محامي الدفاع يرفض تطبيق قوانين حقوق الإنسان على الجنود البريطانيين المتهمين بقتل وتعذيب عراقيين

TT

في اليوم الثاني للتداول بالقضايا التي رفعتها ست عائلات عراقية ضد وزارة الدفاع البريطانية بتهم ارتكاب جنودها جرائم القتل غير المشروع والتعذيب، بدأ محاموها ظهر أمس مرافعاتهم لتفنيد هذه الاتهامات. وسعى كريستوفر غرينوود كبير محامي الدفاع، الى اقناع المحكمة برفض طلب الادعاء تطبيق قوانين حقوق الانسان الاوروبية على جنود الاحتلال البريطانيين في العراق. واعتبر ان هذا الطلب لا يأخذ بالاعتبار ظروف العراق المختلفة وانه لا يزال يشهد «حرباً» متواصلة. وحذر من أن تلبيته ستؤدي الى عرقلة عمل الجنود البريطانيين والى تحميل السلطات العراقية المحلية مسؤوليات كبيرة امام القانون. وكان رئيس فريق الادعاء ركز في الجلسة الصباحية على هشاشة التحقيقات التي قالت الوزارة انها اجرتها للكشف عن ملابسات القضايا الست.

وفي وقت سابق، أدلى امام مبنى المحكمة العليا بلندن العقيد المتقاعد داود موسى ببيان حول قضية نجله بهاء الذي يتهم الجنود البريطانيين بقتله. كما مثل كفاح طه المطيري، الذي وقف الى جانبه، طرق التعذيب التي تعرض لها مع بهاء في المعتقل بالبصرة. وجلس الاثنان بصمت في المعقد الاول الى جانب المحامي فيل شاينر خلال جلستي الامس، ولوحظ ان العقيد المتقاعد واصل النظر الى الخلف محدقاً بمحامي الدفاع خلال تقديم الاخير مرافعته المطولة.

