الجيش الإسرائيلي يقيم 8 مستوطنات على أراضي فلسطينيي 48 لإرضاء المستوطنين

TT

في محاولة منها لارضاء المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة، قررت قيادة الجيش الاسرائيلي العودة الى سياسة «الاستيطان العسكري» وهذه المرة على اراضي فلسطينيي 1948 في منطقتي وادي عارة (على حدود الضفة الغربية) والنقب (في الجنوب).

يذكر ان الجيش الاسرائيلي اعتاد منذ سنة 1951، على اقامة مستوطنات عسكرية، تحولت شيئا فشيئا الى مستوطنات مدنية. وقد بدأ هذا التقليد رئيس الحكومة الاول، دافيد بن غوريون، بهدف تشجيع الجنود وتربيتهم على ثقافة الاستيطان. فكانوا يقيمونها كمعسكرات جيش. ويشجعون الجنود على البقاء فيها ايضا في العطل الاسبوعية. ويوكلون اليهم مهمات استيطانية مدنية، مثل الفلاحة واستصلاح الاراضي ونقل المياه وتربية المواشي. فيرتبط الجنود بالأرض ويبقون فيها حتى بعد تسريحهم من الجيش. ثم يقومون بتشجيع ذويهم وأقربائهم وأصحابهم، للانضمام اليهم فيها.

وأقيمت بهذه الطريقة عشرات المستوطنات، بالأساس في تخوم اسرائيل. ثم انتقل التقليد الى المناطق الفلسطينية (الضفة الغربية بالأساس) والسورية (هضبة الجولان) المحتلة. لكن هذا التقليد توقف في سنة 1996، اثر مسيرة السلام وبدء التقليصات في الميزانية العسكرية.

وقررت قيادة الجيش العودة الى هذا التقليد، هذه السنة، حتى لا يبقى الانطباع ان الجيش ينشغل فقط في تنفيذ خطة الفصل (اخلاء المستوطنات في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية)، وبذلك يكسب رضى المستوطنين في المناطق الفلسطينية المحتلة. وينوي الجيش، في هذه المرحلة، اقامة 8 مستوطنات، سبع منها في النقب، بدعوى «مقاومة خطر سيطرة البدو على اراضي الدولة» والثامنة على حدود الخط الاخضر (الفاصل بين اسرائيل ما قبل حرب 1967 وبين الضفة الغربية) في وادي عارة. والاراضي التي ستقوم عليها المستوطنات، كانت قد صودرت بأوامر ادارية، بحجة خدمة اهداف عسكرية. وما زال فلسطينيو 48 يطالبون باستعادتها.

ويشكو اصحاب الاراضي من انهم يتحولون مرة اخرى الى ضحية العملية السلمية، حيث انهم ينضمون الى الألوف من فلسطينيي 48 الذين صودرت اراضيهم. وينوون وضعها تحت تصرف المستوطنين الذين سيأتون من مستوطنات قطاع غزة.

يشار الى ان المستوطنين يرحبون بمثل هذه المستوطنات، لكنهم لا يرون فيها بديلا عن المستوطنة في المناطق الفلسطينية المحتلة. ولهذا، فان الجيش لن يكسب ودهم. والهدف الوحيد الذي يحققه هو نهب المزيد من اراضي فلسطينيي 48.

من جهة ثانية، وفي اطار التقليصات في الميزانية الحربية وتوسيع نطاق الخصخصة في الجيش الاسرائيلي ومواجهة ظاهرة رفض الخدمة في الجيش، اعلن عن سلسلة تغييرات جوهرية في نظام الخدمة العسكرية النظامية والاحتياطية.

فعلى صعيد الخدمة النظامية، تقرر اجراء تقليص في مدة الخدمة من 3 سنوات الى 2 ـ 2.5 سنة بالنسبة لغالبية المجندين. ومن يخدم في السنة الثالثة، سيعطى راتبا بقيمة 900 دولار اميركي (بدلا من 110 دولارات اليوم). وفي البداية، سيتم تسريح 15% ـ 20% من الجنود في السنة الاولى، وسترتفع هذه النسبة اكثر في المستقبل.

اما على صعيد الخدمة الاحتياطية، فان الجيش سيواصل تقليص ايام الخدمة، من 35 يوما في المعدل السنوي سنة 2000 ـ 2001 الى 13 يوما في السنة المقبلة (2005). علما بأنها بلغت 16 يوما في السنة الجارية و18 يوما بالمعدل في السنة الماضية.

يذكر ان هذه التغييرات جاءت اثر ضغوط سياسية وبرلمانية، بعد استمرار النشر في اسرائيل عن اعباء الخدمة العسكرية والشعور بأن جمهور الشباب لم يعد يحتملها. وحسب الاحصائيات الاخيرة فان 75% من الخدمة الاحتياطية في الجيش يؤديها 35% من الجنود، مما يعني ان 65% من جنود الاحتياط لا يفعلون شيئا تقريبا. ولهذا جرى تقليص ايام خدمتهم من جهة، واعفاؤهم من خدمات عديدة مثل حراسة المستوطنات (التي سيناط بها الى المستوطنين انفسهم مقابل اجرة) وحراسة المدارس والمرافق التجارية في المستوطنات (التي سيجلب لها حراس مدنيون من شركات الحراسة الخاصة).

واما الخدمة النظامية، فقد تبين ان 77% من الشباب اليهود في سن التجنيد، يتقدمون للخدمة. وان نسبتهم تنخفض الى 60% في نهاية الخدمة (حيث ان 17% يتركون الجيش خلال الخدمة). هذا فضلا عن رفض الخدمة لأسباب ضميرية وسياسية. لذلك، جاء تقليص الخدمة النظامية، ليس فقط للتوفير في المصاريف، بل بهدف تخفيف عبء الخدمة عن كاهل الشباب.