الاستخبارات الإسرائيلية تفخخ غزة وتزرع الكاميرات وأجهزة التنصت استعدادا للانسحاب في مارس المقبل

TT

لم يكن تصريح رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، حول بدء الانسحاب من قطاع غزة وفق خطة فك الارتباط، في مارس (اذار) المقبل، تصريحا اعتباطيا، كما لم يأت من فراغ. وحسب ما جاء في العدد الاخير من نشرة «فورين ريبورت» نصف الشهرية الصادرة عن مجلة «جينز انتليجنس» الشهرية البريطانية فان جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية «امان» سينتهي في هذه الفترة من زرع اجهزة تنصت وكاميرات والغام في مناطق حساسة ومختلفة من القطاع.

وقال التقرير انه في الوقت الذي تستعد فيه المؤسسة العسكرية الاسرائيلية لانسحاب محتمل من القطاع يضاعف «امان» جهوده في هذه العملية. ووفق النشرة فان «امان» يعمل الان وبكل ما اوتي من قوة لزرع احدث اجهزة التجسس الرقمية (ديجيتال) في القطاع قبل رحيل الجيش عنه وذلك من اجل وضع الفصائل الفلسطينية، او بالاحرى نشطائها، تحت الرقابة الاسرائيلية الدائمة، ونقل اي معلومات مباشرة الى مقر «امان» في تل ابيب.

ويتمثل التغيير الاول الذي سيجريه «امان» على حد قول «فورين ريبورت» في زرع كاميرات خفية في المواقع المركزية في القطاع تكون مرتبطة مباشرة بمحطات رصد حي داخل اسرائيل، تعمل على مدار ساعات اليوم. وفي حال وجود نشاطات مشبوهة مثل التحضير لاطلاق صواريخ على مدن يهودية فان هذه المعلومات تبث عبر الاتصال الالكتروني الكومبيوتري الى اسراب طائرات الهليكوبتر الهجومية التي ستكون جاهزة لتنفيذ عملية ضرب الهدف المعني في غزة.

وتضيف النشرة ان عملية زرع الكاميرات التي تتحمل كل التقلبات الجوية وتعمل ليل نهار تحتاج الى اشهر، خاصة ان العمل الاساسي فيها هو تركيب هذه الكاميرات بشكل سري واخفاؤها بطرق يصعب على الفلسطينيين اكتشافها.

واما التغيير الثاني فسيتمثل في زرع اجهزة تنصت في المباني الرئيسية مثل مكاتب السلطة او الفصائل المختلفة. وهذه ليست مهمة صغيرة بل كبيرة للغاية، حسب «فورين ريبورت»، اذ تخطط اسرائيل للسيطرة على ورصد جميع خطوط الهاتف وانظمة الاتصال في القطاع بشكل يمكن الاجهزة الامنية من رصد تحركات واتصالات النشطاء. ويخطط الانتهاء من هاتين العمليتين في شهر مارس (اذار) المقبل ـ اي مع بدء عملية الانسحاب التي من المقرر لها ان تنتهي في سبتمبر (ايلول) 2005.

وتؤكد «فورين ريبورت» ان بعض التوغلات الاسرائيلية في منطقة رفح جنوب غزة والمناطق الاخرى، المعروفة بوجود كبير للنشطاء الفلسطينيين فيها ، لم تكن اهدافها عسكرية بل كانت غطاء لهذه العملية الاستخبارية الضخمة.

وثمة خطة اسرائيلية اهم بل اخطر واكثر تعقيدا يجري تنفيذها في غزة، اذ يفترض الاسرائيليون ان يواصل النشطاء الفلسطينيون شن الهجمات من القطاع. لذا فان الاستخبارات العسكرية بدأت عملية تفخيخ المواقع الرئيسية في غزة مثل المباني والمكاتب ومفارق الطرق الرئيسية وحتى محطات الحافلات. وستعمل الاستخبارات على تنشيط هذه الالغام من على بعد اذا ما اكتشفت اجهزة الرصد لديها ان النشطاء يخططون لعملية معادية.

ويعتقد الاسرائيليون انه، وبسبب ضيق المساحة الجغرافية للقطاع، سيكون من السهل عليهم، بعد الانتهاء من هذه الخطة، السيطرة عليه .. الامر الذي سيقلل عمليات التوغل العسكري التي تعمل على اثارة غضب دولي.