واستهل غرينوود كلامه مع افتتاح جلسة ظهر امس، بالتأكيد على رغبته أول الامر بـ«تفنيد» مزاعم محامي الادعاء رابندر سينغ حول عدم فشل الوزراة في تعزية عائلات الضحايا والاعتذار لهم. وإذ قال انه سيركز على القضايا الخمس التي تتصل بالتعذيب والحاق الاذى لان جهة اخرى سترافع في قضية بهاء موسى بالنيابة عن الوزارة، فقد شدد على ان التعزية «قُدمت وقت الحادث، عموماً بصورة شخصية «لذوي الضحية. واشار الى عدد من الرسائل التي وجهها القادة العسكريون للقوات البريطانية في جنوب شرقي العراق لعائلات الضحايا الخمس. كما لفت الى ذكر ضابط رفيع انه يعتزم «تقديم اعتذار عام» عن مقتل بهاء موسى، اضافة الى زيارة اهله زيارة شخصية وابداء اسفه الشديد لما حصل. ثم انتقل محامي وزارة الدفاع البريطانية الى تسليط الضوء على «الحقائق« التي اعتبر ان خصمه سينغ حاول بمهارة اخفاءها». وقال إن محامي الادعاء «طمس مدى اتساع الموضوع». ورأى ان تشريعات حقوق الانسان الاوروبية لا يمكن ان تطبق في العراق، خصوصاً ان خصوصياته لم تؤخذ بعين الاعتبار حين تم سن هذه القوانين. وذكر إن من المستحيل «تطبيق المواثيق (الاوروبية لحقوق الانسان) في ظروف لمكان كالبصرة» لانها «لم توضع ابداً للتطبيق في هذه الظروف». واعتبر ان «الحرب» لا تزال متواصلة لان «بقايا الجيش ( العراقي) المهزوم مستمرة بالقتال». ولفت الى «عدم امكان الفصل بين افتقار العراق للامن والحالات هذه». وأوضح ان التعذيب المزعوم في الحالات الخمس، جاء في أعقاب نشوب قتال بين الجنود وأبناء المنطقة كما ان ثلاثة من هؤلاء الجنود قتلوا قبل يوم واحد من وقوع احدى حالات التعذيب المفترض. واشار غرينوود الى ان تطبيق تشريعات حقوق الانسان الاوروبية على القوات البريطانية سيجعل من «الحرب» الراهنة فريدة من نوعها من الناحية القانونية وكانها «حرب لم تشن من قبل على الاطلاق». الا ان القاضي اللورد ريكس، الذي يرأس المحكمة مع القاضي فوربس، تحفظ على استعمال عبارة «حرب» مفضلاً وصف ما يشهده العراق بـ«التمرد». وكان محامي الادعاء، اخذ على وزارة الدفاع في وقت الجلسة الصباحية عدم قيامها بالتحقيق بصورة فعالة بهذه بالاتهامات الواردة في القضايا الست. وقال في خمس من هذه الحالات «لم تكن هناك تقارير طبية، أو افادات من شهود خارجيين، كما لم يفتح جهاز الشرطة العسكرية الملكية تحقيقات بالملابسات». واشار الى أن «العامل المقلق، اضافة الى عوامل أخرى، هو انهم غالباً ما اشاروا الى عدم جدوى اجراء تحقيق». ويسعى سينغ الى اقناع المحكمة باقرار تطبيق تشريعات حقوق الانسان الاوروبية على جنود الاحتلال في جنوب شرق العراق، وموافقتها على فتح تحقيقات مستقلة باتهامات القتل غير المشروع والتعذيب وإلحاق الاذى. وقد حذر بصورة مبطنة من عرض القضية على المحكمة الاوروبية في ستراسبورغ. ولفت الى ان من غير المنطقي ان ترفض المحكمة البريطانية البت بالدعوى المتعلقة بجنود بريطانيين مما سيضطر الادعاء، كما في حالات سابقة، الى تقديمها امام محكمة ستراسبورغ للبت بها هناك. وقبل بدء جلسات اليوم الثاني، عرض داود للصحافيين والدموع تغالبه صور حفيديه اليتمين، وهما في الخامسة والثالثة من العمر. وتحدث ضابط الشرطة العراقي السابق، الذي تأخر وصوله إلى لندن عن موعده المعلن ثلاثة ايام «بسبب اجراءات الفيزا»، بصورة عاطفية عن ابنه، 26 عاماً، الذي «قتل في المعتقل». وقال «عندما رأيت جثة ابني شعرت بالهلع. فهو كان قد تعرض للضرب بشكل مبرح للغاية، ولم استطع تحمل النظر اليه». واضاف إن قوات الاحتلال البريطانية عرضت عليه 5000 دولار غير ان العائلة رفضت قبض المبلغ لان في ذلك «إهانة لكرامتنا». وأشار إلى انه وعد بفتح تحقيق حول القضية، الا انه لم يبلغ ان «احداً قد اعتقل أو ادين بارتكاب اي جريمة». وذكر «انا لست ضد (وجود) القوات البريطانية في العراق وانا سعيد بأن صدام حسين قد ولى». وتابع «بيد ان عائلتي تطلب العدل بعد هذا الموت المروع لابننا».

الى ذلك مثل المطيري اساليب التعذيب التي اخضع لها مع بهاء وسبعة آخرين في البصرة. ومثل كيف اخفى الجنود البريطانيون رؤوس المحتجزين بقبعات تغطي الرأس وجزءا من العنق، وكانوا يقدمون لهم ماء الشرب عن طريق صبه فوق هذه القبعات. كما ذكر انه ورفاقه حرموا من النوم وتم صب الماء المثلج عليهم. ويشار الى ان المطيري افاد المحكمة اول من امس انه سمع آخر كلمات نطق بها بهاء قائلاً إنه كان يموت ودماؤه تنزف. وقال ان ذلك تم في الليلة الثالثة في 17 سبتمبر ( ايلول) 2003 لاعتقالهما مع 7 من زملائهما العاملين في فندق ابن الهيثم بالبصرة. واوضح الشاهد الذي كاد يموت بدوره بسب التعذيب في «دار الضيافة»، وهو بيت استقبال لعدي صدام حسين بالبصرة حوله البريطانيون إلى قاعدة عسكرية.