«اليسار الاشتراكي الموحد» في المغرب يعترف بالتيارات داخل الحزب ويعلن قرب اندماج تنظيم يساري خامس فيه

TT

انطلقت مساء أول من أمس في الدار البيضاء اعمال المؤتمر الأول لحزب «اليسار الإشتراكي الموحد»، الذي يشكل أول محطة يضع فيها الحزب تجربته «الوحدوية» على المحك بعد عامين من تأسيسه.

وكان الحزب قد أنشئ في يوليو (تموز) 2002، بعد اندماج 4 تنظيمات يسارية مغربية هي حزب «منظمة العمل الديمقراطي والشعبي»، وحزب «الحركة من أجل الديموقراطية»، وتنظيم «الفعاليات اليسارية المستقلة»، وحزب «المستقلين الديمقراطيين».

وتنحدر التنظيمات الثلاثة الأولى من «منظمة 23 مارس» الماركسية اللينينية السرية التي تشكلت في بداية عقد السبعينيات، فيما تكون حزب «المستقلين الديمقراطيين» خلال التسعينيات من اندماج مجموعات متحدرة من جمعية «الطلبة القاعديين» التي كانت تنشط في الأوساط الطلابية المغربية خلال السبعينيات وبداية الثمانينيات.

وتشكل المسألة التنظيمية الرهان الأساسي للمؤتمر الحالي الذي يضع كهدف له بلوغ درجة أعلى من الانصهار التنظيمي بين مكوناته وتجاوز مبدأ التوافقات ونظام الحصص الذي ساد خلال مؤتمره التأسيسي. ويتجه المؤتمر إلى الخروج بأمين عام واحد للحزب بدل الأمانة العامة الرباعية المنبثقة عن المؤتمر التأسيسي، والتي ضمت ممثلا عن كل واحد من التنظيمات المندمجة. كما سيعرف المؤتمر التطبيق العملي لأول مرة لمبدأ الاعتراف بالتيارات داخل الحزب، وذلك من خلال فتح المجال أمام كل تيار لطرح وثيقة خاصة به للتصويت خلال الجلسة العمومية. ويتم الاعتراف بكل وثيقة تحصل على أكثر من 10% من الأصوات بأنها تشكل تيارا قائما داخل الحزب مما يؤهل عارضيها التمتع بحقوق الأقليات التي ينص عليها النظام الداخلي للحزب بما في ذلك إمكانية التقدم لانتخابات الأجهزة القيادية بلائحة مستقلة والفوز بعدد من مقاعد اللجنة المركزية متناسب مع عدد الأصوات التي تحصل عليها لائحة التيار في الإنتخابات.

وأكد محمد بنسعيد أيت إيدر، الزعيم التاريخي للحزب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يترشح لمنصب الأمين العام. وقال «شخصيا لم أعد أملك لا القوة ولا الطاقة اللازمة لتحمل أعباء هذه المهمة، كما أننا سياسيا ننادي بالتناوب وفسح المجال أمام الشباب لتحمل المسؤولية، فالأحرى إذن أن نعطي المثال».

وكان آيت ايدر قد شغل منصب الأمين العام لحزب «منظمة العمل الديمقراطي والشعبي» منذ خروجه من السرية في بداية الثمانينيات. وعند تأسيس حزب «اليسار الاشتراكي الموحد» تم إحداث منصب خاص به كرئيس يتمتع بسلطة معنوية وموقع استشاري وتوجيهي داخل الحزب.

وحول تقييمه لتقدم العملية الإندماجية، قال بنسعيد «حتى الآن سارت الأمور على ما يرام، وقد تم التحضر للمؤتمر في أجواء سليمة، وجرى انتخاب المؤتمرين بطريقة ديمقراطية. والمؤتمر بدأ للتو، وجميع جلساته ستجري في شفافية تامة وهي مفتوحة أمام الصحافة والمراقبين».

وأشار بنسعيد إلى أن الجديد في المؤتمر هو إقرار مبدإ الاعتراف بالتيارات كوسيلة ديمقراطية لتدبير الاختلافات والخروج من دوامة الانشقاقات التي أدت إلى تشظي الحقل السياسي المغربي. واضاف «هذه التجربة ليست جديدة بالنسبة لنا نحن فقط بل بالنسبة للحقل السياسي المغربي ككل». وبتأكد عزم بنسعيد عدم الترشح لمنصب الأمين العام، يتوقع أن تحتد المنافسة بين الأعضاء الأربعة للأمانة العامة المشتركة المنتهية ولايتها. ومن الأسماء التي ترددت في كواليس المؤتمر هناك مصطفى مسداد، القيادي سابقا في «حزب منظمة العمل الديمقراطي والشعبي» ومحمد مجاهد، الأمين العام السابق لحزب «الديمقراطيين المستقلين». فيما يجري الحديث عن سعي أحمد حرزني، القيادي السابق ضمن «الفعاليات اليسارية المستقلة» والعضو المستقيل من الأمانة العامة الرباعية للحزب لطرح وثيقة مستقلة خلال المؤتمر والإعلان عن نفسه كتيار مستقل داخل الحزب. ويقوم عمر الزيدي، الأمين العام السابق لحزب «الحركة من أجل الديمقراطية» بمساع مماثلة للإعلان عن تيار خاص به. ومن أهم القرارات التي ستطرح على المؤتمر مشروع الإتفاقية التي أبرمتها قيادة الحزب مع جمعية «الوفاء للديمقراطية» المنشقة عن حزب «الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية» من أجل تحقيق وحدة إندماجية خلال مؤتمر استثنائي مشترك خلال سنة 2005 .