التحقيقات تؤكد ارتكاب انتحاريي 11 سبتمبر أخطاء كادت تفشل الهجوم

عطا تأخر والمحضار فتش مرتين والغامدي تردد في الإجابة على الأسئلة * حقيبة السقمي فتشت بجهاز الكشف عن القنابل * موظفة شكت في تصرفات نواف وسالم الحازمي

TT

تقرير لجنة هجوم 11 سبتمبر الذي صدر امس يتكون من ستمائة صفحة تقريبا، ويعتبر الصيغة الرسمية النهائية لما حدث يوم الهجوم، الذي اصبح جزءا من تاريخ اميركا، وخلفياته، وابعاده. التقرير انتقد اعتقاد كثير من الاميركيين بأن الخاطفين التسعة عشر خططوا للهجوم ونفذوه بصورة مثالية. حتى روبرت مولر، مدير مكتب المباحث الفدرالي (اف بي آي) قال في السنة الماضية: «ما كانت هناك اي كبوة في تنفيذ الهجوم الارهابي، ولم يرتكب الارهابيون اي خطأ، ولم يختلفوا...» لكن التقرير قال: «لان الهجوم كان مدمرا، خلق اعتقادا بأن كل شيء رتب ونفذ بصورة دقيقة. لكن هذا الاعتقاد خاطئ».

في التقرير تفاصيل ما فعله التسعة عشر ارهابيا صباح ذلك اليوم، واشارات لمشاكل حدثت واخطاء ارتكبت، كادت ان تفشل كل الهجوم او جزءا منه.

اول مشكلة كانت سفر «المصري محمد عطا، قائد المهاجمين، والسعودي عبد العزيز العمري، في سيارة من بوسطن (ولاية ماساشوسيتس) إلى بورتلاند (ولاية مين) في اليوم السابق ليوم الهجوم. وفي السادسة صباح يوم الهجوم ذهبا الى مطار بورتلاند للسفر الى بوسطن، للحاق بطائرة شركة اميركان المسافرة الى لوس انجليس، والتي خططا لخطفها وتفجيرها.

لكن عطا والعمري لم يتركا اي دليل يوضح لماذا ذهبا من بوسطن الى بورتلاند، ثم عادا الى بوسطن. والتفسير الوحيد الذي وصلت اليه لجنة التحقيق هو ان مطار بورتلاند صغير والتفتيش فيه ليس دقيقا، عكس التفتيش في مطار بوسطن الكبير، ولانهما سيكونان مسافرين عابرين (ترانزيت) لن يفتشا مرة اخرى.

* تفتيش ثان

* وكانت هناك مشكلة ثانية، في مطار بورتلاند، قبل دخول الطائرة، عندما اطلقت بوابة الامن التي يمر تحتها المسافرون انذارا عندما مر تحتها عطا. فتشته الشرطة ولم تعثر معه على شيء غير عادي. لكن، حسب اجراءات الامن، حجزت حقيبته في قاعة العفش حتي التأكد من انه دخل الطائرة، خوفا من ان تكون في الحقيبة متفجرات بدون مسافر مرافق.

وعندما وصل عطا والعمرى الى مطار بوسطن، وقبل ان يدخلا الطائرة التي ستخطف وتفجر، فتش عطا مرة ثانية بسبب ما حدث له في مطار بوسطن. وكان ابلغ بذلك مسبقا، وأعلن غضبه لرجل الأمن لأنه سيفتش مرتين. على اي حال، اجتاز التفتيش الثاني، ودخل الطائرة.

لماذا اختارا عطا والعمري بورتلاند، وليس اي مطار صغير مجاور، نقطة انطلاق الى بوسطن؟ لجنة التحقيق لم تجد اي تفسير سوى ان طائرة بورتلاند سوف تصل الى بوسطن قبل دقائق قليلة من اقلاع الطائرة التي ستخطف وتفجر. لكن هذا الاختيار كان مغامرة خطيرة، لان طائرة بورتلاند وصلت متأخرة سبع دقائق الى بوسطن، وربما اذا تأخرت اكثر، كانت الطائرة التي ستخطف ستسافر بدونهما.

* عطا تأخر

* عطا، عندما وصل الى مطار بوسطن، اسرع واتصل تلفونيا مع مروان الشحي، الاماراتي الذي قاد الفريق الثاني الذي خطف طائرة شركة «يونايتد» من مطار بوسطن، ايضا. وكان الشحي واعضاء فريقه وصلوا الى المطار قبل وقت كاف، وظلوا في انتظار اتصال تلفوني من عطا. عطا اتصل مع الشحي هاتفيا بالقرب من نقطة لشرطة المطار، مما اعتبر مغامرة، لكن عطا كان يتكلم بالعربية، وبرموز. بعد الاتصال التلفوني، قابل عطا والعمري بقية اعضاء فريقهم (السعوديين الثلاثة: سطام السقمي ووائل الشهري ووليد الشهري). هؤلاء وصلوا مبكرين، وكانوا ينتظرون عطا والعمري في قلق.

مشكلة اخرى: عند دخول الطائرة، مر عطا والعمري تحت بوابة الامن بدون ان تطلق انذارا. لكن الشرطة اوقفت زملاءهم الثلاثة لتفتيش حقائبهم عندما احست بأن تصرفاتهم تدعو للشك. وعندما لم تعثر الشرطة على شيء غير عادي، سمحت لهم بدخول الطائرة.

مشكلة رابعة يبدو انها واجهت فريق عطا: حسب بيانات طائرة شركة «اميركان»، بعض المسافرين وصلوا الى بوابة الدخول متأخرين، وبعد ان تحركت الطائرة، مما اضطر قائد الطائرة لفتح الباب مرة اخرى، وادخال المتأخرين. لكن لجنة التحقيق لم تقدر على معرفة اذا كان الخاطفون من بين الذين تأخروا.

