جيش تحرير السودان: الخرطوم ارتكبت مجزرة جديدة بإحراق 184 قرية في دارفور بعد أيام من زيارة أنان وباول

الكونغرس الأميركي يعتبر كارثة دارفور «إبادة جماعية» ويطلب من البيت الأبيض التدخل «ولو منفردا» لوقف العنف

TT

قال جيش تحرير السودان، وهو ابرز حركة مسلحة في دارفور (غرب) ان ميليشيات «الجنجويد» العربية مسنودة بالجيش السوداني، ارتكبت مجزرة جديدة باحراق 184 قرية في دارفور عقب زيارتي وزير الخارجية الاميركي كولن باول والأمين العام للامم المتحدة كوفي انان الى الخرطوم اخر الشهر الماضي واول الشهر الجاري. وتبنى الكونغرس الاميركي قرارا بالاجماع يعلن ان «الفظاعات» التي تحصل في اقليم دارفور السوداني عملية «ابادة جماعية» ويدعو البيت الابيض الى تدخل متعدد الاطراف او حتى احادي الجانب لوقف العنف هناك. وقال محمد حامد علي الناطق الميداني الرسمي باسم جيش تحرير السودان في اتصال مع «الشرق الاوسط» من دارفور، ان ميليشيا «الجنجويد» مدعومة من الجيش السوداني وقوات الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية اغارات على المنطقة الواقعة بين مدينتي نيالا والضعين في جنوب دارفور، واحرقت 184 قرية وقتلت 85 شخصا وشردت المئات، بعد نحو 3 او 4 اربعة ايام من انتهاء زيارتي باول وانان. وقال حامد ان الحكومة تمنع المنظمات الانسانية الدولية من الوصول الى المنطقة لتقديم المعونات نسبة «لبشاعة المجزرة». وروى حامد الحادثة قائلا ان «الحكومة السودانية رصدت 15 مليار جنيه سوداني، لميليشيات قبلية للقضاء على القرى المذكورة، وهي القرى التي تمد قوات جيش تحرير السودان بالدعم المالي واللوجستي». واضاف ان «21 ألف من قوات الجيش وميليشيا الجنجويد وقوات الشرطة الشعبية والدفاع الشعبي دخلت في معارك مع قواتنا على ثلاثة محاور، وانتهزت فرصة انشغالنا بالدفاع عن انفسنا وباغتت تلك القرى واحرقتها جميعا خلال 48 ساعة». وقال ان الحادثة ارتكبت بعد ثلاثة او اربعة ايام من مغادرة كوفي انان السودان في الاسبوع الاول من الشهر الجاري. وقال ان لجنة الرقابة الافريقية شاهدت القرى المحروقة، ورأت الجثث المتفحمة، وبعضها مكبل في الاصفاد، كما شاهدت المقابر الجماعية، والجثث الملقاة على قارعة الطريق. وذكر حامد اسماء عدد من القرى والمناطق المحروقة من بينها مناطق صليعة وديار داجو، وام كردس، بالاضافة الى معسكرات كليكل بوجو. واشار حامد ايضا الى ان ميليشيا الجنجويد احرقت الاربعاء الماضي سوق نينا شرق مدينة كتم ونهبت السوق، وقتلت مواطنين وجرحت 16 اخرين. وزعم ان قائدا حكوميا في كتم «استقبل الجناة ووزع عليهم الذخيرة، ووجههم الى وجهة اخرى». كما اشار الى ان الجيش في حامية جنوب غرب مدينة الجنينة اعتقلوا 4 مدنيين بتهمة الانتماء الى جيش تحرير السودان، قتلوا اثنين منهم من اثر التعذيب، هما عبد الله عبد الله عبد النبي، وعبد الله يحيى عبد الله والقوا بجثتيهما في الطريق فيما لا يزال مصير الاخرين مجهولا. وتحدث حامد ايضا عن المحاكمات التي قالت الحكومة السودانية انها اجريت لعشرة عناصر من الجنجويد، مشيرا الى ان المحاكمين ليسوا من عناصر الجنجويد. واشار الى ان السلطات السودانية قامت بزيارة سجن كوريا بنيالا وغيرت ملفات 10 من المدانين باحكام مسبقة بـ«النهب المسلح»، وادعت انهم من الجنجويد رغم انهم حوكموا قبل 7 اشهر. وذكر حامد اسماء 6 منهم وهم سليمان محمد شايب، وجمال سليمان محمد شايب، وحمدان سليمان محمد شايب، والهادي محمد صباح الزين، وعلي هارون ادريس وحامد علي هارون ادريس. من جهته قالت حركة العدل والمساواة (الحركة المسلحة الاخرى في دارفور) ان الحكومة قامت بهجومين في دارفور هذا الاسبوع رغم اصرار الخرطوم على انها تشن حملة ضدها. وذكرت حركة العدل والمساواة ان الحكومة السودانية ضمت أكثر من 6 الاف من رجال الميليشيا الى قوات الشرطة النظامية ووزعت عليهم ملابس شرطة وسلمتهم اسلحة جديدة. وقال أبو بكر حامد النور المنسق العام لحركة العدل والمساواة خلال اتصال هاتفي ان «الشرطة ومن بين افرادها عدد من رجال ميليشيا الجنجويد» هاجمت معسكرا للمسلحين الاربعاء الماضي في منطقة اورشي شمال الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. وقال «قبل ذلك بيومين قتلت ميليشيا الجنجويد اكثر من 30 وخطفت الكثير من النساء والاطفال من كفور الواقعة بين الفاشر وكتم على بعد نحو 120 كيلومترا الى الشمال الغربي.

