المؤتمر الديمقراطي ركز على التعريف بشكل أفضل بمرشحه للرئاسة وتصحيح صورته كمثقف متعال على الشارع

TT

حدد مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جون كيري التزاما ثابتا يتمثل في طموحه السياسي رغم انه مقاتل حصل على العديد من ميداليات الشرف لكنه تحول الى ناشط سلمي في السبعينات.

وطوال اربعة ايام، ركز المؤتمر الديمقراطي في بوسطن على التعريف بشكل افضل بهذا الرجل ، 60 عاما، وتصحيح صورته كمثقف يحتفظ بمسافة بعيدا عن الاخرين، وذلك من خلال إفادات رفاقه في فيتنام واصدقائه السياسيين وزوجته وصهره.

وغالبا ما عمد السناتور عن ولاية ماساتشوستس، الذي يهوى الرياضة والشعر ويراه البعض خجولا، في حين يعتبره الاخرون متعاليا، الى تفسير تحفظه الظاهر للعيان ببقائه وحيدا في المدارس السويسرية وتنقلات والده الدبلوماسي من بوسطن الى واشنطن ومن برلين الى اوسلو.

وقال في هذا الصدد: «كنت دائما اقول الى اللقاء وهذا يضفي على الانسان قشرة من القسوة».

لم تكن لعائلة كيري ثروة كبيرة، لكنه يفتخر بأصوله من جهة والدته كونها متحدرة من جون وينتروب، اول حاكم لولاية ماساتشوستس، كما انها من عائلة فوربس الارستقراطية.

وقد نشأت روز ماري فوربس مدة من الزمن في فرنسا حيث التقت في خضم الحرب العالمية الثانية زوجها الذي كان جنديا، وحيث ولد جون في 11 ديسمبر (كانون الاول) 1943. وامضى جون القسط الاكبر من طفولته في اوروبا وتعلم اللغة الفرنسية التي لا يزال يتكلمها بطلاقة. وبرز طموحه السياسي فور عودته الى معقل العائلة في نيو انغلاند يافعا. وكان مثله الاعلى جون كينيدي، السناتور الشاب عن الولاية والرئيس بعد ذلك. وعام 1962 تعرف كيري الى الاخت غير الشقيقة لجاكي كينيدي، الامر الذي سمح له بدخول مقر العائلة والتقاء مثله الاعلى.

وقال القائمون على حملته الانتخابية انه سيتنبى نهجا مغايرا لذلك الذي اتبعه الرئيس الاميركي جورج بوش بالتحرك منفردا والتركيز بدلا عن ذلك على الدبلوماسية لكسب الحلفاء في الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة على الارهاب.

وانخرط كيري في جامعة يال حيث تخرج عام 1966، وعرف بمواهبه الخطابية. لكن فيتنام صقلت شخصيته بعد ان خدم في البحرية كضابط مدفعية في دلتا ميكونغ وحصل خلال خدمته على عدد من الأوسمة الرفيعة، بينها ثلاثة تم تقليده إياها نتيجة إصابته في الحرب التي ندد بها واسماها «الحرب القذرة».

ودفعته معارضته للحرب الى المشاركة في تنظيم مظاهرة ضخمة عام 1971 امام الكونغرس لفتت انظار الرئيس الجمهوري وقتها ريتشارد نيكسون. وفي ابريل (نيسان) من العام نفسه ـ وكان في السابعة والعشرين ـ شهد كيري ضد الحرب امام الكونغرس.

وقد جرب عبثا الفوز في الانتخابات الى الكونغرس لكنه فشل فاتجه الى اكمال دراسته ليصبح محاميا. فتم تعيينه مدعيا عاما مكان صاحب المنصب الذي اصيب بمرض مدة ثلاثة اعوام في ماساتشوستس، وبدأ مستقبله السياسي الى جانب عائلة كنيدي التي تعتبر هذه الولاية معقلا لها.

واخيرا، في 1984 انتخب كيري للمرة الاولى في مجلس الشيوخ حيث ابدى اهتماما بملفات السياسة الخارجية من فضيحة «ايران غيت» الى تطبيع العلاقات مع فيتنام.

وكيري ذو القامة الطويلة (1.9 متر) والوجه المستطيل تزوج للمرة الثانية من تيريزا هاينز، وريثة احدى اكبر مؤسسات الاغذية. وهو رياضي لم تفارقه دراجته الهوائية اثناء الحملة الانتخابية. كما يحدث ان يظهر على دراجة نارية «هارلي ديفيدسون» بسترة جلدية او ان يعزف مقطوعة موسيقية على الغيتار، او ان يؤلف ابياتا من الشعر.

وبعد عشرين عاما، لا يزال كيري مجهولا لدى البعض حتى في دائرته الانتخابية حيث اعيد انتخابه بسبب احترام الناخبين له وليس لمحبتهم اياه، وهو الامر الذي يشكل مفارقة بالنسبة لمرشح الى الرئاسة يجب ان يتعلم كيف يكسب قلوب مواطنيه. ويأخذ عليه منتقدوه ان مواقفه السياسية تتغير باستمرار. فهو يندد اليوم بشدة باجتياح العراق، بعدما كان صوت لصالحه. ولكيري ابنتان من زواج سابق. وقد خضع السنة الماضية لعملية ناجحة لاستئصال سرطان في البروستات.

وعقب اعلان الحزب الديمقراطي ترشيحه رسميا لخوض سباق الرئاسة في وقت متاخر من مساء اول من امس، وضع فريقه اولويات السياسة الخارجية التي تقضي بمنح الولايات المتحدة الدول الاخرى دورا رئيسيا. وقال ريتشارد هولبروك، السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة، ان «كيري شخص ذو توجه دولي». ويرجح ان يصبح هولبروك وزيرا للخارجية في حال فوز كيري في الانتخابات.

واضاف هولبروك انه خلافا لقرار بوش بشن الحرب على العراق من دون دعم من الامم المتحدة، فإن كيري سيعمل على تعزيز المنظمة الدولية. الامم المتحدة منظمة لا يمكن الاستغناء عنها رغم انها تعاني من العيوب. انها منظمة تعاني من الفوضى ولكنها المنظمة الوحيدة المتوفرة».