دبلوماسيون: اقتراح السعودية إرسال قوة إسلامية إلى العراق جاء بعد 3 أسابيع من المشاورات الدولية أجرتها الرياض

مسؤول سعودي: نطرح المبادرة لأننا نريد أن يقف الشعب العراقي على قدميه

TT

جاء اقتراح القيادة السعودية خلال مباحثات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز والأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد، مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول في جدة اول من امس ارسال قوات اسلامية الى العراق بعد اتصالات ومشاورات أجرتها السعودية مع عدد من الدول العربية والاسلامية وكذلك مع الامم المتحدة طيلة الاسابيع الثلاثة الماضية، حسبما اوضح دبلوماسيون سعوديون وأميركيون كبار. وناقش الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي تفاصيل المشروع مع كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة في الأسبوع الماضي بفيينا، حسبما قال دبلوماسي سعودي. وقال الدبلوماسيون السعوديون إنهم أطلقوا المبادرة لمواجهة المخاوف المتزايدة في العالم الإسلامي حول وجود قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة داخل العراق.

وناقش الامير سعود الفيصل أمس تفاصيل المقترح مع باول ورئيس الحكومة العراقية الانتقالية اياد علاوي في جدة وذكر مسؤولون اميركيون وعراقيون أمس انهم بحثوا الاقتراح السعودي. وصرح باول في مؤتمر صحافي «لقد بحثنا المبادرة السعودية وهي فكرة مثيرة للاهتمام ومرحب بها طرحتها الحكومة السعودية حول كيفية حشد قوات مسلمة اضافية للمساهمة في العمل في العراق». واشار باول الى ان مثل هذه القوة سترسل الى العراق «اما كجزء من قوات التحالف او كمنظمة منفصلة ستعمل في اطار جهود التحالف ولكنها ستكون موجودة هناك ربما لتقديم التسهيلات الامنية او توفير الحماية للامم المتحدة».

واضاف باول ان الفكرة لا تزال في مراحلها الاولى الا ان الولايات المتحدة «ترحب بها» وسوف «تدرسها خلال الايام القليلة المقبلة». واضاف باول ان «السعوديين اشاروا الى ضرورة تلبية بعض الشروط فيما يتعلق بتسلسل القيادة والترتيبات المتعلقة بالمهمات التي ستقوم بها القوات وما اذا كانت فرعا من قوات التحالف». وقال انه «لاسباب متعددة تقرر انه سيكون من الافضل عدم مشاركة الدول المجاورة للعراق في هذه الجهود». وطبقا لباول فان «العديد» من الدول الاسلامية تفكر في المشاركة في تلك القوة. وحول سبب عدم مشاركة الدول الاسلامية العربية في القوة الحالية، قال باول ان التحالف يضم 31 دولة وانه «تحالف قوي لاسباب عديدة»، مشيرا الى ان هناك اسبابا حالت دون مشاركة دول عربية واسلامية من دون ان يوضح هذه الاسباب.

من جهته، اكد علاوي ان الدول المجاورة للعراق لن تساهم بقوات واضاف «سندرس الاقتراح وسنواصل مناقشته مع قادة الدول العربية والاسلامية». واضاف «لقد كتبت الى القادة العرب والمسلمين (..) وسأتحدث الى بعضهم في الايام القليلة المقبلة لارساء بعض القواعد المشتركة».

الى ذلك، قال عادل الجبير، أحد مستشاري ولي العهد السعودي للسياسة الخارجية «نحن نطرح هذه المبادرة لأننا أولا نريد أن يقف الشعب العراقي على قدميه مرة أخرى ويسترجع سيادته بأسرع ما يمكن. ثانيا، هناك رغبة عارمة في العالمين العربي والمسلم لمساعدة العراق والشعب العراقي كي يقف على قدميه. ثالثا، نحن نقوم بذلك لأن عدم استقرار العراق له تأثير سلبي على السعودية واستقرار العراق له تأثير جد إيجابي على السعودية. نحن نريد تحقيق استقرار الوضع في العراق».

وكان رد فعل وزارة الخارجية الأميركية التي تسلمت مسؤولية الملف العراقي منذ 28 يونيو (حزيران) حيث تم في ذلك اليوم إعادة نقل السلطة للحكومة العراقية المؤقتة، تجاه المبادرة السعودية إيجابيا. وضمن هذا السياق قال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الذي يرافق باول «نحن ناقشنا الفكرة مع السعوديين وهم ناقشوها مع أطراف أخرى حول الكيفية التي يتم فيها تحقيق نشر الوحدات العسكرية من بلدان مسلمة لا حدود لها مع العراق... الهدف من ذلك هو أنهم يريدون مساعدة العراقيين في تحقيق استتاب الأمن. إنه هدف ندعمه ونحن سنبقى نتحدث معهم بخصوصه».

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأميركية يسافر حاليا مع باول إن الولايات المتحدة مهتمة ببحث تفاصيل هذه الخطة. ووصف القوة الإسلامية في بداية حديثه بأنها «إضافية» لكنه تراجع لاحقا ليقول بأنها قد تساعد في تشكيل «الحد الأدنى» الذي تطالب به قوات التحالف، لأنها لا تمتلك أي أطراف عربية معها.

وكان الأمير عبد الله والرئيس الأميركي جورج بوش قد ناقشا المبادرة لمدة عشر دقائق عبر الهاتف أول من أمس حسب بعض المصادر بعد المحادثة الهاتفية التي جرت بين الطرفين لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى حولها. وفي واشنطن قال ترنت دافي المتحدث باسم البيت الأبيض إن بوش شكر ولي العهد السعودي للقائه بباول ولمناقشته الوضع في العراق معه وللجهود السعودية لمحاربة الإرهاب على أرضها.

وتحدثت الحكومة السعودية أيضا مع القيادة العراقية حول إمكانيات إرسال قوة إسلامية إلى العراق. وقال مسؤولون إن الحكومة العراقية قد بدأت بالضغط على البلدان المسلمة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا كي ترسل وحدات إلى العراق.

وبعث العراق رسائل إلى حكومات بنغلاديش والبحرين ومصر والمغرب وتونس وعُمان وباكستان ـ طالبا إرسال وحدات عسكرية، حسبما قال مسؤولون عراقيون. وشدد المسؤولون السعوديون على أن فكرتهم هي ما زالت في مرحلتها الأولى. ومن بين القضايا التي يجب تدارسها هو فيما إذا كانت القوة الإسلامية ستكون جزءا من القوة المتعددة الجنسيات المدعومة من الأمم المتحدة مثلما يصر العراق أو أنها ستكون تحت مظلة منفصلة تابعة للأمم المتحدة أيضا. وقال مسؤول سعودي رفيع «نحن مستمرون في البحث عن أفكار حول كيفية التقدم إلى الأمام».

وتبدي الولايات المتحدة اهتماما بقضايا القيادة والإدارة. فخلال اسبوعين من المناقشات بين ادارة بوش والمملكة، كانت الولايات المتحدة متشككة بسبب عدم تعامل الدول المسلمة بالجدية اللازمة ازاء الطلبات التي تقدمت بها واشنطن سابقا. وتقول مصادر عربية ان تقديم هذه الدعوة بواسطة دولة مسلمة استجابة للمخاوف المتزايدة في العالم الاسلامي ازاء ما يجري في العراق، ستجد المزيد من الاهتمام خصوصا اذا نظر لها كخطوة في طريق إخراج القوات الاميركية من العراق، علما بأن السعودية تتمتع بنفوذ خاص في العالم الإسلامي.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»