وقال النور الذي ذكر انه يتحدث من قلب دارفور «الحكومة تحاول ان ترتكب جرائمها من وراء الستار. اذا كانوا جادين بشأن حل المشكلة يجب ألا يخدعوا المجتمع الدولي. عليهم ان يجيئوا للتحدث معنا في محادثات حقيقية للسلام». ولم يتسن الحصول على تعليق حكومي على هذه الاحداث الميدانية. من جهة ثانية تبنى الكونغرس الاميركي قرارا بالاجماع يعلن ان «الفظاعات» التي تحصل في اقليم دارفور السوداني عملية «ابادة» ويدعو البيت الابيض الى تدخل متعدد الاطراف او حتى احادي الجانب لوقف العنف هناك. وحصل القرار على 422 صوتا في مجلس النواب مقابل لا شيء. ولم يبت مجلس الشيوخ الاميركي بعد في مشروع القرار مع بدء الكونغرس عطلة صيفية تستمر ستة اسابيع. وكان النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي دونالد باين قدم مشروع القرار قبل شهر، مشددا على ان 30 الفا قتلوا «بطريقة وحشية» في حين فر 130 الفا الى تشاد وتهجر حوالى المليون داخل الاقليم.

ونص القرار على «الاعلان ان الفظاعات التي تحصل في دارفور هي عملية ابادة»، مستندا الى تصريحات منسق الانشطة الانسانية التابع للامم المتحدة في السودان من ان «العنف في المنطقة التي تعاني من الفقر موجه خصوصا ضد مجموعات اثنية ويبدو انه يحصل بشكل منتظم».

ويحض القرار الرئيس جوح بوش على «تسمية الفظاعات باسمها الحقيقي: ابادة» ويطالبه بالتحرك لقيادة جهود دولية تمنع ذلك. كما يطالب القرار ادارة الرئيس الاميركي الى «الاخذ جديا في الاعتبار تدخلا متعدد الاطراف او حتى احادي الجانب لمنع الابادة في حال فشل مجلس الامن الدولي في التحرك».

كما يطالب القرار بـ«عقوبات من ضمنها حظر التأشيرات وتجميد اصول المؤتمر الوطني (الحاكم) والاعمال النشاطات التجارية التابعة له والاشخاص المسؤولين بشكل مباشر عما يحصل في دارفور»، داعيا الوكالة الاميركية للمساعدات الدولية (يو اس ايد) الى مساعدة اللاجئين لاعادة توطينهم واعادة اعمار مناطقهم.

وقدمت الادارة الاميركية اول من امس مشروع قرار الى مجلس الامن يلوح بفرض عقوبات على السودان اذا لم يلاحق قادة الميليشيات العربية الذين يرتكبون فظاعات في دارفور. والتقى وزير الخارجية الاميركي كولن باول الامين العام للامم المتحدة كوفي انان فجر امس لبحث الازمة في محاولة للضغط على الحكومة السودانية لتوقف دعمها لميليشيا الجنجويد المسلحة.

وقال باول للصحافيين «انهم يدعمون ويؤيدون بعض عناصر الجنجويد ويجب ان يتوقف ذلك». واضاف «انها كارثة، فالناس يموتون باعداد متزايدة». ويطلب مشروع قرار الامم المتحدة من الخرطوم تقديم قادة الجنجويد الى المحاكمة والا فانها ستواجه عقوبات خلال ثلاثين يوما. الا ان السودان اعلن ان هذا لن يساعد في انهاء الازمة. وفي القاهرة قال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان مجلس الامن الدولي سيرسل بعثة الى دارفور لتقديم تقرير حول الاوضاع الانسانية هناك قبل ان ينظر المجلس فى مشروع القرار الاميركي، لافتا الى انه اتصل بوزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان اسماعيل بشأن هذه القضية التي تشغل بال العالم حاليا. وأكد موسى ان التلويح بفرض عقوبات على السودان لن يحل مشكلة دارفور، معربا عن أمله فى أن تتحرك الامور نحو تنفيذ التفاهم الذى تم بين الحكومة السودانية والأمين العام للامم المتحدة ووزير الخارجية الاميركى الذى طلب من الاطراف كلها ان تتعاون لانهاء الازمة.