* فريق الشحي

* الفريق الثاني، فريق مروان الشحي (الاماراتي فايز بن حمد، والسعوديون احمد الغامدي وحمزة الغامدي ومهند الشهري) وصل الى مطار بوسطن حسب المواعيد. لكن بعضهم، عندما وقفوا في صف الحصول على بطاقات دخول الطائرة، تردد عند الاجابة على اسئلة موظفة شركة طيران «يونايتد» (اسئلة مثل: هل هذه حقيبتك؟ هل فتح شخص آخر الحقيبة؟ الخ...) لكن الموظفة لم تشك في نواياهم، واعتبرت انهم ترددوا وتلعثموا لانهم لا يجيدون اللغة الانجليزية، وغير متعودين على السفر بالطائرة.

الموظفة اسمها جيل جواهر، ويبدو انها من اصل عربي، وربما فهمت بعض كلامهم. بعد يوم الهجوم، عندما حققت معها الشرطة، قدمت معلومات عنهم، لكنها ما كانت تعرف الهدف الحقيقي من سفرهم.

* فريق حنجور

* ما بين السابعة والثامنة صباحا، اقلعت طائرة عطا (طائرة شركة «اميركان») وطائرة الشحي (طائرة شركة «يونايتد») من بوسطن في طريقهما الى لوس أنجليس، قبل خطفهما وتفجيرهما في مركز التجارة العالمي.

في نفس ذلك الوقت، كان فريق الخاطفين الثالث يستعد لدخول طائرة شركة «اميركان» في مطار دالاس، بالقرب من واشنطن العاصمة، المتجهة الى لوس أنجليس، ايضا، لخطفها وتفجيرها في مبنى البنتاجون.

اختيار طائرات كبيرة تسافر من الساحل الشرقي الى الساحل الغربي كان متعمدا، بسبب كثرة الوقود الذي تحمله كل طائرة، وتوقع انفجار اكبر.

هذا الفريق الثالث قاده السعودي هاني حنجور (وضم السعوديين: نواف الحازمي وخالد المحضار وسالم الحازمي وماجد مقيد)، وهؤلاء، ايضا، واجهوا مشاكل ربما كادت تفشل خطتهم. عندما عبروا بوابة الامن قبل دخول الطائرة، دق انذار الامن كل مرة، واوقفتهم الشرطة، وفتشتهم، لكنها لم تعثر على شيء غير عادي.

المحضار والموقد فتشوا مرتين. وهاني حنجور كان يحمل حقيبتين، لكن جهاز الاشعة لم يوضح اي شيء غير عادي في الحقيبتين. والشقيقان نواف وسالم الحازمي فتشا مرة اولى، لكن نواف فتش مرة ثانية. كما ان حقيبة نواف اطلقت انذارا، وفتشت بجهاز كشف القنابل، ولم يعثر على شيء غير عادي. وقبل ذلك، سئل الشقيقان نواف وسالم الحازمي اسئلة اضافية عندما وقفا في صف الحصول على بطاقة دخول الطائرة. واحد منهم تردد في الاجابة على اسئلة الموظفة لأنه لا يجيد اللغة الانجليزية. والثاني ما كان يحمل بطاقة اثبات شخصية عليها صورته. هذا بالاضافة الى ان الموظفة شكت في تصرفاتهما، لكن بدون دليل على وجود شيء غير عادي.

ومثلما حدث لمحمد عطا، عندما اثار الشكوك في مطار بوسطن، حجزت حقيبتي الشقيقين نواف وسالم الحازمي حتي دخلا الطائرة، وذلك خوفا من شحن حقيبة بدون مسافر مرافق.

* الفريق الرابع

* في نفس الوقت، كان الفريق الرابع بقيادة اللبناني زياد الجراح في مطار نيوآرك (ولاية نيوجيرسي، عبر النهر من نيويورك) يستعد لدخول طائرة شركة «يونايتد» المسافرة الى لوس أنجليس، ايضا. كان معه السعوديون: سعيد الغامدي واحمد النعمي واحمد الحزنوي. الجراح كان يحمل حقيبة، وايضا الحزنوي. حقيبة الثاني اطلقت انذارا، وفتشت بجهاز كشف القنابل، ولم يعثر على شيء غير عادي، وحقيبة الاول لم تفتش، والغامدي والنعمي ما كانا يحملان حقائبا.

كل فريق كان يتكون من خمسة، ماعدا هذا الفريق، ويعتقد ان ذلك كان من اسباب فشلهم في تنفيذ خطتهم لضرب البيت الابيض او الكونغرس، لان الاربعة لم يقدروا على مواجهة المسافرين بعد خطف الطائرة. فوق ولاية بنسلفانيا، بعد خطف الطائرة، علم بعض المسافرين ان طائرتين خطفتا وانفجرتا في مركز التجارة العالمي (بعد اتصالات تليفونية من الطائرة). واحتشد هؤلاء وقرروا الهجوم على كابينة الطائرة لاعتقال الخاطفين وافشال الخطف. وعندما أحس الخاطفون انهم لن يقدروا على سد باب الكابينة امامهم، قرر الجراح اسقاط الطائرة مع صيحات «الله اكبر».

اعضاء الفريق الرابع الاربعة جلسوا في الدرجة الاولى. واعضاء الفريق الثالث جلسوا في الدرجة الاولى، ايضا، ماعدا المحضار والموقد. وكل اعضاء الفريق الثاني جلسوا في الدرجة الاولى. واعضاء الفريق الاول جلسوا في الدرجة الاولى، ماعدا العمري والسقمي ومحمد عطا.