواب لتحديد الموقف)، وهي ترى في ذلك لبننة الاستحقاق التي طرحها الرئيس السوري بشار الاسد وان كان للتقاطعات الاقليمية والدولية الرأي المرجح في الاختيار والقرار بالنسبة الى هذه المحطة الدستورية وقد يكون لأخذ الوضع الداخلي في الاعتبار نسبة لا بأس بها من العناصر المكونة لهذا القرار على قاعدة انه لا يجوز ان يتم اتخاذ اي قرار هو محط رفض شامل تقريباً من القيادات اللبنانية ومن الرأي العام».

وقال هؤلاء الزوار ان المسؤولين السوريين «امتعضوا من المواقف الحاسمة سلفاً لشكل الاستحقاق، خصوصاً عندما تصدر هذه المواقف عن قيادات لبنانية مقربة من دمشق كما حصل منذ فترة»، لأن الامور، بحسب ما نقلت الوكالة عن الزوار، ليست محسومة بعد وتالياً لا يجوز ان يكون هناك اي موقف ايحائي، في وقت تبدي فيه العاصمة السورية تشجيعاً لحركة التعاطي مع الاستحقاق على النحو الحاصل راهناً سواء من زاوية الترشح او من زاوية طرح المواصفات». واشار هؤلاء الى ان «هناك متسعاً من الوقت للتقرير النهائي، خصوصاً انه بات معلوماً ان القرار والاختيار في موضوع المحطة الدستورية الأهم في لبنان هو في ربع الساعة الاخير، والدليل على ذلك الاستحقاقات الرئاسية على مر تاريخ لبنان الاستقلالي وحتى في فترة الانتداب حيث كان الخيار فيها نتيجة مداولات ربع الساعة الاخير، وإن كانت المشاورات البعيدة من الاضواء وبواسطة الاقنية المعنية التي تتولى ذلك تبدأ قبل ذلك ولكنها تكون في مرحلة استكشاف الوضع الداخلي ومطابقته مع التوجهات الخارجية التي كانت تتقاطع لتختار مواصفات الرئيس اللبناني، حيث يتم بعد هذا الاختيار البدء بغربلة الاسماء طبقاً لهذه المواصفات».

وكان البارز في «السجال التمديدي» امس توالي مواقف اعضاء كتلة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي حدد اول الاسبوع الحالي مواصفات للرئيس المقبل رأى البعض انها «تنطبق» على الرئيس لحود. رغم انه اعطى الحرية لأعضاء كتلته النيابية في تحديد موقفهم من الاستحقاق. غير ان الذين تحدثوا حتى الآن من هؤلاء اجمعوا على رفض التعديل الدستوري وتمديد ولاية لحود.

واشار عضو كتلة جنبلاط النائب فؤاد السعد بعد زيارة قام بها الى البطريرك الماروني نصر الله صفير الى ان «اللقاء الديمقراطي» (كتلة جنبلاط) «لم يأخذ موقفاً من الانتخاب الرئاسي.. هناك آراء مختلفة في اللقاء الديمقراطي وقد تركت الحرية للاعضاء لاتخاذ موقف مناسب للذي يريده. وانا شخصياً موقفي هو عدم تعديل الدستور.. اما بالنسبة للانتخابات بحد ذاتها فلم نتخذ اي موقف الى الآن». واستبعد السعد ان تكون مواصفات الرئيس التي طرحها الوزير جنبلاط تنطبق على الرئيس لحود، وقال: «ان دفتر الشروط غير معقد، وان معظم المرشحين من الممكن ان يتبنوه وهو متزن اذا قارنا بينه وبين الشروط التي كان يضعها (والده) المرحوم كمال بك جنبلاط».

ومن زوار البطريرك صفير ايضاً النائب فريد الخازن الذي اعتبر ان «تداول السلطة هو امر طبيعي». ودعا الى «تغيير عام في الأداء السياسي وتغيير عام على مستوى الرئاسات في لبنان». وفي الاطار نفسه، رأى النائب نعمة طعمة (عضو كتلة جنبلاط) ان الدساتير والقوانين لها هيبتها لكنها لا تطعم خبزا ولا تسد رمقاً. وقال طعمة: «إن النائب وليد جنبلاط اشار الى الاستحقاق الرئاسي ومواضيع اخرى عبر تشخيص دقيق وموضوعي لمسار الأمور المطروحة على بساط البحث بحيث تطرق اليها بوضوح عبر جرأته المعروفة، ولا يمكن ان نزيد شيئاً عما قاله كونه اصاب جوهر المشكلات السياسية والاقتصادية»، وشدد طعمة على «عدم الغرق في الاجتهاد، سواء كان أمام الاستحقاق الرئاسي او غيره من المواضيع الاخرى المتداولة على الساحة الداخلية، لان هناك وضعاً معيشياً لا يحتمل التسويف والمماطلة».

وفي المقابل، دعا النائب محمود ابو حمدان الذي يتردد انه سيعود الى حركة «أمل» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في لقاء مع الاعلاميين امس الى النظر الى الاستحقاق الرئاسي «من خلال الهجمة الكبرى من المنطقة من قبل الادارة الأميركية والحلف بينها وبين اسرائيل». اما في ما يتعلق بتعديل المادة 49 من الدستور التي تمنع تحديد او تجديد ولاية الرئيس فقد رأى: «ان ظروف الاستحقاق ما زالت بعيدة» داعياً الى «الكف عن القول ان الدستور مقدس فهذا كلام سياسي لان من يقف ضد التمديد والتعديل هو من طلبه أيام الرئيس الياس الهراوي».

واعلن النائب فريد مكاري المقرب من رئيس الحكومة رفيق الحريري انه «ضد التمديد لرئيس الجمهورية وضد تعديل الدستور حتى لو طلب منه ذلك، ولكنه لا يكون ضد سورية». وعن اللقاء السريع بين الرئيسين الحريري وبري اول من امس قال: «اعتقد انه تركز على ملابسات زيارة النائب (الاميركي من اصل لبناني) راي لحود الى لبنان والكلام الذي قاله (عن رفضه التمديد والانتقادات التي وجهها الى سورية). وعن سعي البعض لفك الارتباط بين الرئيسين الحريري وبري قال: «منذ ثلاثة اشهر حتى اليوم لم اعد ارى احداً على وفاق مع احد. ولكن التقارب بين الرجلين ممكن». واضاف: «من المؤكد ان الرئيس الحريري لم يكن مسروراً من الكلام الذي قاله (عضو كتلته) غطاس خوري خلال الغداء التكريمي للنائب راي لحود. ولكن اذا اخطأ صديق في كلام ما او عبر بطريقة لا تعجبك فهذا لا يعني ان تنفض يدك منه».

وشدد مكاري على ان كلام الرئيس الحريري «واضح وهو ضد تعديل الدستور لكنه ربطه في النهاية بالموقف السوري. ومن هذه الناحية لا اعتقد انه سيواجه مشكلة مع اعضاء كتلته».

واعلن مكاري انه يختلف مع «صديقه» وزير الصحة سليمان فرنجية. وقال: «الوزير فرنجية ضد تعديل الدستور، وانا معه في هذا الرأي، لكنه يقول دائماً ان قراره السياسي مرتبط بالقرار السوري وقرار الدكتور بشار الاسد، وهذا حق من حقوقه كصديق للرئيس الأسد وأقدر موقفه. لكن أغالطه الرأي، ليس لكونه ملتزماً بموقف الرئيس الأسد بل لأن الرئيس الأسد يقول شخصياً ان القرار بشأن الاستحقاق هو قرار لبناني».